خبر يُحتاج الى حمية تهديدات- هآرتس

الساعة 10:36 ص|08 مايو 2013

 

يُحتاج الى حمية تهديدات- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: مسار اتخاذ القرارات في اسرائيل مخطيء متهور قد يفضي الى تفجير في المنطقة - المصدر).

        كم من الصواريخ يوجد عند حزب الله؟ وكم عند سوريا؟ ومن يملك سلاحا كيميائيا ومن يملك سلاحا بيولوجيا؟ ومن يهدد بالسلاح الذري ومن يهدد بمجرد سلاح تقليدي؟ ومن الذي ينوي تنفيذ عملية في القدس ومن الذي سيطلق راجمات صاروخية من غزة؟ هل نسينا تهديدا ما؟ آه، أجل، من الذي يتخذ القرارات في اسرائيل؟.

        حدّثونا الى الآن عن ان حزب الله يملك عشرات آلاف الصواريخ الموجهة الى أهداف في اسرائيل. وصورت صور مدهشة وملونة وخفاقة دوائر مدى صواريخ المنظمة. ولا توجد بحسبها أية مدينة أو قرية في اسرائيل ستجد ملاذا من الصاروخ الشيعي. اجل انه تهديد كما ينبغي. لكن لا أحد فكر وبحق أنه سيكون من الحكمة الهجوم على مخازن هذه الصواريخ وتدميرها في داخل لبنان. وبعد ذلك قصفنا رئيس قسم البحث في "أمان" بالكشف المجلجل عن ان النظام السوري استعمل سلاحا كيميائيا – وهذا سبب سائغ آخر للحرب، بل حذّر رئيس الوزراء نفسه من ان استعمال السلاح الكيميائي يعتبر تجاوزا لخط أحمر سيفضي الى رد عسكري. وتلوّت الولايات المتحدة لكنها استقر رأيها ايضا في هذه الاثناء على أن الخط الاحمر ايضا قد يكون مصنوعا احيانا من المطاط. هل يكون تدخل عسكري اسرائيلي؟ اجل لكن لا بسبب السلاح الكيميائي.

        أُلصق بالهجوم على سوريا تفسير ثقيل الوزن وهو ان هذه الصواريخ أدق ومداها أطول وقد تصيب سفن سلاح الجو وهي في الأساس سلاح "يكسر التعادل". وهذه حجة تثير العناية وتشير الى أن اسرائيل وحزب الله هما في وضع "تعادل" وكأنهما جيشان ضخمان يعد كل طرف منهما عدد الدبابات والطائرات والصواريخ التي يملكها الآخر ويحرص على ميزان رعب.

        يجوز لنا ان نتساءل. وأن نقول ماذا كان سيحدث لو بقيت هذه الصواريخ في سوريا؟ فهي هناك ليست خطرا على اسرائيل. فهل نحتاج خاصة الى ذريعة حزب الله؟ واذا استقر رأي سوريا على استعمال صواريخ سكاد عندها على اسرائيل فان ذلك ايضا خطر كبير قد يكبر أكثر اذا وقعت هذه الصواريخ في أيدي عصابات العصيان الاسلامية. لكننا لا نحارب سوريا ولا يجوز لنا ان نتدخل في المعركة السورية الداخلية التي قُتل فيها تسعون ألفا من المواطنين وربما أكثر. إننا لا نحارب إلا من تُعادل قوته قوتنا، أي حزب الله. وهذا مشروع لكن ماذا عن عشرات آلاف الصواريخ التي أصبح حزب الله يملكها؟ أوليست تهديدا؟ وربما لم يكن كل الهجوم على سوريا إلا لنقل رسالة الى ايران تقول إننا قادرون على الوصول إليها ايضا.

        لكننا لا نستطيع العمل على مواجهة ايران – وهي التهديد الوحيد – لأننا وعدنا واشنطن بأن ننتظر الى الانتخابات الرئاسية في ايران على الأقل التي ستُجرى بعد ستة اسابيع. عضضنا على شفتينا وابتلعنا ريقنا وأوضحنا سريعا ان التهديد الايراني يمكنه الانتظار. ومُط خط أحمر آخر كقطعة مطاط. وقد أعلن رئيس "أمان" السابق أن ايران اجتازت الخط الاحمر، أما رئيس الوزراء والد قنبلة العرض فقال إن الخط الاحمر لم يتم اجتيازه بعد. أربما نكتفي اذا بالقضاء على البنية التحتية للارهاب في غزة؟ فهناك ايضا توجد آلاف القذائف الصاروخية والصواريخ والراجمات الصاروخية التي جاءت عن طريق سيناء وليبيا. أربما يكونون "كسروا التعادل" هناك ايضا؟ وهنا خيبة أمل اخرى. فالهجوم على غزة يعني وقوع صواريخ القسام وغراد على عسقلان وسدروت وبئر السبع وتل أبيب، والهجوم في سيناء يعني أزمة مع مصر.

        يصعب حقا أن نكون دولة مهدَّدة حينما تقيد قيود سياسية يديها وحينما لا يكون الخط الاحمر خطا أحمر. ولا مناص في هذا الوضع سوى لزوم حمية تهديدات والاعتراف بأنه ليس كل تهديد تهديدا وجوديا يوجب الرد. إن آلاف صواريخ حزب الله لم تُطلق على اسرائيل منذ كانت حرب لبنان الثانية، ولا تُطلق حماس قذائف صاروخية منذ كان اتفاق وقف اطلاق النار، وتعرف ايران كيف تتجنب مط رخصتها الذرية الى ان تُقطع. لم يُقلل تدمير الصواريخ في سوريا وزن التهديدات بغرام واحد. يجب الآن فقط ان نأمل ألا يُحدث أكبر تهديد حقا، وهو مسار اتخاذ القرارات في حكومة اسرائيل، موجة الانفجار.