خبر إسرائيل كجسر بين الأردن وتركيا

الساعة 09:01 ص|26 ابريل 2013

حلمي موسى

في خطوة بالغة الأهمية وافقت إسرائيل، بصمت وبعيداً عن الأضواء، على أن تشكل جسراً بين الأردن والعراق من جهة وتركيا من جهة ثانية. ويتسم هذا الجسر بأهمية استثنائية لأنه أنشئ في ظروف الحرب الأهلية السورية، وعجز حركة التجارة البرية بين الأردن وأوروبا. وعملياً فإن الجسر موضع الحديث قائم بين جسري نهر الأردن وميناء حيفا، ويتكون من حوالي ألف شاحنة شهرياً تركية وأردنية تفرغ حمولتها في سفن تركية.
ونشرت «هآرتس» تقريراً أشار إلى المفاجأة التي تصيب العابرين في طرق شمال فلسطين الذين يصطدمون بشاحنات براد قديمة ترافقها سيارات شرطة إسرائيلية في الطرق إلى حيفا ومنها. ولا تتوقف هذه الشاحنات التي تحمل لوحات تعريف أردنية وتركية في الطريق بين حيفا وجسر نهر الأردن وبالعكس. وتحمل هذه الشاحنات بضائع أردنية وعراقية لتركيا وبالعكس. وذكرت الصحيفة انه بذلك «غدت إسرائيل بهدوء، محور تصدير واستيراد اقليميا ومركزيا جراء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا».
وبحسب «يديعوت» فإن «ما جعل إسرائيل هدفاً جذاباً لذلك هو الوضع الحربي المستمر في سوريا، والمشاكل في معابر الحدود بين تركيا وسوريا، وبين الأردن وسوريا. وقبل اندلاع القتال في سوريا كانت الشاحنات التركية تنقل البضائع عبر الطريق السوري، ومن هناك تواصل طريقها إلى الأردن والسعودية ودول الخليج. لكن منذ قرابة العامين توجد قطيعة بين تركيا وسوريا. وفي اعقابها لا يمكن للشاحنات التركية المرور عبر الحدود السورية. كما أن شركات التأمين غير مستعدة لأن تؤمن على البضائع بحيث نشأت مشكلة حقيقية في نقل البضائع من تركيا واليها».
وعادت بذلك الآمال في إسرائيل لأن تتحول إلى جسر آمن بين البحر الأبيض المتوسط والدول العربية، وهو الدور الذي لعبته فلسطين قبل النكبة حين كانت حيفا أهم ميناء نحو الداخل العربي الآسيوي. وغدت موانئ لبنان وسوريا مدخلاً للتجارة بين أوروبا والدول العربية الآسيوية، ولكن ذلك توقف أو يكاد بسبب الصراع في سوريا. كما أن الطريق بين العراق وتركيا غير آمنة بسبب الصراع الكردي التركي. وتضرر الأردن وتركيا بشكل كبير من هذا الواقع، ما دفعهما إلى البحث عن بدائل أكثر أمناً. ولم تفد كثيراً محاولة تفريغ الشحنات في ميناء بور سعيد المصري لتصل بعدها إلى الأردن أو السعودية براً. حينها توجه الأتراك والأردنيون إلى إسرائيل طالبين في البداية السماح بحركة شاحنات تنقل الأوكسجين الطبي إلى المستشفيات الأردنية.
وبعد تدقيق مع الجهات الأمنية والسياسية جرت الموافقة على هذه الشاحنات التي ازدادت بسرعة مع مرور الوقت على الطريق الممتد بطول 80 كيلومتراً فقط بين حيفا وجسر حسين على نهر الأردن. وصارت سفن تركية ضخمة تحمل على متنها شاحنات محملة بالبضائع يقودها أتراك تهبط في حيفا، وتواصل طريقها بعد الفحص الأمني إلى الأردن. وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى أنه في العام 2011 مرت 3500 شاحنة في الاتجاهين، لكنها في العام 2012 تضاعفت لتصل إلى 6400 شاحنة، في حين وصل العدد إلى 2600 شاحنة في الربع الأول من العام 2013.
وتحمل الشاحنات من الأردن إلى تركيا منتوجات زراعية في الغالب في حين تحمل من تركيا مواد أولية صناعية وأغذية جافة. وتؤمن إسرائيل أن الأرباح التي تجنيها من إنشاء هذا الجسر لا تقتصر على الجانب المالي الذي يصل إلى حوالي 200 مليون شيكل سنوياً، وإنما تتعداه إلى الجوانب المعنوية وتحسين العلاقات. فالمتعاونون مع إسرائيل في الأردن منبوذون، ولذلك فإن السائقين الأردنين لا تختم جوازات سفرهم حتى لا يتعرضوا للأذى إذا واصلوا طريقهم إلى دول أخرى كالعراق مثلاً، كما أن السعودية ترفض أن تدخل أراضيها بضائع مرت في إسرائيل.
ولاحظت جهات إسرائيلية أن مجرد نشر تقرير عن وجود هذا الجسر البري قد يلحق الضرر بالأمر برغم أن ضرورات جيوسياسية هي التي فرضته كأمر واقع. وتعتبر جهات رسمية إسرائيلية الإذن الممنوح للشاحنات التركية بالمرور «تعاوناً مهما وخطوة تقريب بين الدولتين». كما أنها نوع من مبادرة حسن النية تجاه تركيا أيضاً.