خبر نتنياهو وحده يستطيع ... هآرتس

الساعة 08:55 ص|03 مايو 2013

بقلم: غاد يئير

بروفيسور في دائرة علم الاجتماع وعلم الانسان في الجامعة العبرية

 (المضمون: وحده نتنياهو سيحظى بالشرعية الوطنية الواسعة لاحداث التحول الجذري في العلاقة مع ايران وذلك لضمان امن اسرائيل - المصدر).

"نتنياهو وحده يستطيع. فأوهام اليسار الليبرالي في اسرائيل وفي العالم لن تجدي نفعا. هناك حاجة الى رجل قوي إذ وحده الرجل القوي يمكنه أن يتصالح او يتوصل الى تسوية معقولة مع ايران. انظر"، واصل الشرح البروفيسور آندرو لينكلايتر، الخبير العالمي في العلاقات الدولية، "كانت حاجة الى نيكسون الازعر وبرجنيف فظ الروح من أجل تبديد التوتر النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي". متفاجئا، قلت له، إذ ان في أقواله شيئا ما فوحدهما مناحيم بيغن واسحق شمير – اليمينيين صلبي الذراع – كان بوسعهما التوقع على سلام مع مصر والقرار في مدريد بان الحديث مع م.ت.ف لم يعد يشكل مخالفة جنائية. "نعم"، أضاف لينكلايتر، "أغلب الظن ستحتاجون الى نتنياهو ليقود الثورة في العلاقات بين اسرائيل وايران. نحن في اليسار الاوروبي يمكننا ان نثرثر ضد حكومتكم، ولكن وحده نتنياهو يمكنه أن يجند الشرعية الجماهيرية اللازمة لتحقيق التحول الذي تتحدثون عنه".

هذا النقاش المفاجيء جرى الاسبوع الماضي في النمسا، في مؤتمر دولي عن "الحرب، الطبع والحضارة". وقد عرضت في المؤتمر مقالا مشتركا مع د. بزاد أكبري، عالم اجتماع ايراني. ويعنى المقال بصدمة الاهانة الايرانية وبالقلق الوجودي الاسرائيلي (نشرنا مقال رأي في الموضوع في الجيروزاليم بوست في آب 2012). في المقال – ثمرة تعاون نادر مع عالم اجتماع فارسي يبحث في الثقافة الايرانية – نشرح تجربة ايران في التسلح بقنبلة نووية كمثال عن البحث عن الخلاص من صدمة عضال من الاهانة – الاحتلال المتكرر لفارس على ايدي المسلمين، الهونيين، الروس والانجليز، والتدخل المتكرر للقوى العظمى في الشؤون الداخلية الايرانية، ابتداء بنزع مقدراتها من النفط وحتى دعم الولايات المتحدة لحرب صدام حسين ضدها (عدد القتلى بين نصف مليون ومليون ونصف شخص). بدوره، القلق الاسرائيلي من التسلح الايراني هو نتاج حساسية الاوتار المتحفزة دوما لصدمة الابادة لدينا. الخطاب الايراني – نفي الكارثة من جانب محمود احمدي نجاد وسعيه الى القضاء على "الكيان الصهيوني" – يضرب على اوتارنا الحساسة ويصلب رد فعلنا في أن "أبدا لن تتكرر". بدوره، تصلبنا واعلاننا بانه يجب توجيه ضربة وقائية لايران يهين النظام هناك. هكذا علقنا، نحن والايرانيين، في الدائرة المغلقة.

تحليلنا يقترح أن الايرانيين والاسرائيليين متحفزون الطرف مقابل الاخر بالقومية المستعدة للقتال بسبب اشباح الماضي وبسبب الخوف من أن تعود مرة اخرى. الايرانيون يخافون من مغبة اهانتهم مرة اخرى من قبلنا ومن قبل الولايات المتحدة، ونحن نخاف ان نشهد مرة اخرى خطر الابادة، بسبب وعد ايران بشطبنا عن خريطة الشرق الاوسط. وكي لا تشعل الاشباح ومخاوف الماضي فتيل الصاروخ، اقترحنا تحولا دبلوماسيا يؤدي الى اعتراف متبادل كل بصدمة الآخر.

"وحده نتنياهو يمكنه ان يقطع هذا الفتيل المشتعل"، يضيف لينكلايتر. "وحده من هو مستعد للضغط على الزر الاحمر يمكنه أن يحدث تحولا ضروريا هنا جدا، إذ كما تدعون، فان الحرب ستهين الايرانيين مرة اخرى وتخلق التهديد الوجودي الاخطر في التاريخ على أمن اسرائيل. انتم ملزمون برجل قوي"، هكذا أجمل الامر خبير النزاعات الدولية. "انتم بحاجة الى أحد ما لديه الشرعية للدخول في عراك، ولكنه يمكنه أن يقرر بان من الافضل لكم، من أجل أمنكم، التوجه الى طريق جديد". هذا ما ارادت الصهيونية احداثه، هذا ما عليها ان تفعله، هكذا فكرت.

لقد كان حظ ايراني أو عدل شعري في هذا الحديث، وذلك لانه في الطريق الى المؤتمر اشتريت في مطار بن غوريون كتاب والد نتنياهو – بنتسيون نتنياهو الراحل – "خمسة آباء الصهيونية" ("يديعوت احررونوت"). في الكتاب يشرح نتنياهو بان هرتسل طلب أمرين: "قوة عسكرية للدفاع الذاتي، ولكن أيضا شرعية دولية للدولة اليهودية. وحدها الشرعية الدولية الواسعة يمكنها أن تضمن تحقق التطلعات الاسرائيلية في الامن، كما قرر بنتسيون نتنياهو. يا له من امر ملائم: في يوم الاستقلال الاخير أنهى بنيامين نتنياهو حديثه المازح مع ايال كتسيس في برنامج "بلاد رائعة"، برد جدي على سؤال: "كيف تريد أن يذكروك؟"، "أريد أن يذكروني كمن حرص على أمن اسرائيل"، أجاب رئيس الوزراء. وبالفعل، اذا كان نتنياهو معنيا بان يذكر كمخلص لاسرائيل من كارثة ثانية، فان عليه أن يحدث التحول. فلضمان أمن اسرائيل على نتنياهو أن يغير نهجه تجاه ايران. حسب لينكلايتر، وحده نتنياهو يمكنه أن يفعل الخطوة الدبلوماسية الدرامايكية اللازمة لضمان امن اسرائيل. ليس في الضغط على زر "الاطلاق"، بل من خلال الحكمة العقلانية الصهيونية. وحده نتنياهو سيحظى بالشرعية الوطنية الواسعة لمثل هذا التحول، واذا ما فعل ذلك، سيحظى – مثل هرتسل – بعناق أمم العالم والتزامهم الراسخ بأمن اسرائيل.