خبر عام الختيار -معاريف

الساعة 08:54 ص|14 ابريل 2013

عام الختيار -معاريف

بقلم: يوسي احيمئير

(المضمون: لي ولعائلتي حساب عسير مع بن غوريون. ولكن كل الغضب عليه يتقزم في ضوء الحدث التاريخي الذي قاده في الخامس من أيار من العام العبري تشح، قبل 65 سنة - المصدر).

        كان كارها كبيرا لابي ولعائلتي. كان خصما حادا لجابوتنسكي، لبيغن ولحركتهما. "فلاديمير هتلر"، لقب الاول، "الرجل الذي يجلس الى جانب بادر"، دعا الثاني. كان مفتري دم في قضية اغتيال ارلوزوروف قبل ثمانين سنة، وتسبب بسفك الدماء في قضية "التلينا"، كان اشتراكيا متزمتا، شريرا ومتعاليا، ولكنه كان الزعيم الذي حظي بالاعلان عن اقامة دولة اسرائيل وقيام البيت الثالث اليهودي. كان هذا دافيد بن غوريون، زعيم حزب بلاد اسرائيل "مباي"، رئيس الوزراء الاول.

        لي ولعائلتي، لي ولحركتي حساب عسير، طويل، مع بن غوريون. فقد كاد يتسبب بموت أبي شنقا، دون ذنب اقترفه. وعاد وشهر به. عاد وشتمه، ولا يزال البعض منا يصدقون ادعاءاته المغرضة التي لم يتراجع عنها حتى يومه الاخير. ولكن كل الانتقاد والغضب عليه يتقزمان في ضوء الحدث التاريخي العظيم، المتفرد، الذي حظي هذا الرجل بقيادته يوم الجمعة، الخامس من أيار من العام العبري تشح (15 ايار 1948) قبل 65 سنة بالضبط.

        قلائل هم الزعماء في أمم العالم، على مدى كل التاريخ، الذين ترتبط اسماؤهم بحدث على هذا القدر من العظمة، مثل قيام استقلال شعبهم. أحيانا الصدفة هي التي تكون دعتهم لان يكونوا في مركز الحدث التاريخي. واحيانا هم أنفسهم يكونوا استدعوا وقوعه، لكونهم كانوا في تلك اللحظة الرجل السليم، في المكان السليم، في الزمن السليم.

        قبل ثماني سنوات من قيام استقلال اسرائيل توفي زئيف جابوتنسكي. وهكذا يكون زال التهديد السياسي الجدي عن حكم بن غوريون في الحاضرة. ومن الان فصاعدا لم تكن له كوابح واعتراضات نفسية لتحقيق جزء من رؤيا الخصم الكبير. وأولها، الاعلان الشجاع عن الدولة في نافذة فرص نادرة زعيم بقامته وحده يمكنه أن يشخصها.

        ينبغي أن نتذكر بانه فقط في 1942 اعترف بن غوريون، في خطاب ألقاه في نيويورك، بما تحدث عنه جابوتنسكي منذ أسس في 1925 حركته "تساهر" إذ قال: هدف الصهيونية هو إقامة دولة عبرية. بن  غوريون أعلن ولكنه نفذ ايضا. بل انه طبق نظرية "الحائط الحديدي" التي وضعها جابوتنسكي قبل تسعين سنة.

        2013 هو عام بن غوريون. في ايار ستحل الذكرى الخمسين لاستقالته من رئاسة الحكومة. بعد بضعة اسابيع من اثارة "عاصفة لم يكن مثيل لها" في الكنيست، حين شهر بشدة بابي الراحل ووجد نفسه بعزلة غير لامعة حتى في حزبه، مباي. في كانون الاول ستحل الذكرى الاربعين لموته ودفنه في سديه بوكر. 2013 هو ايضا عام الاستقلال الـ 65 الذي تحقق بعد طرد المحتل الاجنبي البريطاني وصد الغزاة العرب.

        زعيم عظيم فقط يعرف كيف يتخذ قرارات تاريخية، احيانا "ضد كل الاحتمالات". هكذا كان في الخامس من ايار تشح، حين كانت الحاضرة اليهودية لا تعد سوى 600 الف نسمة وستة جيوش عربية كانت جاهزة لافنائها. زعيم عظيم فقط، شديد النفس، كان يمكنه أن يجمع وجهاء الشعب في قاعة في قلب تل أبيب الصغيرة وأن يتلو بفخار وثيقة الاستقلال. هكذا كان بن غوريون. ليس سخيا، ولكن عبقري ووحشي.

        منذ بن غوريون قلة من زعمائنا اتخذوا قرارات عظمى وشجاعة، وان كانت موضع خلاف ايضا. بيغن كان هكذا بقراره في اتفاق السلام مع مصر. شارو كان هكذا في قراره في فك الارتباط. ولكن فقط القرار بالاعلان عن الدولة يوجد في اجماع مطلق، وهذه هي الحظوة الكبرى لبن غوريون.

 

        هل اليوم، في شروط أفضل بكثير من تلك التي سادت في 1948، سيتجرأ رئيس الوزراء على اتخاذ اي قرار تاريخي، بحجم يقترب من اعلان الاستقلال؟