خبر رسالة مفتوحة إلى عنصريّ إسرائيليّ../ زهير أندراوس*

الساعة 04:45 م|12 ابريل 2013

إلى باروخ ميخائيلي،
نائب رئيس بلدية معلوت،

بداية، أجد لزامًا على نفسي، وبالإنابة عن السواد الأعظم من أبناء قريتي ترشيحا، أنْ أُهنئك على انضمامك الرسميّ إلى نادي العنصريين الصهاينة في الدولة التي تتبجح بأنّها واحة الديمقراطيّة في الصحراء العربيّة. في الحقيقة، لم يقع النبأ عليّ كالصاعقة، ذلك أنّ العنصريّة، التي تسير بخطى حثيثةٍ نحو الفاشيّة، باتت رياضة وطنيّة تُمارسها ببراعةٍ الأغلبية الساحقة في دولة الأكثريّة اليهوديّة، ربّما تعويضًا عن عدم حصول الرياضيين من أبناء جلدتك على الميداليات في المسابقات الدوليّة.

***

أنت تتمتّع بمطلق الحريّة بأنْ تكون عنصريًا من الدرجة الممتازة أوْ الدنيا، هذا الأمر لا يُخيفنا ولا يُرهبنا ولا يمنعنا من مواصلة التمسّك بالأرض والعرض، بالشجر وبالحجر، بالزيتون وبالزيت، ونتشبث بكلّ ما نملك وبكلّ ما قامت دولتك، التي هي بالمناسبة ليست دولتي، بنهبه وسلبه منّا، من آبائنا ومن أجدادنا، ذلك أنّ ما قام على باطل فهو باطل.

***

لا تريد عربًا في "معالوت"، وهي التي أُقيمت على أراضٍ لسكان ترشيحا، قامت عصاباتكم الإجراميّة في النكبة المشؤومة بطردهم وبتهجيرهم إلى الدول العربيّة المجاورة، ومع ذلك، تُواصلون الكذب، وترويج روايتكم المزعومة بأنّ فلسطين هي أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض. هل تعلم، أنت القادِم إلينا، ولا يهُمني من أين أتيت، ولماذا أتيت، إلى بلاد "اللبن والحليب والعسل"، أوْ "أرض الميعاد"، كما تؤمنون، بأننّي شخصيًا أُوافق على طرد العرب من "معالوت"، شريطة أنْ تُوافق سيادتك، قبل دخول السبت أوْ قبله، أوْ حتى بعده، على تطبيق المبدأ القائل: عملية الطرد الجماعي أوْ الفرادي، تكون شاملةً وعادلة للجميع: مَنْ وصل أخيرًا، يُطرد أولاً، وأنْ ينسحب هذا الأمر على كلّ فلسطين، من البحر إلى النهر؟

***

لن أنجر أبدًا وراء لهاثك العنصريّ، ذلك أننّي بادئ ذي بدء، أُقدّس إنسانيتي، قبل أيّ انتماء أخر، ولكن هناك عدّة أسئلة تقضُ مضاجعي، منها على سبيل الذكر لا الحصر: إذا كانت فلسطين هي أرض الميعاد، كما تدّعون بمناسبةٍ أوْ بغيرها، لماذا وافق زعماء الحركة الصهيونيّة، التي أقرّت الأمم المتحدّة، أنّها حركة عنصريّة، على الاقتراح بإقامة دولة اليهود في الأرجنتين، وهي على حدّ معرفتي المحدودة جدًا بالجغرافيا، تقع في أمريكا اللاتينيّة؟ وسؤال أضافيّ: ما هو السبب الذي دفع أقطاب هذه الحركة الاستعماريّة للموافقة على إقامة دولتكم في أوغندا، هناك في القارّة السمراء، إفريقيا، التي تبعد عن فلسطين آلاف الكيلومترات؟ لماذا؟ أُذكّرك، هذا إنْ نفعت الذكرى بأنّ موشيه دايانكم، قال في جامعة حيفا بعد العدوان الذي شنّه جيش احتلالكم في حزيران (يونيو) من العام 1967، قال: إذا أردت أنْ تبحث عن العدل فلن تجد إسرائيل، وإذا أردت أنْ تبحث عن إسرائيل فلن تجد العدل.

***

أميل إلى الترجيح بأنّك ومَنْ على شاكلتك، ستقولون بعد قراءة هذه السطور: هذا إنسان متطرف! كيف يكتب بهذه الطريقة؟ إنّه يحمل جواز السفر الإسرائيليّ؟ نعم، أحمل الجواز، ولكنّ القضية، التي نسيتم أوْ تناسيتم أنْ تتطرّقوا إليها: هل كان أمامنا خيارًا من أجل البقاء على هذه الأرض، أرضنا، سوى القبول بالجواز؟ هل عُرض علينا جواز السفر الفلسطينيّ ورفضناه؟ هذه الحقائق التاريخيّة الدامغة لن يقدر على شطبها من ذاكرتنا الجماعيّة كائنًا من كان، وبالمناسبة أثبتنا لكم قولاً وفعلاً، أنّ أقوال رئيسة وزرائكم السابقة، غولدا مئير، بأنّ الكبار سيموتون والصغار سينسون، عارية عن الصحة، نعم الكبار سيموتون لأنّ الموت حق، ولكن، كُنْ على ثقة، بأنّ الصغار يعرفون بأنّ هذه الأرض أرضهم، وبأنّ على هذه الأرض ما يستحّق الحياة، كما قال شاعرنا الوطنيّ الراحل، محمود درويش، في حين قال من تُسّمونه بشاعركم الوطنيّ، حاييم نحمان بياليك: إننّي أكره اليهود من أصول شرقيّة، لأنّهم يشبهون العرب.

***

إنّا هنا باقون، شوكة في حلق كلّ عنصريّ على شاكلتك، قلبنا ينبض في ترشيحا، عروس الجليل، التي قضيتم على غشاء بكارتها مرتين، الأولى في العام 1948، أيْ في النكبة، والثانية، عندما فرضتم علينا الشراكة القسريّة مع معلوت، عام 1963، عندما كانت دولتكم "الديمقراطيّة" تفرض علينا الحكم العسكريّ. أمّا إذا كانت لديك مشكلة في ذلك، وأنا بالمناسبة سعيد لأنّ العرب، أصحاب الأرض الأصلانيين يغيظونك، فما عليك إلا أنْ تنصرف من هنا، من موطننا، موطن الشعب العربيّ الفلسطينيّ، ولن أقتبس مرّة أخرى ما كتبه أكبر شاعر في فلسطين: آن أنْ تنصرفوا......