خبر التهديد الإسرائيلي لغزة عبد الستار قاسم

الساعة 12:48 م|25 ابريل 2013
من جديد تهدد إسرائيل قطاع غزة باجتياح أو بضربات عسكرية قاسية وكأنها تمكنت في سابق حروبها من تحقيق أهدافها. يقف قادتها العسكريون مهددين بصلف وتكبر وكأن غزة مجرد بيضة هشة تتناثر أجزاؤها بقبضة يد. هذا تهديد يمكن أن يطغى على بعض العقول، لكن المنطق العملي يقول:

فشلت إسرائيل تماما في حربها على غزة عام 2008/2009 (حرب الفرقان أو الكوانين). هناك من يحاول إقناع إسرائيل بأنها حققت بعض أهدافها بخاصة من بعضنا الفلسطيني، لكن الأيام أثبتت عكس ذلك. ادعى بعضهم أن إسرائيل استطاعت إسكات صواريخ غزة، وأن فصائل المقاومة تلتزم الهدوء بسبب هزيمتها. طبعا بعض الفلسطينيين يكرهون النصر أو الصمود من أجل تبرير قواهم المنهارة.

حاربت إسرائيل عام 2008 بهدف تغيير الأوضاع السياسية في غزة، لكنها وجدت مقاومة صلبة مما اضطرها إلى تغيير أهدافها أثناء الحرب إلى أن وصلت إلى هدف إخماد إطلاق الصواريخ. وطبعا توقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية بعد الحرب ليس لأن المقاومة قد رضخت، وإنما من أجل إعادة تنظيم الصفوف والاستعداد بتصنيع وتهريب الصواريخ لبناء المخزون الذي استنفذ خلال الحرب إلى حد كبير.

جربت إسرائيل حظها عام 2012، وعجزت عن تحقيق أي هدف، بل اكتشفت أن صواريخ المقاومة قد أصبحت أبعد مدى وأكثر دقة. ولهذا لم تطل الحرب، واضطرت القوات الإسرائيلية أن تقبل إهانة عسكرية جديدة.

ما الذي تغير الآن؟ على الجانب الإسرائيلي، لا يوجد معطيات عسكرية وأمنية جديدة تدفعها إلى اختبار وضعها ضد غزة مرة جديدة على الأقل في الوقت الراهن. وربما هناك معطيات عسكرية وأمنية فلسطينية جديدة في غزة تجعل مهمة الإسرائيليين أكثر صعوبة من السابق. غزة لا تنام سواء حماس أو الجهاد أو لجان المقاومة الشعبية وكل حركات المقاومة. غزة ما زالت تسهر الليالي وهي تستعد وتستجمع القوى وترفع من درجات اليقظة والحيطة ومستلزمات الدفاع.

ربما يراهن الإسرائيليون على ما طرأ من خلافات بين حماس وإيران، أو على انشغال حزب الله وسوريا وإيران. لكن تحليلي للأمور يشير إلى عكس هذا الرهان. إيران ما زالت تتعاون مع المقاومة الفلسطينية وكذلك حزب الله. المقاومة الفلسطينية تكتسب مزيدا من الزخم والقوة، وهي قادرة على الصمود وامتصاص الضربات الجوية والبرية والبحرية لمدة تزيد على السنة. فهل لدى إسرائيل طاقة على الاستمرار في عدوانها على مدى السنة سواء على مستوى الوضع العالمي أو الوضع الداخلي؟ لا.

هناك من يقول إن إسرائيل قادرة على تدمير قطاع غزة بأكمله. صحيح. إسرائيل تملك قوة تدميرية هائلة، لكن هل بإمكانها أن تفعل ذلك؟ لا، ليس بإمكانها ولا تجرؤ لأن ميزان القوى لم يعد ذلك الذي كان.