خبر رجل مجنون في مكتب رئيس هيئة الاركان - هآرتس

الساعة 10:35 ص|22 ابريل 2013

ترجمة خاصة

رجل مجنون في مكتب رئيس هيئة الاركان - هآرتس

بقلم: ألوف بن

(المضمون: سيصعب على رئيس هيئة الاركان بني غانتس ان يقنع الرأي العام الاسرائيلي بعدم تقليص ميزانية الدفاع - المصدر).

في مساء يوم الاستقلال دعا رئيس هيئة الاركان الفريق بني غانتس مجموعة من محرري الصحف الكبار وقنوات التلفاز ومحطات المذياع الى توجيه ورفع كؤوس في مكتبه. وطال الحديث الذي عُرف بأنه "خلفية عميقة" ولهذا لا يجوز الاقتباس منه. وبعد مرور ساعة أو ما يزيد عليها فُتح الباب ودخلت غرفة التباحث ضابطة برتبة رائدة، وقدمت الى رئيس هيئة الاركان قهوة سوداء في كأس زجاجية كبيرة.

قد تكون الضابطة مشغولة كل السنة بشؤون عملياتية عظيمة الأهمية، واشتهت في ذلك اليوم ان ترفه رب عملها بقهوة. وهذا أمر مشروع. ومع كل ذلك شعر القلب في مشهد من "الرجل المجنون" بعالم يُديره الرجال وتخدم فيه النساء؛ ولم يضبط العقل الشرير نفسه وبدأ حسابات واقعية مثل: كم تساوي حقوق تقاعد الرائدة؟ أأربعة ملايين شيكل؟ أثمانية ملايين؟ أكل هذا المال كي تقدم الى القائد قهوة تركية في كأس كبيرة؟.

يثير غانتس الحنين الى اسرائيل في عصر "الرجل المجنون" حينما كانت علمانية وموحدة ومتمسكة بالمهمة وترى الجيش الاسرائيلي منظمة مقدسة. إن محافظته وحذره هما اللذان أديا به الى القيادة العليا، والسجل الذي جمعه بعد أكثر من سنتين في عمله يُسوغ التوقعات، فلا يوجد في جيشه اخفاقات في العمليات ومؤامرات في القيادة العليا وعزل مجلجل لقادة كبار كما كان الامر عند أسلافه. وقد أدار عملية عمود السحاب في غزة بضبط للنفس نسبي وأنهاها بنجاح. ونبعت هفواته في الشؤون الدينية في الجيش – تغيير صيغة "أذكر" وتجاوز قبر الجندي غير اليهودي – كما يبدو من جهل بالشريعة اليهودية، وسارع رئيس هيئة الاركان الى تحمل المسؤولية عن ذلك وازالة الضرر عن صورته.

لكن المجتمع الاسرائيلي تغير منذ ستينيات القرن الماضي ويصعب على رئيس هيئة الاركان ان يلائم نفسه مع التغييرات. فهو يؤدي ضريبة كلامية لدعوات "المساواة في عبء الخدمة" من السياسيين الجديدين يئير لبيد ونفتالي بينيت. لكن غانتس يخشى ان يسلبوه العلمانيين بتقصير مدة الخدمة الالزامية أكثر مما يريد طلاب المعاهد الحريدية في الجيش.

إن التيار الرئيس لـ "ريكي كوهين" الذي يرسل أبناءه الى الجيش للخدمة الالزامية يخشى اليوم على مستقبله الاقتصادي ويحسد ناس الخدمة الدائمة مع مخصصات التقاعد السمينة. وهكذا يأتي غانتس من موقف دونٍ لمعركة على تقليص ميزانية الدفاع. أثار العقيد (احتياط) دورون ماينرت والعميد (احتياط) نتسان نوريال، اللذان تحدثا في ملحق "كلكليست" عن مخصص التقاعد المبالغ فيه وعن الاسراف في الجيش، أثارا غضب رئيس هيئة الاركان. أما رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت الذي وصف الاستعدادات الباهظة الكلفة للهجوم على ايران بأنها إسراف هاذٍ وهاجم التسلح بحاملات جنود مدرعة جديدة، فقد أصابه بالجنون ببساطة.

يعِد غانتس باصلاحات في الجيش لكن جوهره كله يقول، دعونا واتركونا نستمر كما نحن، وابحثوا عن المال في مكان آخر. والتحذيرات معروفة مثل أن المس بظروف الخدمة سيُبعد الصالحين عن الجهاز القتالي، واخراج الدبابات والطائرات القديمة من الخدمة لن يحرز تقليصا ذا شأن. وليس كل ذلك داحضا بالطبع، لكن المشكلة في الجيش تكمن في القيادات التي انتفخت. في الجدل في الميزانية يضعون الطيار في المقدمة ويتجاهلون العامل البسيط الذي يعمل منظما لوقف كبار المسؤولين سياراتهم في مقر سلاح الجو في الكرياه، وسيتمتع بعد قليل بتقاعد يبلغ ملايين لقاء عمل لا يحصلون عليه في الحياة المدنية إلا على أدنى قدر من الأجور وبصعوبة. هذا مُغضب ويثير الحسد بقدر لا يقل عن الرائدة التي تقدم القهوة.

لو أنه قلب الطاولات في القيادات وأعلن ووفى بأن "ما لا يطلق النار سيقلص" وأغلق وحدات لا حاجة اليها واذاعة الجيش الاسرائيلي والمدراس الشرعي – لبدت عظمة غانتس وأسهم في تغيير ثقافي في الجيش. لكنه يفضل ان يسلك سلوك رئيس لجنة خُدام الخدمة الدائمة والمتقاعدين وهذا مؤسف. وفي الجو الحالي في اسرائيل في الوقت الذي يصعب فيه حتى على نوحي دانكنر تغطية سحبه على المكشوف، فان موقف رئيس هيئة الاركان سيجعل من الصعب عليه ان يقنع الرأي العام بأنه لا يجوز المس بميزانية الدفاع.