خبر محور ضغط ... يديعوت

الساعة 09:26 ص|26 ابريل 2013

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: يحاول الامريكيون انشاء حلف غير رسمي بين اربع دول في المنطقة واسرائيل لمواجهة الخطر الايراني ومواجهة انتقاض عُرى سوريا ويشمل هذا الحلف الدول التالية: السعودية والامارات والاردن وتركيا و"اسرائيل" - المصدر).

يُسمون هذا الملف في الشيفرات الداخلية وزارة الخارجية الامريكية "اربع + واحدة". ومن وراء هذا الاسم الشيفري تحتجب ثلاث دول عربية وكيان واحد ليس دولة وهي: السعودية والاردن واتحاد الامارات العربية والسلطة الفلسطينية. أما الخامسة فهي دولة ليست عربية هي تركيا. وقد أخذ هذا الملف الذي فُتح قبل بضعة اشهر يزداد ثخانة. ويقوم في مركزه جهد امريكي لمحاولة الربط بين هذه الدول في اطار عمل أمني واحد بلا معاهدات أو توقيعات أو تصريحات معلنة. ويتم كل ذلك سرا لأن لهذه الرزمة رجلا اخرى هي اسرائيل.

إن المطامح الامريكية في هذا الشأن متواضعة. فهي لا تتحدث عن حلف دفاعي اقليمي في الشرق الاوسط يشبه حلف شمال الاطلسي، لكن وزير الخارجية جون كيري تحمل هذه المهمة على أنها مشروع شخصي تقريبا، ويشارك وزير الدفاع تشاك هيغل ايضا مشاركة فعالة. ان الهدف في المرحلة الاولى على الأقل هو انشاء تعاون بين هذه الدول في مجالات الأمن بتبادل المعلومات وتبادل التقديرات واللقاءات. ولا يُعلم شيء الى الآن مثلا عن لقاء اسرائيلي سعودي في المجال الأمني، لكن الادارة الامريكية تحاول ان تُقرب بين الدولتين. ويبدو ان كيري وهيغل والعاملين معهما سيتجولون كثيرا بعد في المنطقة الى أن يتشكل هذا اللقاء.

إن فكرة حلف دفاعي اقليمي ليست غريبة على اسرائيل. فقد حاول وزير الدفاع السابق اهود باراك ان يروج خطة دفاعية اقليمية للادارة الامريكية ولرئيس الوزراء نتنياهو. وتحدث عن تعاون في مجال واحد فقط هو الانذار ومدافعة الصواريخ البالستية. أي ان اسرائيل تستطيع ان تتلقى معلومات من نظم رادار موجودة على ارض البحرين والسعودية وتركيا وتزود دولا جارة كالاردن بحماية جوية من الطائرات والصواريخ، وهو ما كان ربما يجعل نشر صواريخ الباتريوت الامريكية على ارض الاردن لمواجهة سلاح الجو السوري أمرا لا حاجة اليه.

نُقلت أفكار باراك الى الاردن والسعودية. ولم تُسجل حماسة هناك ولا في القدس ايضا. لكن برغم ان الاردنيين لم يريدوا الحماية الاسرائيلية المضادة للطائرات، نشرت صحيفة "ليفيغارو" الفرنسية في يوم الاحد من هذا الاسبوع نبأ فاضحا لم ينكره أي طرف قال ان الاردنيين فتحوا سبل طيران لطائرات بلا طيارين اسرائيلية على طول الحدود بين الاردن وسوريا. وتزعم الصحيفة ان الاردنيين يتمتعون بالتعاون الاستخباري مع اسرائيل على ما يجري على طول حدودهم مع سوريا. وغضب الاخوان المسلمون الاردنيون غضبا شديدا على أثر نشر النبأ. ولم تنكر الأسرة المالكة ذلك ولم تصادق عليه في المقابل.

فرقة امريكية على الحدود

غيّر الاردنيون في الاشهر الاخيرة سياستهم مع سوريا. فقد بدأوا يدربون على ارضهم متمردين سوريين ويعززون علاقات بالمتمردين في منطقة مثلث الحدود الاسرائيلي الاردني السوري وعلى طول الحدود بين الاردن وسوريا، ويعملون على انشاء مخيمات للاجئين في داخل الارض السورية تحت مسؤولية المتمردين. وتحول اللاجئون السوريون بالنسبة للاردن الى كابوس اجتماعي وأمني واقتصادي. واذا لم يوجد لهم حل في داخل مناطق الحكم الذاتي للمتمردين في سوريا فان ذلك قد يُعرض للخطر استقرار حكم الملك الاردني. ولبناء "شريط أمني" يسيطر عليه المتمردون في المثلث الحدودي، فمن المنطقي جدا ان نفترض ان يحتاج الاردنيون الى موافقة اسرائيل الصامتة. واسرائيل من جهتها معنية بأن تعلم من هم اللاجئون والمتمردون الذين سيستقرون قرب حدودها.

أصبح المثلث الحدودي طريق انتقال المتمردين المركزي الى سوريا – وكانوا الى الآن يدخلون في الأساس من تركيا – بحيث إن لاسرائيل مصلحة واضحة في معرفة ما يحدث هناك. ويُحتاج للاتفاق على موضوعات من هذا القبيل الى وجود تنسيق أمني سياسي بين اسرائيل والاردن ويبدو ان هذا ما قصدت اليه صحيفة "ليفيغارو". وهذا يُفسر ايضا الزيارات التي قام بها نتنياهو مؤخرا للملك عبد الله في عمان. وعلى العموم أصبحت الحدود بين سوريا والاردن ذات احتمال مواجهة عسكرية عالية جدا وهذا ما جعل الامريكيين يرسلون الى هناك مؤخرا قوة متقدمة من الفرقة المؤللة رقم 1.

إن الاردن ليس متضايقا من حدوده السورية فقط، فعلى الجانب الثاني من الحدود مع العراق يوجد سكان شيعة. ويخشى الاردنيون ان يستعمل الايرانيون عند خروج الامريكيين من العراق هؤلاء السكان للتآمر على السلطة في الاردن. ويُضايق الاقتراب الايراني من حدود الاردن الشرقية اسرائيل ايضا فلنا ما يكفي من المشكلات مع الشيعة في لبنان. ويوجد تغيير آخر في الاردن لاحظته الادارة الامريكية وهو ان التقدم أو عدم التقدم في المحادثات مع الفلسطينيين لا يؤثر تأثيرا حادا كما كانت الحال في الماضي في علاقة الاردن باسرائيل. ويُمكّن هذا في رأي الامريكيين من تعاون عسكري اردني اسرائيلي أقوى.

سيكون ذلك أصعب مع السعودية وإن كان يبدو ان شيئا ما عميقا وراء الستار قد بدأ يتحرك في ظاهر الامر. وقد يكون هذا هو التفسير للقاء غير العادي الذي تم في شباط هذا العام في مؤتمر وزراء الدفاع في برلين، فقد كان ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود يسير في رواق ومن خلفه مجموعة مستشارين ومساعدين وحُراس. ووقف فجأة منفصلا عن المجموعة ليصافح بحرارة وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك اهود باراك الذي مر بجانبه. ووقف الحُراس من الطرفين حائرين حينما كان ربّا العمل يتحادثان مثل معرفتين قديمين. وبعد دقائق معدودة ومصافحة وتسليم انفصلت الحاشيتان بعضهما عن بعض.

وأدركت الادارة الامريكية ان امكانية الحوار السعودي الاسرائيلي يسحر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأنه يوجد لاطار عمل مع مجموعة دول عربية في مركزها السعودية أهمية كبيرة لأمن اسرائيل. إن التعاون مع الاردن والعلاقات المتبادلة باتحاد الامارات ستمنح اسرائيل ايضا العمق الاستراتيجي الذي لا تملكه وتُمكّنها من المخاطرة الامنية. ويؤمن كيري انه يمكن في هذه الحال إقناع نتنياهو في المستقبل في ان يخاطر في المسيرة الاسرائيلية الفلسطينية. وقد نشأ في الآونة الاخيرة حقا تعاون اقتصادي بين شركات اسرائيلية واتحاد الامارات. فهل يشير هذا التعاون ايضا الى تقوية العلاقات الامنية؟ لا يوجد أي تصديق ظاهر لهذا الامر.

والمشكلة مع تركيا أسهل لأن العلاقات الامنية والاقتصادية والدبلوماسية بين اسرائيل وتركيا كانت في الماضي قريبة جدا، وكما أفضت المصلحة الاقتصادية بالدولتين الى الحفاظ على العلاقات الاقتصادية بينهما وتطويرها، تفضي التهديدات المشتركة ايضا من سوريا وايران الى تبادل آراء من غير وسيط. وليس مهما ما يقوله أردوغان أو وزير خارجيته علنا: لأنه يوجد بالفعل تقارب بين الطرفين منذ كان الاعتذار الاسرائيلي. ويحضر سفراء أتراك احتفالات يحضرها دبلوماسيون اسرائيليون، وحدث تغير في توجه المندوبين الاتراك لاسرائيل في مؤسسات دولية، ويجوز لنا ان نفترض ان هذا التقارب لا يتجاوز ايضا الجهات الاستخبارية التي عملت في تقارب شديد في الماضي غير البعيد.

قُبيل سفر الوفد الاسرائيلي للمحادثات بشأن التعويضات لمصابي "مرمرة" في تركيا، في بداية الاسبوع نشرت صحيفة "صاندي تايمز" نبأ عن ان اسرائيل تنوي ان تطلب الى الاتراك ان تعود وتطير في سماء تركيا، وأن تمنح اسرائيل الاتراك مقابل ذلك وسائل قتالية حديثة. وهذه الصفقة هي مُركب واضح في الاتفاقات الامنية المختلفة. ويبدو انه في الواقعة التي نتحدث عنها تحدث شخص ما بشيء ما متعمدا عن شيء من المادة التي أعدوها في القدس من اجل إفشال المحاولة الامريكية لادخال اسرائيل وتركيا في اطار عمل أمني واحد للدفاع الاقليمي.

يلتفون على مرسي

دخل الامريكيون ملعب "اربع + واحدة" بعد ان رسموا بحذر خرائط مصالح كل واحدة من الدول واهتماماتها. ويتبين أنه يوجد لها الكثير من الاهتمامات المشتركة. مثل تهريب وسائل القتال من ايران الى سوريا، ومن سوريا الى الاردن، ومن ليبيا الى مصر وسيناء، ومن السودان الى سيناء، ومن ايران الى اليمن، لمعارضي النظام في السعودية، والى سيناء وغزة وغير ذلك. وقد يكون التعاون الاستخباري بين هذه الدول الخمس واسرائيل على هذه القضية كنزا.

وهناك موضوع آخر يقلقها جميعا وهو ايران الساعية الى القدرة الذرية والتي تعزز التآمر السياسي على الدول السنية في الشرق الاوسط. وهناك موضوعات اخرى هي زيادة قوة الجهاد العالمي والقاعدة في سيناء واليمن والعراق والصومال والسودان وسوريا، وانتشار السلاح غير التقليدي نتاج انتقاض عُرى سوريا واستقرار النظام في الاردن.

ويزيد الامريكيون عند كل واحدة من هذه الدول في بيان المزايا التي سيمنحها إياها الحلف الامني غير الرسمي هذا: فهي ستتمتع في المرحلة الاولى بتبادل المعلومات والحصول على إنذار في الوقت. وسيتم في المرحلة الثانية ايضا تعاون على احباط الارهاب. وقد تحدث باراك بالمناسبة حتى عن غرف حرب مشتركة لممثلي هذه الدول. كان واحد من اعضاء وفد وزير الدفاع هيغل في زيارته لاسرائيل هو الجنرال المتقاعد ألين العامل في وزارة الدفاع الامريكية، الذي سيفوض اليه الترتيبات الامنية في التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين. ويفترض ان يُركز هو ايضا كل القضايا الامنية التي تهم "الأربع +"، وهو ما زال الى الآن في مرحلة دراسة الموضوع.

يفترض ان تكون دول الـ "أربع + واحدة + اسرائيل" النواة الصلبة للحلف غير المكتوب. وسيكون ممكنا بحسب الخطة الامريكية ان يُضم اليها دول اخرى بحسب المصالح المشتركة كمصر مثلا. من الصحيح الى الآن ان الامريكيين ينظرون الى مصر على أنها نصف دولة. وفي مجال التعاون الامني يتجاهلون ببساطة الرئيس مرسي والاخوان المسلمين. ويوجد للجيش بحسب الدستور المصري استقلال في مجال الاتفاقات الامنية الاقليمية. وفي كل ما يتعلق بمكافحة اعمال التهريب أو الحفاظ على كف جماح حماس والحدود المصرية الاسرائيلية، يعمل الامريكيون فقط مع الاجهزة الاستخبارية المصرية ومع الجيش المصري. ويحاول الامريكيون ان يُجندوا ايضا البحرين وقطر للاطار الامني المتشكل لمواجهة التهديد الايراني في الأساس.

لكن يوجد غير قليل من التناقض في هذا الحلف الذي يحاول الامريكيون إلصاق أجزائه بعضها ببعض. فتركيا تؤيد الاخوان المسلمين الذين يخشاهم الاردنيون. ولا يؤمن السعوديون بأن الامريكيين ينوون العمل على مواجهة المشروع الذري الايراني حقا. وفي اللقاء الذي أتمه وزير الخارجية كيري في السعودية مع ولي العهد زعم السعودي ان قمة الدول الكبرى الخمس + المانيا مع الايرانيين في كازاخستان هو تمثيلية كبيرة هدفها كله كسب الوقت. وليس من الداحض ان نقول انه كلما سخنت رياح الحرب مع ايران سخنت العلاقات بين اسرائيل والسعودية من وراء الستار.

سينال الامريكيون من جهتهم من هذا الحلف حظاً على صورة حفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة وكف التأثير الايراني. وقد يستطيعون على الطريق ايضا التمدح بتسوية اسرائيلية فلسطينية. إن صفقة السلاح الاخيرة التي جاء بها وزير الدفاع تشاك هيغل الى المنطقة هي جزء لا ينفصل عن هذه الخطة. وإن الدول التي ستتمتع بالسلاح هي في الحقيقة امارات الخليج والسعودية واسرائيل.

غضنت اسرائيل أنفها وأعدت قائمة اخرى من وسائل القتال تكون تعويضا عن صفقة السلاح الامريكية السعودية واضطرت الى ان تُصالح على قائمة أكثر تواضعا بمبلغ ثلاثة مليارات دولار تشتمل على مُركبات لا يريدها سلاح الجو ألبتة. ويزعم موظفون كبار في القدس الآن ان القائمة التي جاء بها هيغل تم تحضيرها في الغرف المغلقة بين وزيري الدفاع ولم يتم بحثها أي بحث منظم لاتخاذ القرار في اسرائيل. لكن الهدايا لا تُرد.

إن ما جاز في اسرائيل في صمت مفاجيء هو التزام الرئيس اوباما خلال زيارته للبلاد أن ينشيء أفرقاء عمل اسرائيلية امريكية للبحث في استمرار المساعدة الامنية الخاصة لاسرائيل بدءً من 2017. والحديث عن رزمة مساعدة أكبر من هذه الحالية. وقد أخذ سلاح الجو الاسرائيلي يبني اعتمادا على هذه الالتزامات استدعاء تشكيلة الطيران الثانية من طائرات "اف 35" وهذه صفقة يفترض ان يوقع عليها في نهاية هذه السنة. وفي نهاية الامر سيبلغ سلاح الجو الاسرائيلي الى 75 طائرة شبح.

لكن آنذاك، في يوم الثلاثاء جاء تصريح اللواء (احتياط) عاموس يادلين في معهد بحوث الامن القومي الذي قال ان الايرانيين يستطيعون الوصول الى القنبلة الذرية في الصيف القريب. وحدث هذا بعد أن شهد رئيس الاستخبارات القومية في الولايات المتحدة جيمس كيلبر في الاسبوع الماضي فقط في مجلس النواب الامريكي بأن الزعيم الايراني لم يستقر رأيه بعد على بناء سلاح ذري. واذا لم يكن هذا كافيا فقد أعلن العميد إيتي بارون رئيس قسم البحث في شعبة الاستخبارات العسكرية أنه قد تم اجتياز الخطوط الحمراء في سوريا في مجال الحرب الكيميائية. وأُصيبوا بصدمة في وزارة الخارجية الامريكية لأن هذين التصريحين يعرضان الادارة الامريكية على انها تضلل دولة اسرائيل. والامريكيون يتصببون عرقا. فالرئيس ووزير الخارجية ووزير الدفاع يزورون اسرائيل ويلتزمون بأن يمنحوها مليارات الدولارات، ويحاولون ان يضموها الى حلف أمني مع دول المنطقة – ويبصق الاسرائيليون في البئر التي يشربون منها. وقد آلمهم تصريح العميد بارون إيلاما خاصا. في الوقت الذي كان فيه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الخارج ويحاول ان يحل ألغاز المعلومات المتعلقة بما يحدث في سوريا، رفع مرؤوسه للامريكيين إصبعه الوسطى كأنما يقول: لا يمكن الاعتماد عليكم لا في الشأن السوري ولا في الشأن الايراني ولا في مسيرة السلام والأحلاف الاقليمية، بيقين.

وقد تألم وزير الخارجية كيري بصورة شخصية، فقد كان في البلاد وسمع تقديرات تتعلق باستعمال الاسد لمواد كيميائية في الحرب. لكن لم يُعرض عليه "المسدس المدخن" كما عرضه رئيس قسم البحث في "أمان" في خطبة معلنة. يستطيع ان يفرض في أحسن الحالات أن الفرق بين الصيغ ينبع من فروق في التقديرات بين جهات مختلفة في الاستخبارات الاسرائيلية. ويستطيع في اسوئها ان يتبنى ما تهمس به عدة اصوات في وزارة الخارجية الامريكية تقول إن اسرائيل تُراقصنا رقصة التانغو مرة اخرى، فنحن نخطو خطوتين الى الأمام وتجذبنا اسرائيل خطوة الى الخلف.