خبر مرونة الخط الاحمر- يديعوت

الساعة 09:25 ص|01 مايو 2013

مرونة الخط الاحمر- يديعوت

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

        إن التهديدات شيء مركب. ولا يتعلق القرار بشأن نوع تهديد محتمل باحراز معلومات سابقة عن قدرات المهدد العسكرية فقط بل بالفحص الدقيق ايضا عن الربح والخسارة اللذين يقترنان بكل اجراء عسكري وسياسي. وحتى حينما يكون الحديث عن امتلاك سلاح ذري فليس الخطر هو مجرد وجود هذا السلاح بل طبيعة النظام الذي يملكه.

        حينما يكون من يملكون السلاح أناسا خطيرين، في ظاهر الامر، يكون القرار سهلا. لكن الواقع أكثر تعقيدا. فكروا مثلا في النظام في كوريا الشمالية. يصعب ان يخطر بالبال مثل أفضل على نظام غير عقلاني. والى ذلك لا يوجد لبيونغ يانغ حليفات ومؤيدات حقيقية حتى ولا روسيا والصين. كنا نتوقع اذا ان تعمل الولايات المتحدة والعالم على إبعاد تهديد واضح وسافر جدا وبرغم ذلك يمتنع الغرب عن عملية.

        ليس الحديث عن ضعف أو عدم تصميم، فالغرب معني بأن يرى كوريا الشمالية مجردة من السلاح الذري. وكان يفضل في واقع الامر ان يرى كوريا الشمالية تنتقض عُراها باعتبارها كيانا سياسيا بيد أن كلفة ذلك ما زالت مرتفعة جدا. وما بقيت كلفة إزالة التهديد مرتفعة مال الخط الاحمر الى الابتعاد. وما يصح بالنسبة لكوريا الشمالية يكون أصح بأضعاف بالنسبة لايران.

        إن ايران هي دولة أكبر وأقوى من كوريا الشمالية. وهي ليست دولة منبوذة ولا سيما في العالم الاسلامي. وحتى لو نجح المهاجمون في القضاء على جميع منشآتها الذرية (وهو ما يُشك فيه)، فمن المنطق ان نفترض ان يجعل الهجوم كثيرات جدا من البلاد الاسلامية تراها ضحية لـ "الامبريالية الامريكية – الصهيونية" وان تعمل في جد (دولا وأفرادا، وسرا وعلنا) للانتقام ومساعدتها على اعادة البناء السريع قدر الامكان لمشروعها الذري. ولن يقضي الهجوم حتى لو نجح على قدرات ايران التقليدية ولا على قدراتها الاقتصادية (التي هي أكبر كثيرا من قوة كوريا الشمالية).

        لا يكفي للتحقق من زوال التهديد الايراني القضاء على مشروعها الذري. يجب احتلال الدولة وتغليب نظام آخر عليها. وليس من المؤكد ان ينجح هذا الاحتلال (فليس لايران خلافا للعراق قبل حرب الخليج، جيش بري كبير فقط بل سلاح جو وسلاح بحري قويان جدا)، وعلى كل حال سيجبي ذلك ضحايا كثيرين. إن اللعبة الجغرافية السياسية الحالية ترمي الى جعل مشروع ايران الذري غير مُجدٍ عليها من غير بلوغ صدام عسكري.

        ويبدو ان نتنياهو يدرك هذا. ويدرك نتنياهو ايضا (وربما كان يدرك ذلك دائما) أن علاج التهديد الايراني أكبر من اسرائيل. إن الخط الاحمر الذي خطه في الامم المتحدة كان يرمي الى محو الخط الاحمر الذي رسمه قبل ذلك وأن يُعيد تحديده من جديد على نحو يُمكّنه من حرية عمل ومرونة أكبر.

        لم يكن اجراء نتنياهو هذا نتيجة لاجراء ايراني بل فهما لواقع جغرافي سياسي متغير. وحينما تبين لنتنياهو أن اوباما يوشك ان يفوز في الانتخابات تبين له ايضا ان قدرته على استعمال ضغط على الغرب بخطابة هجومية قلّت جدا. وتم خفض لهب الخطابة فورا وفُتحت من جديد نافذة الفرص المجازية التي هددت بأن تُغلق صفقا قبل ذلك بشهر فقط.

        إن هذه الاجراءات وهي تعبير عن فهم واعٍ لحدود القوة الاسرائيلية، آتت اسرائيل ثمرات (إن المعدات الامريكية التي حصلنا عليها ترمي في الحقيقة الى جعلنا نمتنع عن الهجوم على ايران لكننا سنستعملها لحاجات اخرى). ولم يفهم نتنياهو فقط انه يجب الامتناع الآن عن عملية عسكرية بل فهم ان الاستمرار في التهديدات الصريحة سيسبب ضررا لاسرائيل. ويُقال هذا في فضله. لقد تبنت اسرائيل من غير ان تعلن ذلك استراتيجية جديدة. فاذا استعملت اسرائيل القوة فسيكون ذلك فقط في اطار عملية لا تقودها هي.