تقرير إعلاميات: حرية الصحافة ليست حكراً على الصحفيين دون الصحفيات!

الساعة 05:13 م|02 مايو 2013

غزة (تقرير خاص)

في غمرة الحراك الثقافي و السياسي والاجتماعي في العالم العربي بشكل عام و المجتمع الفلسطيني بشكل خاص، لم تكن المرأة بعيدة عن مجمل هذه التطورات و الأحداث، بل إنها لعبت دوراً بارزا فيها، بدءاً من زيادة طلبها للعلم بكافة تخصصاته و ليس انتهاءً بالمشاركة في إحداث تغييرات ملموسة على كافة الصعد في المجتمع.

فقد توسعت رقعة المشاركات النسوية في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية وذلك من خلال تكوين الجمعيات النسوية والخيرية والانخراط السري في بعض التنظيمات السياسية المناهضة للاحتلال، فكانت في فلسطين على وجه الخصوص مناضلة و شهيدة و أسيرة أو أم تعد أبنائها للجهاد و الاستشهاد، كذلك هي أيضاً أم مخرجة أجيال و قادة للأمة،وهي معلمة في مدرستها، وإعلامية و طبيبة ومهندسة و قاضية و مهندسة، و حاضرة في كل الميادين، تمارس دورها بالطريقة التي رسمها لها الإسلام و أظهرها في أحسن صورها.

وبما أن الحديث اليوم يدور عن "حرية الصحافة و الاعلام"، فإن من أطلق هذا الاسم على هذه المناسبة لم يخص بها جنس و لم يستثني الجنس الآخر منها، بل إن هذه المناسبة تفرض نفسها اليوم للحديث عن واقع مرير تكابده المرأة الإعلامية الفلسطينية.

مراسلة وكالة فلسطين اليوم الإخبارية استطلعت آراء العديد من الصحفيات ،سواء من اللاتي يعملن في حقل الصحافة أو ممن تخرجن من التخصص و لا زلن ينتظرن الوظيفة منذ سنوات، و رصدت العديد من التحديات و المعوقات التي تواجه المرأة الإعلامية في مؤسسات الصحافة و الإعلام العربية و الفلسطينية.

من جهتها قالت الاعلامية رشا ياسين، من السودان: "اذا نظرنا الي حيز المرأة في الواقع الاعلامي العربي نجده لا يختلف عن الواقع السياسي والاقتصادي  وغيره، حيث تشهد المرأة في هذا الجانب تطورا" بطيئا" غير محسوس رغم سعيها من اجل الوصول إلي الأفضل.

وأشارت في حديث لــ وكالة فلسطين اليوم الاخبارية الى ان هذا التطور في بعض الأحيان يصطدم بنصوص القانون التي تحد من تقدم المرأة في كثير من المجالات وهذا هو الحال بالنسبة لواقعنا العربي .

و أضافت انه بالرغم من ذلك نجد انا هنالك تحول تدريجي لدور المرأة اعلاميا" من حيث التمثيل والمشاركة في صناعة الصورة الإعلامية للمرأة ,بالرغم من النظرة المجتمعية التي مازالت تعمل بالنظام القبلي والعشائري .

و تابعت تقول: "لا يفوتني ان اذكر تعاطي الإعلام مع قضايا المرأة من ناحية دفعه بقضايا المرأة للأمام , ام انه يكتفي برصد واقعها ككل أي بسلبياته وايجابياته، حيث ان هنالك بعض المجتمعات مازالت تنظر إلى الظهور الإعلامي للمرأة من خلال وسائل الإعلام المختلفة على انه يتعارض مع العرف وتعاليم الدين .

و لفتت الى ان هنالك الكثير من القيود التي مازالت تكبل المرأة في كثير من المجالات، لذلك نجد ان واقع المرأة اليوم اعلاميا" يحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود من اجل ان تأخذ المرأة وضعها الطبيعي في المجتمع .

و من ناحيتها رأت الإعلامية دعاء يرهوم، 23 عاماً من رفح، بأن المرأة الإعلامية في بلادنا هي الأكثر معاناة من زميلها الإعلامي،حيث أنها لا تجد الاهتمام الكافي من قبل الدولة أو الحكومة، ويتم تهميشها أثناء تقسيم وتوزيع الوظائف و المناصب القيادية في المؤسسات الإعلامية، بحيث يحصل الإعلاميون الذكور على نصيب الأسد منها، أما المرأة الإعلامية فيكفيها رئاسة قسم ما أو إدارة ما ، وإذا ما وهبوها نصيباً من إدارة التحرير ، فيكون مجرد منصب بدون مهام ، أي مجرد تسمية ليس إلا.

وحملت برهوم المؤسسات الإعلامية الخاصة و الحكومية مسؤولية عدم مساندة الإعلاميات من خلال إتاحة الفرص لهن للتدريب والسفر والقيام بمهام متنوعة أسوة بالإعلامي، وإتاحة الفرصة أمامهن لممارسة هذه المهنة بحرية.

و فندت برهوم ادعاءات بعض المسؤولين في المؤسسات الإعلامية، حول عدم قدرة المرأة على الخروج إلى ساحات الأحداث و متابعتها بالقول: "إن هذا ليس مبرراً لإقصاء الإعلاميات من ممارسة مهنة الصحافة، مشيرة إلى أن المرأة كانت في زمن الرسول تخرج في الحروب و تشارك في الجهاد وتقدم الدواء و الغذاء للصحابة، و ليس صعب عليها أن تناضل بالكلمة والقلم والكاميرا كونها صحفية".

و تتحدث الإعلامية رانيا، 30 عاماً من مدينة غزة عن أهم التحديات التي تواجه المرأة الإعلامية قائلة: أن عدم وجود مساواة في الرواتب لعدد من الصحفيات المتعاقدات أسوة بزملاء المهنة من الجنسين  يؤثر على أداء الصحفيات لعملهن، موضحة أن بعض الإعلاميات المتعاقدات يفضلن السكوت عن الضيم الذي يتجرعنه في المرافق الإعلامية حتى لا يتعرضن للعقاب من قبل الإدارة .

وأضافت أن تهميش الصحفية في المؤسسات الإعلامية وعدم منحها فرص الترقي أسوة بزميلها الصحفي يسبب الإحباط لها والانكفاء على ذاتها.

كما أوضحت أن هناك مديرات إدارات ورئيسات أقسام في بعض المؤسسات الإعلامية ولكنهن بدون مهام وظيفية،بل إن هذه المسميات تبقى حبراً على ورق، في دليل واضح على تسلط الإعلاميين الذكور وحب التسلط و الانفراد بإصدار القرارات في المؤسسة.

بدورها أكدت مديرة مركز إعلاميات الجنوب في قطاع غزة، الأستاذة ليلى المدلل بأن الصحفية لديها من القدرة و الكفاءة ما يمكنها من القيام بأي عمل إعلامي يوكل إليها، مشيرة إلى أن هناك الكثير من الإعلاميات عملن في ظروف صعبة وتحت الضغط ونجحن في هذه المهمات.

و أوضحت المدلل في حديث لمراسلة وكالة فلسطين اليوم الاخبارية بأن الإعلامية تتحمل جزءً من المسئولية ، إذ عليها تطوير إمكاناتها وقدراتها وتعزيز ثقتها بنفسها واحترام رسالتها الإعلامية لتكون قدوة ونموذجاً يحتذى به في المستقبل بين صفوف الأجيال القادمة من الإعلاميات.

ولفتت إلى أنه على الحكومة و المؤسسات الإعلامية على كثرتها في قطاع غزة على الأقل أن تأخذ على عاتقها بدرجة أساسية مسؤولية تغيير الصورة النمطية للإعلامية في مجتمعنا،و الاهتمام بالخريجات، ومنحهن الفرصة لممارسة هذه المهنة.

و أشارت إلى انه على الإعلامي ان يدرك بأن المرأة الإعلامية لا تقل شأناً عنه ، وان لديها  قدرات تتجاوز مستوى التحفظ عليها، وأن كليهما يؤديان ذات المهام ويحملان ذات الرسالة الإعلامية السامية إلى المجتمع، وعليه فإن علاقتهما في العمل يجب أن تكون تكاملية.