خبر مقاطعة ستيفن هوكينغ ضربة أكاديمية لإسرائيل

الساعة 07:19 ص|10 مايو 2013

حلمي موسى

شكل امتناع أحد أبرز عمالقة العلم في العالم، الفيزيائي ستيفن هوكينغ عن المشاركة في «مؤتمر الرئيس» الذي يرعاه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ضربة معنوية كبيرة للدولة العبرية. فقد جاء امتناع هوكينغ عن المشاركة ليس لأسباب صحية ولا لارتباطه بمواعيد أخرى، وإنما لتأييده مبدأ مقاطعة إسرائيل أكاديمياً بسبب اضطهادها الفلسطينيين. ومن شبه المؤكد أن إبطال هوكينغ لمشاركته في «مؤتمر الرئيس» يقدم الدعم لجهود مقاطعة إسرائيل، التي تقوم بها منظمات أكاديمية كثيرة في العالم، من بينها اللجنة البريطانية من أجل الجامعات في فلسطين.
وكانت إسرائيل قد شعرت في الأشهر الأخيرة انها أفلحت في احتواء الجهود الدولية التي يقوم بها أنصار فلسطين لمقاطعتها في ميادين مختلفة اقتصادية وسياسية وأكاديمية. ولكن إقدام هوكينغ على المشاركة في المقاطعة أظهر أن جذوة هذه المقاطعة تتقد، وأنها قابلة للتوسع في كل حين، خصوصاً بعد انضمام المزيد من مشاهير رجال العلم والقانون والفن والأدب في العالم للحملة، وتأكيدهم على مشروعيتها. وكتب موقع اللجنة البريطانية من أجل الجامعات في فلسطين «BRICUP»، الذي نشر موقف هوكينغ، أن قراره اتخذ «بشكل مستقل وبناء على معرفة هوكينغ بالقضية الفلسطينية والموقف الحاسم الذي عرضه أمامه أكاديميون فلسطينيون على صلة دائمة به». وأكدت النبأ ليس فقط جامعة كامبردج، وإنما أيضاً لجنة «مؤتمر الرئيس» الإسرائيلية.
ومن المهم معرفة أن الجزء الأساس من حملة المقاطعة لإسرائيل تقوده منظمة تعرف باسم «Boycott, Divestment and Sanction» ، واختصاراً «BDS» (بي دي إس)، وتعني «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات». وهي تتألف من جمعيات وهيئات يسارية عديدة في أنحاء متفرقة من العالم. وقد نجحت هذه الحملة على وجه الخصوص في أوروبا وأميركا، بالرغم من أن تيارات أخرى مناصرة للفلسطينيين خالفتها الرأي في موقفها الحاسم والشامل تجاه كل ما هو إسرائيلي. ورأى المعتدلون بين أنصار المقاطعة أنه يجب التمييز بين مقاطعة كل الجامعات الإسرائيلية أم تلك المقامة على الأراضي المحتلة العام 1967، ومقاطعة كل البضائع أم فقط بضائع المستوطنات.
وأشارت صحف إسرائيلية إلى أنه منذ الإعلان قبل أربعة أسابيع عن أن هوكينغ سيشارك في مؤتمر الرئيس، تعرض الفيزيائي الشهير لضغوط كثيرة من جانب منظمات في بريطانيا وخارجها تدعو لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً. وفي النهاية أسر هوكينغ لعدد من زملائه أنه أصغى لنصيحة عدد من نظرائه الفلسطينيين وقرر إلغاء مشاركته. وقد سبق لهوكينغ أن زار إسرائيل، وشارك في مؤتمرات فيها مرات عدة، كان آخرها في العام 2006.
تجدر الإشارة، إلى أن مؤتمر الرئيس سيعقد في 18 حزيران المقبل، ويستمر ثلاثة أيام تحت رعاية الرئيس الإسرائيلي، ومشاركة الجامعة العبرية في القدس. وستشارك في المؤتمر المغنية الأميركية بربارة سترايساند، التي ستغني في افتتاحه لمناسبة عيد ميلاد بيريز. كذلك، سيشارك الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والرئيس السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشوف.
وردّ رئيس «مؤتمر الرئيس»، إسرائيل ميمون بغضب على قرار هوكينغ إلغاء مشاركته، معتبراً انه قرار «مثير للغضب وخاطئ». وأضاف ان «استخدام المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل مثير للغضب وغير مناسب، وبالتأكيد لدى من يرون روح الحرية أساساً للرسالة الإنسانية والأكاديمية. وإسرائيل دولة ديموقراطية يمكن لكل واحد فيها أن يعبر عن رأيه مهما كان. وفرض المقاطعة لا يستقيم مع الحوار الديموقراطي العلني والمفتوح». وشدد على أن موقف هوكينغ «يشجع المتطرفين، والمتطرفون لا يتحاورون، ولكن المعتدلين يتحاورون، والمقاطعة ليست سبيلاً لتعزيز الحوار، بل هي تشجيع للتطرف».
عموماً، تضاف مقاطعة هوكينغ لإسرائيل إلى نجاحات الحملة الداعية للمقاطعة. ففي شهر نيسان الماضي، أعلن «اتحاد المعلمين الايرلندي»، الذي يضم أكثر من 14 ألف معلم ثانوي ومحاضر جامعي، تأييده بالإجماع المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل. وجاء في البلاغ الصادر عن هذا الاتحاد، انه التشكيل الأول في أوروبا الذي يتبنى سياسة المقاطعة الشاملة. وأكد البلاغ ان الاتحاد قرر معاملة إسرائيل على أساس أنها دولة تفرقة عنصرية، ودعا أعضاءه لوقف أي تعاون ثقافي أو أكاديمي مع إسرائيل، لا سيما تبادل العلماء والطلاب والتعاون في الأبحاث.
وفي نهاية الشهر الماضي أيضاً، أعلن اتحاد الطلاب الأميركيين من أصل آسيوي تأييده لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً. وبالإجماع اتخذ قراره في مؤتمر عقده في سياتل. واستند المؤتمر في قراره إلى واقع أن الجامعات الإسرائيلية شريكة في انتهاك القانون الدولي الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية، وهي تميز ضد الأكاديميين والطلاب الفلسطينيين.
وبالرغم من محاولات بعض القادة السياسيين والأكاديميين الإسرائيليين الاستهانة بمساعي حملة مقاطعة إسرائيل إلا أن رئيس جامعة حيفا، عاموس شابيرا، أكد أن المقاطعة ليست فقط مشكلة الجامعات، وإنما هي مشكلة إسرائيل بأسرها. وفي نظره، فإن «مقاطعة دولة إسرائيل، أو المقاطعة الأكاديمية لأي من المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل أشبه بفرض حظر نفط أو أي حظر آخر. يجب على دولة إسرائيل أن تنهض وتستثمر أكثر في الدعاية في الجامعات الخارجية، وغير مقبول ترك الجامعات في الخارج مهملة».