خبر يبني القدس برحمته- إسرائيل اليوم

الساعة 08:12 ص|07 مايو 2013

بقلم: أفيعاد هكوهين

قُل لي ما هي القدس عندك أقل لك من أنت.

"لكل واحد مدينة اسمها القدس"، قال نتان يونتان في قصيدة له. إن يوم القدس الذي سيُحتفل به غدا يمنحنا تذكيرا سنويا بعاصمة اسرائيل التي ربما كان يفضل عدد منا ان ينسوها. كانت القدس حقبا متطاولة موضوع أحلام لكن حينما زال طعم الحلم اللذيذ وأصبح واقعا أصبحت الحياة في القدس وبخاصة عند أبناء الجيل الشاب تُرى شيئا مفهوما من تلقاء نفسه. وينفر عدد منهم بصورة ظاهرة من قداسة المدينة ومن واقعها المتجهم ويُجهدون أنفسهم في الامتناع عن المجيء اليها قدر المستطاع. ومما يأسى له القلب أن أكثر طلاب الجامعة الذين درسوا معي في القدس قبل عشرين سنة – وكثير منهم ولدوا في المدينة – غادروها دون رجعة.

ولا تعوزهم الحجج مثل: تحول المدينة الى الصيغة الحريدية (برغم المعطيات الحقيقية التي تشير الى تراجع ما في الهجرة السلبية للعلمانيين في المدينة والى ارتفاع نسبة من يدرسون في المدارس الرسمية)، والحالمين والمصابين "بأعراض القدس" الذين يتجولون في شوارعها، والوسخ في الشوارع، والفضاء المادي المهمل وغير ذلك. وفي مقابل ذلك يُجلّ أنصار المدينة جمالها والجو المميز الذي يغلب عليها كل أيام السنة، وفي ايام السبت والأعياد بخاصة، ويُجلّون تعدد الألوان فيها في الأساس. يمكن في محيط كيلومتر واحد ان تجد في القدس تنوعا بشريا آسرا نادرا. فاليهود والمسيحيون والمسلمون والعرب والحريديون والعلمانيون والمهاجرون الجدد وأبناء المدينة منذ حقب، إنهم برغم التوتر السياسي والصعوبات والتقلبات يعيشون معا حياة يومية مشتركة.

إن لي صلة عميقة بالمدينة باعتبار أبنائي هم الجيل الخامس في القدس، لكن عندي قلقا على مستقبلها ايضا. فالسكان مُعسرون، وهناك تجمع عالٍ من السكان الحريديين والعرب ومن المهاجرين الجدد وهرب لفروع تجارة واقتصاد الى الساحل، كلها تجعل المدينة في أسفل السلم الاجتماعي الاقتصادي وتزيد في الحاجة الضرورية الى وجود حلول عاجلة تمنع انهيار المدينة من الجهتين الاقتصادية والاجتماعية. ولا يكفي لذلك أمواج السياحة أو الاحتفالات الثقافية بل يُحتاج الى علاج جذري أعمق كثيرا يشمل تخطيطا استراتيجيا للأمد البعيد ويكون غير منحاز وبريئا من اعتبارات الانتخابات المحلية.

اذا تجاوزنا فروض الشريعة بين الانسان وربه التي توجبها المدينة على سكانها وزائريها، يبرز في وصفها في الكتاب المقدس ايضا الواجبات الاجتماعية بين الانسان وصاحبه.

أجل، من المناسب أن تُبذل "صدقة" لمن يحتاجها وألا يستغلها أوغاد لجمع المال. وتذكرت في هذا السياق عمل جدي الحاخام مردخاي هكوهين الذي ولد في المدينة القديمة. فبعد ان انتقل الى المدينة "الجديدة" جعل بيته في شارع ساحر في حي زخرون موشيه. وكان البيت بيتا مقدسيا نموذجيا. وكان هناك درج حجري صلب كبير وكان حاجز حديدي مزخرف.

وفي أحد الايام دخل ذلك المكان سائل (شحاذ) يلبس ثوبا باليا وطلب – وكانت هذه عادة مقدسية قديمة – قطعة سمك مملح، وشيئا من صدقة. فأخرج جدي قطعة نقد وضعها في يده ببشاشة. وحينما خرج قال له أحد من يرعاهم: "هل تعطي هذا؟ ألا تعلم أنه مخادع وأنه يملك ثلاثة بيوت؟". ولم يُبلبل جدي بل ابتسم لحظة وقال: "وماذا في ذلك؟ يحق لي أن أُسهم في بناء القدس".