خبر موسكو وكلام عن لبنان وسوريا... والمصير والمستقبل ..جورج علم

الساعة 09:58 ص|01 مايو 2013

إستقبلت واشنطن أخيراً قيادات خليجية بارزة بينها وزير الخارجيّة السعودي، نائب الرئيس الإماراتي والأمير القطري، وقد التقوا تباعاً الرئيس باراك أوباما وعكَسَت المُحادثات وجود نظرة واحدة تجاه سوريا تتمثل بتدخّل عسكري دولي يُنهي الصراع ويحسم الوضع لمصلحة المعارضة.

قدّم الخليجيّون سلّة ضمانات، منها تمويل المعركة، تغطية التكاليف، المساهمة في إعادة إعمار سوريا ومساعدة النظام الجديد على تثبيت دعائمه. هذا إضافة الى المساهمة الجديّة لإنجاح سياسة نهوض الاقتصاد الأميركي التي تتّبعها إدارة أوباما.

كان السلاح الكيماوي على الطاولة، حاول الخليجيّون أن يكون سبباً مباشراً ومبرّراً قويّاً للتدخل العسكري الدولي، إلّا أنّ واشنطن لها حساباتها. الحوار مع الروس يتعدى الشرق الأوسط إلى القارّة الصفراء ويتجاوز الحاضر ليتناول المستقبل، والحوار مع طهران واعد، والجولات الحاسمة لم تبدأ بعد في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة.

وقراءة الاستحقاقات في المنطقة لا تقتصر على الفعل وحده بل على ردود الفعل أيضاً، والردود المتوقعة على قصف الأسلحة الكيماوية أو السيطرة عليها قد تفجّر حرباً شاملة يتورط فيها الكبار، والولايات المتحدة "عندها ما يكفيها" وليست مضطرة ولا تحتاج الى هذا النوع من الفلتان الأعمى الذي قد يضع النفط ومصالحها في المنطقة على شفير زلزال كبير ومدمّر.

ويبقى الكيماوي مجرّد عنوان، فيما يدور الصراع حول النفط وطريقة تقاسمه، وهل الأنسب بقاء سوريا موحدة بإشراف حكم مركزي ضعيف أم مقسّمة عن طريق العودة الى ما كانت عليه زمن السلطنة العثمانية والتخلي عن حدود سايكس-بيكو للعودة الى حدود الدويلات المذهبيّة؟.

نائب وزير الخارجيّة الروسيّة ميخائيل بوغدانوف أمضى "إستراحة المحارب" في بيروت، دعا إلى ضبط النفس والسعي الى الحدّ من التداعيات "لأنها طويلة... والحل في سوريا ليس على نارٍ حامية فالوضع زئبقي مفتوح على كل الاحتمالات، وهناك محاولات دوليّة جديّة للتدخل على قاعدة: من لا يشارك في الصراع لا يشارك في الحل، ومن لا يشارك في الحل لا يشارك في مسيرة البناء والإعمار ولا الإفادة من "كوتا" النفط؟!". سأل عن النزوح وإستمع الى وجهات نظر مختلفة متناقضة، إلاّ أن الخوف من التراكمات والتداعيات كان همّاً مشتركاً عند الجميع.

شجّع على المؤتمر الدولي لمعالجة المشكلة لكنه لاحظ عدم وجود طرح موحّد، ماذا يريد لبنان؟ عليه أن يحضّر ملفه جيداً، لأن هناك من يسعى الى إستغلال غير بريء لتدويل الملف السوري، وليس هناك من تفاهم دولي بعد على نقل الملف بالكامل الى مجلس الأمن.

حضر ملف الأقليات وكان له حيّز خاص من الإهتمام، وتبيّن أن لا ضمانات عند غالبية الدول المعنيّة او المتورطة في الشأن السوري، وذلك لسبَبين:

الأول، عدم الفهم العميق لخصوصيّات المنطقة وعادات أهلها، تقاليدهم وثقافاتهم.

الثاني، بروز التيارات الأصولية في زمن الربيع العربي التي أحدثت تحولات جذرية إن على الصعيد السياسي، او الأمني، أو الاقتصادي، أو الثقافي وأو الاجتماعي. لقد أنهَت منطقاً وفرضت آخر مختلفاً كليّاً ووضعت حدّاً لحقبة من الأولويات لتفرض حقبة جديدة من أولويات صداميّة مختلفة.

تحييد لبنان عن ربيع الأصوليات أولويّة روسيّة. وحدها إسرائيل المستفيدة، لأنّها وحدها المتكتّمة بشأن أولوياتها وتحاول الإفادة من أي ظرف ومن ركوب أي موجة لوضعها موضع التنفيذ.

تركيا كشفت أوراقها بالكامل تجاه سوريا، كذلك فعلت إيران، وحدها إسرائيل التي لديها دائماً "بنك أهداف" تريد النفط، الجولان، إسقاط النظام وتدمير السلاح الكيماوي او التخلص منه، قطع الممرات الإستراتيجية ما بين طهران و"حزب الله" والنيل من البرنامج النووي الإيراني وسلاح المقاومة...

مشكلة الولايات المتحدة مع إسرائيل لا مع الخليجيّين. هؤلاء مطالبهم واضحة: يريدون إنهاء سفك الدماء في سوريا ووضع حدّ نهائي للعنف والخراب والدمار، إسقاط النظام وتمكين المعارضة من استلام مقاليد السلطة شرط أن تبقى سوريا لأهلها بمناطقها وأطيافها وتنوعاتها موحّدة، فيما إسرائيل تريد استمرار العنف الى ما لا نهاية، وإسقاط النظام، وحلّ الجيش وتبعثره وتلاشيه، وتفتيت الكيان الى دويلات طائفية مذهبية ضعيفة متناحرة حتى لا تبقى وحدها الدولة العنصريّة في المنطقة، وتبقى الأقوى بين مجموعة من الدويلات المذهبية من حولها، لذلك لها شروطها على أن يكون الهدف من أي تدخل دولي -في حال حصوله- تحقيق ما تصبو اليه في سوريا، وليس إسقاط النظام فقط وترك سوريا موحدة ولو تحت رحمة التطرف؟