خبر كيف تعامل القران مع نظرية التناقضات المركزية والثانوية ..عبد الله الزق

الساعة 10:00 ص|08 مايو 2013

الاغلبية لا ينتبهون لهذه المساله الاخطر في العمل الدعوي والسياسي ويتخيلون ان القران نصوص جاهزة كالواح موسي بينما المتعمق في حديث القران يري اثر هذه النظرية واضحة الدلالة في كل الايات  المنزلة'علي مكث'في الفترتين المكيه والمدنيه ايضا اذ كيف يكون شكل القران لو ان الله قد حدد لمحمد ان العدو المركزي للدعوة الاسلاميه هم المكون اليهودي والمسيحي؟

من المؤكد ان الايات القرانيه ستكون مختلفه عما جاءت تتحدث عنه وان طبيعة الفكر الاسلامي المطروح قرانيا ستكون غير ذلك اكيد كان سيدخل في اشتباك حاد مع اهل الكتاب منذ البدايات وفي مكه قبل ان يصل الي المدينه المنورة ومن المؤكد انه لن يطرح القصص القراني في العهد المكي من زاويه الصراع التناقضي الحاد بينهم وبين ملوك الاستبداد الفكري والسياسي ربما لن نجد مصطلح اهل الكتاب بما تحمله الكلمه من مراعاه عوامل ابداع التلاقي بين الاسلام وبين هؤلاء وربما لن ياتي التشريع باستحلال مأكولاتهم والزواج من بناتهم وما هو مؤكد ومن هذه الزاويه بالذات لم يكن ليفرح المسلمون بنصر الله وهو نصر الروم علي الفرس وبالتاكيد سينقلب المشهد العاطفي الي حزن شديد وانعدام مشاعر الفرح بهذا الانتصار

حديثي هذا ياتي من باب اهميه تحديد معني العدو المركزي في الصراع السياسي والعقائدي وتاثيراته علي مجمل حياة الدعوة والداعيه وعلاقاته مع المكونات المقابله للاسلام اذ لو لم يحدد الله عداء المسلمين المركزي مع الكفار من قريش لم يقل منذ البدايات ان لا لقاء علي اية ارضيه عقائديه مع هؤلاء الكفار ولم نر اثرا للايه الكريمه ودو لو تدهن فيدهنون ولا الايه التي اتت بكل الوضوح ' قل ياايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد' وبالتاكيد فاننا لن نجد القران يتحدث عن تحليله للتاريخ كصراع بين المؤمنين وبين الاستبداد الشركي في مواجهة المستضعفين من اهل الكتاب

وبالتاكيد لن نجد الدعوه الالهيه للمسلمين بضرورة التوجه الفكري لبحث التلاقي علي الارضيات المشتركه بين المسلمين واهل الكتاب 'قل يااهل الكتاب تعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا '

وعليه فان نظريه التناقضات الثانويه والمركزيه كانت حاضره في القران المكي والمدني ولم تاتي اياته عبثا وبدون ادراك لطبيعه الاختلاف بين هذا الفكر او هذا الفكر رغم التاكيد الالهي علي المفارقه العقائديه بين الاسلام من جهة وبين كافة المكونات العقائديه سواء كفار قريش او كفار اهل الكتاب حيث اكد كفرهم اذ قال لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثه وكفر مثلهم من قال ان العزير ابن الله كما هي حال الكفار من قريش ورغم ذلك اكد القران علي ضرورة التمايز في التعامل بين هذه المكونات المختلفه الي درجه البحث عن امكانيه التحالفات مع العدو الثانوي في مواجهة العدو المركزي المتمثل في كفار قريش لولا ضرورات التمايز التي حكمتها نظرية التناقضات الثانويه والرئيسيه لاختفي فعلا مصطلح اهل الكتاب من القران الكريم بما تحمله من معني ضرورات التعامل المتميز والمغاير لضرورات التعامل مع كفار قريش حتي علي مستوي العلاقات الاسريه والاجتماعيه اذ اجاز القران زواج المسلم من كتابيه مع انه لم يجز زواج المسلمه من كتابي وهو معني يتضمن الاتصال في العلاقه الاجتماعيه بينما القطع فيما يتعلق بالعلاقه الفكرية قد يتساءل البعض ما الذي اعنيه بطرح هذا الموضوع ميته وضرورته في اللحظه المعاصرة قد يتساءل البعض الم يستقر الوحي علي هذه التقسيمات العقائديه بينما لا يحتاج منا الامر الا للقراءه في القران وتطبيق مفاهيمه علي الواقع المعاصر؟

ما الذي تريده منا؟

هنا المفارقة

ان القران بما هو منهج للوعي كانت نصوصه تتنزل علي محمد ضمن تفاعلات هذا المنهج مع مكونات هذا الواقع الاجتماعي والسياسي والفكري عربيا وعالميا في لحظه زمانيه معينه افرزت بدورها هذا النص القراني مكيا او مدنيا بشكل اخذ في الحسبان تطورات الحاله وتفاعلاتها مع الاحداث التي انتجها النص او توجه نحوها بالتحليل والنقد في عملية بناء الانسان المسلم وسط تفاعلاته مع احداث عصره اخذا بعين الاعتبار التحولات الكائنه والمتحركه في عملية تفاعلات جدليه وصلت الي حد الانتصار النهائي علي كل اشكال الكفر في الجزيره العربيه متاهلا الي نقلة التفاعل علي المستوي العالمي كي تستقر الامور عبر الايه التي حملت اشارات منهجيه تؤكد علي مركزيه العداء للعنصر اليهودي عبر ايات سورة الفاتحه من حيث الحكم الالهي عليهم باللعنة والغضب بما تحمله من حكم قدري الي يوم الدين 'المغضوب عليهم'

 

ان النص القراني الذي تنزل علي قلب محمد كان حاله متحركه ولم يكن نصا اسقاطيا ساكنا له صفة التجاوز الزماني والمكاني بينما كان المنهج الالهي يتخفي وراء هذا النص ليرسم الثوابت المتجاوزة بما يعطي صفة الوحي المتعالي علي اللحظتين الزمانيه والمكانيه داخل هذا النص المغبر عن هاتين اللحظتين في تطوراتهما وتاثراتهما بما قبلهما لتصنع ما بعدهما في عمليه جدليه انتجت نجاح الدعوه بعد ان اتم الوحي رسم خارطة التحولات من جديد حيث اكتمل الدين في جوهره واتم النعمه ورضي لنا الاسلام دينا فلم يعد هناك نبي بعد محمد وقد اعيد صياغه النص القراني لا علي اساس اسباب النزول ولا علي اساس التسلسل الزمني لايات النزول وانما جاء الترتيب الحالي لايات القران توقيفا من الله ليس للناس علاقه بترتيبه ولا حتي لمحمد صلي الله عليه وسلم بينما كان محمدا نهايه عصر النبوات

جاء الترتيب القراني توقيفا من رب العزة والحكمه بما يوحي بضرورات الاخذ بالمنهج كوعي متجاوز لاسباب النزول والتنزيل ليعود القران بترتيبه الجديد انزالا كما في ليله القدر ' انزلناه في ليله القدر ليله القدر خير من الف شهران العمليه الاجتهاديه لم تتاتي بعد نهاية النبوة الا بفاتحه العقل المنضبط بالمنهج القراني نفسه

وكما في العلوم الموضوعيه فاننا في العلوم القرانيه نحتاج الي عقليه تصعد بنا من الجزئي الي الكلي ومن المتناثر كما يبدو الي الناظم القانوني عبر الوحده القرانيه وهنا تكمن المفارقه بين منهجين في التحليل والقراءه وبين عقليتين في التحليل

عقليه تري القران في اجزائه وعقليه تري اجزاءه في كليته

عقليه تري القران في اسباب النزول والناسخ والمنسوخ والتسلسل الزمني لا ياته المجزأه وعقليه تتجاوز زمنيه النص القراني الي ازليه المنهج القراني المتفاعل دوما مع متغيرات اللحظه الزمنيه

الان نعود الي مسالة التناقضات الثانويه والرئيسيه كنظريه مكتمله في القران ونؤكد علي خطورتها واثارها السلبيه علي وعي الحركه الاسلاميه وانحرافاتها في القراءه الخاطئه وما ادت وما تؤدي اليه من ضرورات التحالف مع اهل الكتاب ضمن العقليه النقليه السلفيه غير عابئة بمخاطر التحالفات مع اهل الكتاب من نصاري ويهود متمثلين اليوم بالاستعمار الغربي والحركه الصهيونيه العالميه

العقليه السلفيه قرات القران في تدرج نزوله وفي اسباب هذا النزول وفيما انتسخ من ناسخ بعده لتجد هذه العقليه اننا امام تناقضين تناقضا رئيسيا وهم العرب الذين كفرو اليوم كعدو مركزي وبين اهل الكتاب نصاري او يهود

العقليه السلفيه نسخت الماضي والصقت وعيه علي اللحظه المعاصره فانتجت هذه القراءه تحالفاتها المعاصره والتي يحاول السلفيون ان يجعلوها من بديهيات الدين والعمل السياسي اقتداءا بالقران في عهد محمد بينما حملنا محمد امانه المنهج ولم يحملنا امانه التقليد

ان العقليه المنهجيه قد تجاوزت النص القراني في اجزائه وفي اسباب نزوله وفي تدرجه الزمني الي النص القراني في كليته واعادة ترتيبه بما يلائم ضرورات الانزال في كل لحظه زمنيه بما يعطيه صفة المنزه عن الحوادث واسباب النزول

هذه الرؤيه تعني وتنادي بضرورة الوعي من جديد بالمكونات المقابله لمنهجية الحق في الاسلام وهو يواجه منهجيه الباطل والصراع بما يعني انتاجا نصيا معاصرا يدخل في اطار الاجتهاد البشري المضبوط بضوابط المنهج القراني

هنا يكمن السؤال الاخطر ما هي اللحظه الزمنيه التي نعيش اليوم؟ من اين نبدا؟ من نواجه من مكونات عقائديه معاصره في دائرة الشر العالمي؟

ولكن اهم من كل ذلك من هو العدو المركزي؟ من هو الشيطان الاكبر في مواجهة كل عوامل النهوض الاسلامي؟؟؟

انها عمليه تحتاج الي وعي متجاوز وتحتاج الي اجتهاد عقلي في تحليل الواقع

وهي عمليه مفارقه تماما لعقلية ناسخه مستريحه تقرأ نعم ولكنها لا تحلل ولا تستخلص بل تنسخ المقروء وتلصقه في زمن بالتاكيد زمن مغاير لزمن الرساله الاولي حيث رسول الله وصحابته الكرام بينما تكمن صحة العقلية الاخري في انها عقليه اجتهاديه متفاعله مع المنهج القراني في كلية اجزائه وسوره واياته لا تبدأ بالقراءة باسم ربك في معزل عن القراءة بمعية هذا الرب وانما بالدمج بين القراءتين كما بدأ محمد او بما طلب الوحي من محمد ان يقرأ باسم ربه في معية ربه قراءه علي ارضية الاصاله المنهجيه لا حتواء القراءه الموضوعيه في السياسه والاقتصاد والاجتماع والتشريع كمنتج بشري يتحول الي اجتهاد له علاقه في منتجاته بنص فقهي له علاقه بمعرفة مراد الله في هذه اللحظه لهذا الحدث او ذاك المكون الاجتماعي والفكري هنا والان تتفتح الافاق علي رؤية العدو المركزي ومخاطر من لايفهمونه ويدركون مخاطره فيقتربون منه سياسيا وعقائديا ان البحث العميق في ايات القران وفي التاريخ وفي الواقع ترينا بان الشيطان الاكبر والعدو المركزي هي اسرائيل لا علي المستوي المحلي والوطني بل العالمي ايضا