خبر إيماءة الاصبع الوسطى.. هآرتس

الساعة 08:37 ص|03 مايو 2013

بقلم: ايال مغيد

(المضمون: كان العرب هم الذين يردون على مبادراتنا السلمية بايماءة الاصبع الوسطى. اما الان فنحن الذين نفعل ذلك - المصدر).

أفترض أنه لن يخرج شيئا من الحاحي على مبادرة السلام العربية. ولكن مع ذلك سأحاول. ربما فقط بعد أن أشطب الحاحي عن جدول الاعمال، سينتبه اليه أحد ما. هذا الاسبوع وصل وفد الجامعة العربية الى ما وراء جبال الظلام كي يستجدي السلام، هذه المرة في الاذان الامريكية. ذات الجامعة التي في العهد البائد هتفت للخيال الواسع لاحمد الشقيري عن تدمير اسرائيل، ذات الجامعة التي لوحت بايماءة الاصبع الوسطى ممثلة بـ "لاءات" الخرطوم في أعقاب حرب الايام الستة، تأتي لتقترح من جديد منذ أكثر من عقد من الزمان اقامة علاقات سلام بين العالم العربي وبيننا، مقابل انسحاب الى حدود 1967. ومن يلوح بالايماءة المبتذلة بالاصبع الوسطى منذئذ وحتى اليوم هو نحن وليس هم.

الاستجداء الاخير للعرب في واشنطن تضمن ايضا تنازلا. حدود 67 لم تعد بعد اليوم بقرة مقدسة لا يلمسها أحد. وعلى حد قولهم، فانهم يفهمون بانه طرأت تغييرات على الارض وسيوافقون على التعديلات ايضا. وماذا تقول اسرائيل بالمقابل: يسرنا أن ندخل في المفاوضات، ولكن دون اي شروط مسبقة. غير أنه في ردنا التلقائي لا ننتبه الى أن هذه المرة الشرط المسبق هو في صالحنا. فحتى قبل أن تبدأ المفاوضات نجد أن الطرف الاخر بالذات يتنازل لنا. وهو لا ينتظر ان نعرض مطلب ابقاء الكتل الاستيطانية على حالها (إذ باسمها ستجرى التعديلات)، بل يقبلها مسبقا. فما الذي نريده نحن بعد ذلك إذن؟

نحن نريد أن يتركونا لحالنا. الا يزعجونا بالسلام وما ادراك بالسلام. فليس لنا اي مصلحة في السلام. السلام ليس ضروريا لنا على الاطلاق. وهو غير ذي صلة بحياتنا هنا. الام اليهودية منشغلة بالحسم المصيري للمحلفين في الطباخ الاعلى. بالمذيع المشاكس. بالضريبة على صناديق الاستكمال. ليس لنا رأس لبضعة عرب بائسين، يمدون يدهم يتسولون. اذا واصلوا ازعاجنا فسنمتشق السؤال الجاهز "ماذا عن حل العودة؟" فلعلهم نسوا. ينقصهم انهم نسوا. لا سمح الله أن ينزعوا منا هذا السلاح المضمون جدا.

أنا أسأل فقط، باعتذار، اذا كانت حكومة اسرائيل لا تضم الا بنيامين نتنياهو. فأين كل باقي اعضاء الحكومة، الذين لا يروق لي حتى أن أذكر اسماءهم، من شدة خيبة الامل منهم. أين السياسة الجديدة الموعودة؟ هل هي لا تتناول غير الاصوليين، ام لبضعة شؤون وجودية اخرى؟ أين القوى المنتعشة، هل لا تزال منشغلة بتعديل مقعدتها على كرسي الوزير؟

قد أكون منقطعا عن الواقع، ولكن مثل هذا الاقتراح من العالم العربي – الذي ليس فقط لا يحظى بالحماسة بل ولا حتى بالرد الايجابي. – ينبغي أن يخرج الجماهير الى الشوارع، أليس كذلك؟ أم ربما لدى كل الجماهير الذين تظاهروا ذات مرة في صالح السلام يوجد لهم الان مستقبل آخر غير مستقبلي؟ يبدو أن هذا هو الجواب الصحيح: يوجد لهم مستقبل آخر تماما.

المشكلة هي أنه لا مفر من أن نقول المرة تلو الاخرى انه اذا لم يكن سلام فستكون حرب. جبهة الرفض الاسرائيلية الحالية لا تختلف في النتائج التي تجرها عن جبهة الرفض العربية في الماضي. نحن نتذكر جيدا (او ربما يجدر بنا أن نذكر مرة اخرى) الى أين أدى الخرطوم. ولكن ربما يكون هذا هو ما نريد – يوم غفران آخر. لعله مريح لنا أكثر مع الحروب، مما مع السلام. لعلنا نؤمن بالحرب اكثر مما نؤمن بالسلام. لعل ميدان القتال يبدو لنا واعدا أكثر. على اي حال اذا كان خريجي وحدة الاركان الخاصة المسؤولين عن سلامتنا يفكرون هكذا، ولكن ماذا عن خريجي "بمحنيه"؟