خبر نكبة الشياه -هآرتس

الساعة 10:35 ص|17 ابريل 2013

نكبة الشياه -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: تحتاج المؤسسة الاسرائيلية والشعب الاسرائيلي الى مصالحة عرب الداخل لا الى مجرد تعايش سلمي معه لأن التعايش السلمي يكون بين عدوّين - المصدر).

        كان العاملون في حانوت اللحم اليافوي النظيف مشغولين جدا مساء يوم الاستقلال. فقد اختُطف الكباب المرزوم في أطباق على عجل وكأن القنبلة الذرية الايرانية في الطريق، وتكومت سفافيد البقر والضأن عشرات كسهام مُعدة للاطلاق، واجتمعت قطع لحم الأضلاع وأوراك الدجاج في طريقها الى مكان البائع، وكالعادة كان ايضا شخص ما من عشرات اليهود الذين انتظروا في الصف لم ينسَ قول "هذا يوم نكبة الشياه"، وأجابه آخر: لا شيء، فالعرب ايضا يستحقون الفرح في يوم الاستقلال. ليربح الفتى الى ان يخفض القصابون اليهود الاسعار على الأقل. إنهم يربحون منا ربحا لا بأس به، قالت امرأة احتضنت قطعة ضخمة من اللحم في تنهد، إن الصف هنا اسوأ من الصف عند مطعم أبو العافية بعد انقضاء عيد الفصح.

        نشك في أن يحصل القصاب اليافوي في السنة القادمة على لقب عزيز تل ابيب الذي يوزع في يوم الاستقلال برغم الاسهام الكبير للمؤسسة التي يرأسها في التقريب بين قلوب اليهود والعرب. يُحتاج الى أقل من أصابع يد واحدة ليُحصى الى الآن الأعزاء على المدينة من العرب طول سني وجود الجائزة. لكن ما الذي نشتكي منه؟ إن واحدا من مُشعلي المشاعل في يوم الاستقلال هو البروفيسور عليان القريناوي، رئيس معهد "أحفا" من سكان رهط. وهي المدينة البدوية التي جاء منها السائق الذي صدم ستة مواطنين قرب "نيشر". أي مواطنين؟ عرب. وتنفس البلد الصعداء.

        إن اختلافا عميقا – لغويا وفكريا – يُحدثه سؤال هل اسرائيل هي دولة فصل عنصري. أما من يرون ان سياسة اسرائيل في المناطق المحتلة والتمييز المؤسسي بين المستوطنين والفلسطينيين برهان على وجود فصل عنصري وهذا تصور خطأ. فالمناطق تحت احتلال مميز ومضطهد بحسب تعريفه. وليس حل التمييز في المناطق بأن يستمتع الفلسطينيون بحقوق تشبه الحقوق التي يمنحها القانون لمواطني دولة اسرائيل وكأنهم ضُموا اليها بل بالتحرر من الاحتلال وانشاء دولة فلسطينية تقوم على تساوي الحقوق لمواطنيها جميعا. ويلاحظ آخرون الفصل العنصري في الفرق بين المخصصات التي تُحول الى السلطات العربية وفروق العلم والأجرة غير المحتملة بين اليهود والعرب، وهذا التصور ايضا يُطهر مصطلح الفصل العنصري.

        إن الفصل العنصري الحقيقي هو في الوعي، ولا يوجد كتعبير "التعايش السلمي مع العرب في اسرائيل"، كما تمنى عدد من مُشعلي المشاعل لوصف هذا العيب في الوعي. فلا أحد يدعو الى التعايش السلمي مع المهاجرين من روسيا أو من اثيوبيا أو من اوروبا لأن التعايش السلمي أمنية مع العدو. حينما ندد وزير التربية جدعون ساعر قبل سنة بمراسم النكبة التي كانت في جامعة تل ابيب وقضى بأن ذلك "قرار خطأ ومُغضب ويمس بمشاعر الجمهور ولا سبب يدعو الى أن تكون الأحرام الجامعية في اسرائيل مناطق لعروض الكراهية لاسرائيل" كان يدافع في الحاصل العام عن وعي الفصل العنصري.

        إن النكبة في الحقيقة ترعب اسرائيل. ولا يمكن ان ننسى للعرب أنهم طردوا أنفسهم من فلسطين ودمروا قراهم وأصبحوا لاجئين ودنسوا طهارة حرب الاستقلال، ولا ننسى ايضا أن كثيرا منهم بقوا في اسرائيل يحطمون بذلك طموحها الى ان تكون دولة يهودية خالصة لا دولة لليهود فقط.

 

        إن الفصل العنصري في الوعي خلافا للاحتلال الذي يمكن ان ينتهي ويفصل اسرائيل عن السكان المحتلين، قد أصبح جزءا من المورثات الجينية الاسرائيلية اليهودية، وقد نبت قبل الاحتلال وابتهل في خلاله وسيستمر ايضا بعد ان ينتهي الاحتلال ذات يوم. قد يوجد مع الفلسطينيين في الضفة وفي غزة ذات يوم "تعايش سلمي" أما مع العرب في اسرائيل فيُحتاج الى أكثر من ذلك بكثير. يُحتاج الى مصالحة صادقة. "إن الفصل العنصري لا يمكن ان يجري عليه اصلاح بل يجب ان يُقتلع"، قال رئيس الوزراء السويدي أولوف بالما قبل قتله باسبوع. ولن يلغي الفصل العنصري الاسرائيلي مساواة الميزانيات والتمييز التصحيحي الصوري ولا اطلاق الفكاهات عن الشياه في حانوت لحم بل المصالحة مع النكبة.