خبر صاروخان على إيلات: سيناء المعقّدة و«القبة» العاجزة ..حلمي موسى

الساعة 10:45 ص|18 ابريل 2013

للمرة السابعة في السنوات الثلاث الأخيرة تتعرض مدينة إيلات على خليج العقبة لهجوم صاروخي من شبه جزيرة سيناء. وقد أعلنت جماعة سلفية قريبة من تنظيم «القاعدة» تدعى «مجلس شورى المجاهدين» مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين، بل ووزعت شريطاً مصوراً عن الإطلاق. وتؤمن جهات أمنية واسعة في إسرائيل أن المواجهة الإسرائيلية في سيناء هي الأشد تعقيداً بسبب ارتباطها بالوضع العام في مصر ومعاهدة السلام القائمة بين الدولتين.

والواقع أن إطلاق صاروخين على إيلات لم يشكل مفاجأة كبيرة. وعدا عن أن هذه هي المرة السابعة التي تطلق فيها صواريخ على إيلات، فإن إسرائيل تباهت في الأسبوعين الأخيرين بأنها نشرت بطارية «قبة حديدية» في المدينة لحمايتها من الصواريخ بعدما باتت تعتبرها، ولو ضمنا، منطقة مواجهة. وفور إعلان خبر سقوط الصواريخ على إيلات، جرت الإشارة إلى أنه سبق ذلك توفر معلومات استخبارية عن نية جهات معادية إطلاق صواريخ على المدينة. وتساءل كثيرون عن كيف أنه وبرغم المعلومات المسبقة المشار إليها، وبرغم نشر بطارية «القبة الحديدية»، لم يحدث اعتراض لهذه الصواريخ التي بالصدفة لم توقع خسائر في الأرواح أو أضراراً مادية برغم سقوطها داخل مناطق مأهولة. وقد أوقفت إسرائيل عمل مطار إيلات الحيوي على الأقل لمدة ساعة بعد إطلاق صافرات الإنذار في المدينة. وقررت إبقاء الملاجئ مفتوحة تحسباً لتطورات غير متوقعة.

لقد قاد نشر منظومة «القبة الحديدية» في إيلات إلى تساؤلات حول ما إذا كان دم «الإيلاتيين» أشد زرقة من دماء باقي الإسرائيليين. فالمخاطر على المناطق المحاذية للحدود مع قطاع غزة أو مع لبنان وحالياً مع سوريا أشد بكثير من المخاطر على إيلات. فلماذا اختارت إسرائيل نشر واحدة من خمس بطاريات هناك؟ ويرد أنصار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن إيلات هي المدينة الوحيدة في إسرائيل التي تعتاش على السياحة الداخلية والخارجية، وأن ضرب الهدوء فيها يعني إطلاق رصاصة قاتلة على المدينة. وأعلن رئيس بلدية إيلات مئير اسحق هاليفي أن «مدينة تقوم على السياحة لا يمكنها أن تسمح لنفسها بتلقي صواريخ. هذا مساس شديد جداً بوريدنا الاقتصادي المركزي». وإضافة لذلك فإن إيلات هي المدينة الوحيدة، التي تتسم بطابع إستراتيجي مميز ليس فقط لأنها المخرج الضيق الوحيد إلى خليج العقبة والبحر الأحمر، وإنما لأنها الأقرب جداً إلى حدود ثلاث دول هي مصر والأردن والسعودية.

ولأن الأمر كذلك تساءل كثيرون عن معنى فشل منظومة «القبة الحديدية» في اعتراض هذه الصواريخ، ولم يتقبلوا التبريرات التي طرحت سواء لصعوبة الوضع الجغرافي ـ ضيق القطاع الساحلي لإيلات بين الحدودين المصرية والأردنية ـ أو لأسباب فنية تتعلق بحداثة البطارية وعدم اكتمال الاختبارات عليها. ولكن كل التبريرات لم تغط الإحساس بالعجز، الذي نبع ليس فقط من سقوط الصواريخ، وإنما كذلك من الإيمان بضعف أو انعدام القدرة الردعية الإسرائيلية في سيناء. صحيح أن الإسرائيليين يتحدثون عن تحسن التنسيق الأمني مع الجانب المصري الذي يبذل جهوداً كبيرة لمنع تهريب الأسلحة أو استيطان عناصر «الجهاد العالمي» في سيناء، ولكن اختبار النتيجة يشير إلى تعاظم المخاطر.

ولاحظ المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن إسرائيل تواجه مصاعب في سيناء تنبع ليس فقط من ضعف المعلومات الاستخبارية، وإنما أساساً من غياب القدرة على ترسيخ ردع في مواجهة الجماعات الجهادية. فهذه الجماعات لا تمتلك عناوين، ولا مرتكزات يمكن تهديدها باستهدافها. ويخلص إلى أن صواريخ إيلات تشير إلى علائم الزمن الراهن: «إنها شهادة على فترة غير مستقرة، غدت فيها التعابير القديمة عن الردع، الإنذار وموازين المصالح المتبادلة غير صالحة بالقدر الذي كانت فيه طوال السنوات السابقة».

وكانت جماعة «مجلس شورى المجاهدين» قد نشرت شريطاً مصوراً لإطلاق الصواريخ، وأصدرت بياناً قالت فيه إن العملية تأتي في إطار «نصرة الجهاد للأسرى المستضعفين» في «سجون اليهود»، خصوصاً بعد استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية. وتجدر الإشارة إلى أن أمس كانت الذكرى السنوية الـ39 لـ«يوم الأسير» في المعتقلات الإسرائيلية. وأكدت الجماعة أنها استهدفت إيلات بصاروخين من طراز «غراد» صباح أمس، ثم «انسحبت بأمان».

وبرغم أن الموقف المصري تحدث في البداية عن إنكار إطلاق الصواريخ من سيناء، إلا أنه عاد وأشار إلى أن الأمر موضع تحقيق، وأن طواقم فنية أرسلت للتحقيق، فيما أعلنت الرئاسة المصرية أن التنسيق الأمني قائم مع إسرائيل. وشنت أجهزة الأمن المصرية بعد ذلك حملات تفتيش في المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل، في حين نصبت الشرطة حواجز على الطرق الرئيسية في سيناء.