خبر اذا شئتم -هآرتس

الساعة 09:04 ص|28 ابريل 2013

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الحل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو انشاء دولة واحدة تكون دولة عدل ومساواة تجمع الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني معا - المصدر).

        ليس هذا أسطورة – اذا شئتم: دولة عدل واحدة لشعبين. أهذا هاذٍ؟ كان انشاء دولة يهودية يُرى قبل أقل من مائة سنة هذيانا لا يقل عن ذلك؛ أهو تآمري؟ كان انشاء دولة فلسطينية قبل ثلاثة عقود لا يقل تآمرا. أدولة واحدة للشعبين؟ انها موجودة منذ زمن يعيش فيها أكثر من شعبين – اليهود والعرب، والحريديون، والمتدينون والعلمانيون، والشرقيون والغربيون، والمستوطنون والفلسطينيون – طوائف، طوائف، أخذ يكثر العامل المُفرق بينها وهي تعيش على نحو ما معا في دولة واحدة لا يغيب عنها إلا العدل والمساواة.

        على هذا النحو ستبدو هذه الدولة المتخيلة، سيكون فيها حق اقتراع للجميع ودستور ديمقراطي يُثبّت حقوق كل المجموعات والأقليات، ويشتمل على سياسة هجرة كما هي الحال في الدول جميعا، ومجلس نيابي يعبر عن الفسيفساء، وحكومة منتخبة تكون ائتلافا بين ممثلي الطوائف والشعوب. أجل، رئيس حكومة يهودي ونائب عربي له أو بالعكس. فهل هذه نهاية العالم؟ لماذا؟ إن العرب واليهود يعيشون اليوم معا ايضا ولا يشوش على العلاقات بينهم سوى الظلم وعدم المساواة ورواسب الماضي والعنصرية والشعور القومي والمخاوف المتبادلة. وستزول هذه بالتدريج وتختفي أكثر الأخطار التي تترصد الدولة اليوم.

        وفي الداخل ستُبطل دولة المساواة هذه أكثر العداوات التي تغلي فيها. وسيفقد المواطنون العرب والفلسطينيون المساوون في الحقوق غريزة السعي لضعضعة الدولة التي تنكرت لهم وسلبتهم حقوقهم لأنها ستصبح دولتهم. وقد يعلم اليهود أن أكثر مخاوفهم كانت مخاوف باطلة لأنه في اللحظة التي يتم العدل فيها يتم إبطال الأخطار الحقيقية والوهمية. وسيكون زوال الأخطار الخارجية أكثر دراماتية لأن ايران وسوريا وحزب الله وحماس وسائر محاور الشر ستفقد الأساس لكراهيتها. لأنه ما الذي ستهدده ايران؟ هل تهدد دولة يهودية فلسطينية؟ وعلى أية جهة يطلق حزب الله وحماس صواريخهما؟ هل على اتفاق يهودي فلسطيني؟ وستتغير منزلة هذه الدولة الجديدة الدولية دفعة واحدة لأن العالم سيحتضنها في حماسة ويسارع الى تحويل مساعدة واسعة إليها.

        ستنمو هذه الدولة وتزهر حينما توجه الميزانيات الضخمة التي استثمرها الطرفان للحفاظ على أمنهما الى أهداف اخرى. وتنتقل خطوط الفصل فيها كما هي الحال في كل دولة اخرى لتكون بين الأغنياء والفقراء، والمثقفين والجهلة، والناجحين والفاشلين. في الفترة الاولى سيكون يهودها الذين كان مجتمعهم أكثر تطورا هم الذين سينجحون أكثر لكن التساوي في الفرص لا يمكن ألا يردم الهوة بينهما بالتدريج.

        لن يتم احراز هذه الأهداف الخيالية في يوم واحد لأن تحقيق هذا الحلم سيتم في مسار طويل وصعب ومركب للتحرر من الاعتقادات والقيم القديمة التي كانت مُدمرة بالنسبة للشعبين؛ وبالتغلب على مخاوف عميقة لا تقل تدميرا وحذف الماضي. وسيضطر اليهود الى التخلي عن حلم الدولة القومية ومثلهم الفلسطينيون ايضا. وسيكون هذا نهاية الصهيونية في اطارها الحالي وهو أمر مؤلم جدا لمن اعتادوا ان يؤمنوا أنها الطريقة الوحيدة لكن سيحل محلها شيء أكثر عدلا وبقاءً بكثير. وحينما يقتنع اليهود بأن الفلسطينيين بشر مثلهم مع كل ما يتضمنه ذلك ستصبح الطريق قصيرة.

        وستقصر وتصبح ممكنة ايضا اذا نشأت للشعبين قيادة جديدة. لا نتحدث عن سياسة جديدة لتفكير قديم سيء بل عن ثورة حقيقية تحطم المباديء القديمة والسيئة وتُبطل الخوف. وتحتاج هذه الرقصة الى اثنين على الأقل ولا يوجد الى الآن حتى واحد. وتحتاج هذه الرقصة الى قدر كبير جدا من الشجاعة والخيال ولا يوجد الى الآن لا هذا ولا ذاك. لكن فكروا في البديل والى أين يفضي؟ هل الى دائرة اخرى في رقصة الدم؟ ثم دائرة تليها؟ وماذا يأتي بعدهما؟ لا يوجد اليوم اسرائيليون كثيرون يعرفون ان يُجيبوا اجابة صحيحة عن سؤال الى أين تتجه دولتهم. ونقول لهم: اذا شئتم دولة عادلة واحدة فليست هي أسطورة.