خبر سيئة على الفلسطينيين وسيئة على اسرائيل -يديعوت

الساعة 10:34 ص|17 ابريل 2013

سيئة على الفلسطينيين وسيئة على اسرائيل -يديعوت

بقلم: دوف فايسغلاس

        في نهاية حزيران 2002 اتصلت بي كونداليزا رايس، مستشارة الامن القومي في ادارة بوش، وقالت انه عُين في السلطة الفلسطينية وزير مالية جديد هو الدكتور سلام فياض. وهو خبير اقتصاد ومصرفي معروف جيدا في واشنطن بصفة عامل رفيع المستوى سابق في صندوق النقد الدولي. وقالت رايس انه "شخص موهوب ونزيه وتجب مساعدته بتجديد تحويل اموال الضرائب". وعرفت جيدا ما الذي قصدته. فقد فُوض لاسرائيل بحسب اتفاقات اوسلو تنفيذ جباية الضريبة الجمركية وضريبة القيمة المضافة المفروضة على الاستيراد لمناطق الفلسطينيين؛ وتُحول الاموال الى السلطة مرة في كل شهر. وحينما بدأت أحداث الانتفاضة الدامية في نهاية 2000 كفت اسرائيل عن تحويل الاموال.

        ونقلت الى رئيس الوزراء شارون طلب رايس فأجاب بالرفض. وطلبت رايس أن نتحدث مع فياض على كل حال وقالت "أوضحوا له". واجتمعنا مع المستشار السياسي داني أيلون في بيت السفير الامريكي وعرفنا شخصا متواضعا ودمثا ومدهشا في معرفته.

        بيّن فياض انه "وزير خزانة من غير خزانة". فاموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل تبلغ نحوا من 70 في المائة من ميزانيته العامة وهو لا يستطيع أداء عمله من غيرها. وفصّل خططه وهي: تنظيم من جديد لاجهزة الامن، وتحسين الاقتصاد وتطويره، ومكافحة الفساد والاحتكار، ووقف العنف واعادة الهدوء والاستقرار. وقال: "ما لم يوجد أمن للاسرائيليين فلن يوجد أمن للفلسطينيين، وما لم يوجد أمن فلن توجد حياة سوية للشعبين".

        وعُدت الى شارون فقلت انه "شخص مدهش. إن الوضع سيء جدا حتى إنه لا يوجد ما نخسره. فلنعطه فرصة. واذا تبين ان الاموال تصل الى أيدٍ غير مرغوب فيها فسنوقف ذلك". وهز شارون رأسه موافقا وتم تجديد نقل الاموال.

        ومنذ ذلك الحين أحدث فياض بعمله وزيرا للخزانة ورئيسا للوزراء تحولا في صورة الحياة الفلسطينية وفي العلاقة بين اسرائيل والسلطة. وتم تنظيم قوات الامن من جديد فحل محل "جيل الانتفاضة" ناس أهل أُعدوا لمناصبهم؛ وأُبعدت العصابات المسلحة التي سيطرت على الشوارع وتم القضاء على الجريمة؛ وتم وقف الارهاب الموجه على الاسرائيليين من يهودا والسامرة تماما تقريبا؛ وطُبق اصلاح أساسي في ترتيبات الادارة وادارة الاموال العامة؛ وتم حل الشركات الاحتكارية "العائلية" التي سيطرت على الاستيراد والتجارة. وقد كاد يدفع فياض حياته ثمن كل ذلك أكثر من مرة.

        فياض على حق. وقد نجح ايضا لأن الأمن والهدوء والاستقرار واختفاء الارهاب والجريمة أحيت الاقتصاد الفلسطيني. وأُعيد بناء الاتجار مع اسرائيل وبدأ استثمار مال اجنبي وجُددت السياحة وبدأ زخم بناء وتطوير وتطور النقل العام الداخلي. واكتسب فياض ثقة المجتمع الدولي ولم تُحجم أمم العالم بخلاف الماضي عن تسليمه مئات ملايين الدولارات لتطوير السلطة.

        من المناسب ان نؤكد ان فياض رجل جمهور شجاع ومستقيم ومدير جيد لكنه ليس رجل سياسة. ونشك في ان تكون انجازاته الكثيرة كانت توجد لولا الدعم السياسي والعام والسياسي المطلق الذي منحه له أبو مازن. فأبو مازن كفياض يُظهر معارضة شديدة لكل تعبير عن الارهاب أو العنف وسيلة للنضال ضد اسرائيل: "لن يكون حل عسكري للصراع"، أعلن في مؤتمر العقبة في حزيران 2004 على الملأ: "سيتم وقف الارهاب الموجه على اسرائيليين في كل مكان يوجدون فيه". وقد طلب هذان الاثنان حسنا ووفيا وفاءا حسنا – فياض بالتنفيذ وأبو مازن بالدعم – وهذان الاثنان "ليسا شريكين" (أو "ليسا ذوي صلة") عند حكومة اسرائيل السابقة (لأن الحكومة الحالية لم تفرغ بعد للاشتغال بذلك).

        إن اعتزال فياض الحياة الرسمية الفلسطينية سيء على السلطة وسيء على اسرائيل لأن السلطة بغيره وبغير أبو مازن قريبا ايضا ستكون مختلفة. وقد يصبح الموقف الاسرائيلي الذي يقول انه لا يوجد من يُتحدث معه نبوءة تحقق نفسها.