دعوات لرفع الحظر عن ترويد السلاح الى القوات "المعتدلة"

تحليل الأزمة السورية في صلب الاهتمام الاسرائيلي

الساعة 08:32 ص|25 ابريل 2013

غزة

مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية

الأزمة السورية وتحدياتها الأمنية من صلب اهتمامات الكيان الصهيوني، ومتابعة تفاعلات الأزمة لم يغب للحظة عن صناع السياسة في دولة الاحتلال، فهم يتابعون عن كثب مجريات الأحداث في الداخل والخارج السوري، وذلك لدور سوريا الكبير في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي في المنطقة.

ومن أكثر الاشياء التي شغلت بال الاسرائيليين هو مصير الجيش السوري والأسلحة المتطورة بحوزته في حال تفكك الجيش وسقوط النظام، ثم المقطع الجنوبي القريب من الجولان، وأن تصبح تلك المنطقة في قبضة من تسميهم "الجماعات الجهادية المناوئة". المداولات المستمرة التي تجريها المستويات الأمنية والسياسية في الشأن السوري منذ نشوب الأزمة والى الآن ظلت تظهر تباين في تقدير الموقف وكيفية التعامل معه.

اسرائيل منذ نشوب الأزمة تعاملت معها بحسابات موزونة، فبقدر ما يعنيها دوام الهدوء في هضبة الجولان؛ فهي معنية أيضاً وبشكل كبير في حدوث تحولات في سوريا تطيح بتحالف سوريا الاقليمي مع إيران وحزب الله وحركتي حماس والجهاد الاسلامي والمعسكر الرافض للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة، وبما يسمح بإعادة رسم خارطة جديدة لمنظومة تدور في فلك المصالح الغربية والأمريكية، ويساهم في تمرير مشروع التسوية. لكن في مقابل هذا الهدف المهم والكبير المتمثل في فك واضعاف منظومة التحالف المعادي لإسرائيل (ايران، حزب الله، حماس، الجهاد الاسلامي) الذي اتخذ من سوريا مقراً له، برز على الدوام شبح الخوف من المخاطر المترتبة على تفكك الجيش ومصير الأسلحة المتطورة التقليدية والكيماوية، وأن تخرج المبادرة من أيدي الجيش الحر غير الملتزم بالايدلوجيا الجهادية - حسب الاصطلاح الغربي - لتصبح في قبضة الفصائل والمجموعات الجهادية بما يؤدي الى اشعال جبهة الجولان التي ظلت ساكنة منذ اتفاقيات فض الاشتباك بعد حرب اكتوبر 1973 وبالتالي قلب السحر على الساحر.

أين تكمن مصلحة اسرائيل، في زواله، في بقائه، في اطالة زمن الحرب.. تساؤلات شغلت صناع السياسة.

الباحثان الاسرائيليان "شمعون شتاين و"شلومو بروم" تناولا تحديات الأزمة السورية في النشرة الصادرة عن معهد بحوث الأمن القومي "نظرة عليا" يعتقدان بعدم صحة التقديرات التي رأت أن مصلحة اسرائيل تكمن في استمرار الحرب الأهلية على اعتبار أنها تمنع سوريا من أن تشكل تهديداً عسكرياً جدياً على اسرائيل، ويريان أن استمرار الحرب الأهلية يعزز تدفق العناصر الاسلامية - الجهادية في أوساط الثوار، ويرون أيضاً أن استمرار الأزمة وتحولها الى حرب أهلية طائفية يصعب اقامة حكم مركزي من جديد بما يزيد من احتمال تفكك سوريا وتحولها الى دولة "فاشلة" تعمل في أراضيها "عصابات وعناصر متطرفة" مختلفة كظاهرة دائمة، مع خطورة وقوع سلاح كيماوي في أيدي تلك العناصر". ومن المخاطر التي تشير اليها الدراسة الصادرة المذكورة؛ الخوف من أن تنتقل الأزمة السورية الى الدول المجاورة وما تفرضه من مصاعب اقتصادية، عسكرية وسياسية كفيلة بأن تضعضع استقرار الأنظمة وتخلق اضطراب اقليمي وتشير الدراسة الى الأردن على وجه الخصوص.

يقول الكاتبان: صحيح أن سوريا منذ الآن في وضع كفت أن تكون تهديداً عسكرياً ذا مغزى على اسرائيل لسنوات طويلة، لكن استمرار الحرب الأهلية سيساهم فقط في تصعيد التهديدات العسكرية من نوع آخر، والتي تنبع من امكانية أن تتحول سوريا الى دولة فاشلة ومن تضعضع الاستقرار الاقليمي". ومن هنا يري الكاتبان أن من مصلحة اسرائيل انهاء مبكر قدر الامكان للحرب الأهلية، ووقوف نظام مركزي ذي طابع اسلامي معتدل في سوريا.

لكن ما يؤرق الكاتبان هو السؤال عن كيفية تحطيم التعادل العسكري بين النظام والثوار في صالح الثوار "المعتدلين"، وهكذا خلق الفرصة لحسم الصراع العسكري أو كبديل حث حل سياسي. ويرى الكاتبان أن اسرائيل لا يمكنها أن تفعل ذلك بنفسها، لكن من المهم لها أن تفهم ما هي الامكانيات، وأن تبحث فيها مع حلفائها في الأسرة الدولية.

وحول البدائل لتحطيم التعادل العسكري لصالح الثوار؛ يرى الكاتبان: ازالة الحظر الغربي على توريد السلاح للثوار، إقامة مناطق حظر طيران على الجيش السوري التابع للنظام، تدخل جوي لمساعدة الثوار. ويرى الباحثان ان ازالة الحظر على ارساليات السلاح هي الامكانية الأقل اشكالية من بين الامكانيات السابقة، وحول الحجة والمخاوف من سقوط السلاح في أيدي مجموعات متطرفة نتيجة عدم توافر قدرة جيدة على التمييز بين المجموعات المختلفة والسيطرة على الهدف النهائي للسلاح. يرى الكاتبان أنه من الممكن التغلب على ذلك مع الوقت مع تراكم معلومات أفضل عن المجموعات المختلفة ومع جهد استخباري مناسب. ويرى الكاتبان "أن توريد السلاح النوعي مثل السلاح المضاد للدبابات والمضاد للطائرات سيضر بنقاط تفوق قوات النظام، وسيغير بشكل جوهري علاقات القوة لصالح الثوار".

ومع أن البحث يتوقع أن لا يحسم الأوروبيون موقفهم بشأن رفع الحظر عن توريد السلاح الى الثوار في الوقت القريب، والنتيجة النهائية التي يتوصل اليها الباحثان "شتاين" و"بروم" هي: "أن إطالة القتال لا تخدم المصلحة الإسرائيلية، وأن رفع الحظر عن نقل السلاح الى القوات المعتدلة يبدو الطريق الواقعي الوحيد للمساعدة في كسر التعادل، وبالتالي حث انتهاء الأزمة التي لا تبدو نهايتها في الأفق".