خبر دير ياسين ...حكايات النكبة والمجزرة والمفخرة

الساعة 09:02 م|09 ابريل 2013

رام الله

لم يتمالك الحاج أبو طارق نفسه من البكاء وهو يرى أبناء قريته دير ياسين يتوافدون من كل مكان شتتوا أليه بعد تهجيريهم ...هذه العائلة من القدس وتلك من بتونيا وأخرى من سلفيت وبتين والمزرعة الشرقية ودير عمار وشعفاط.... لهم اجتمعوا في مكان واحد ليحيوا ذكرى مذبحة أبنائهم وأجدادهم.

أبو طارق، مصطفى درويش، والذي لم يكن عمره في حينها يتجاوز الثمانية أعوام يتذكر الكثير الكثير مما كان في تلك الأيام، التاسع من أبريل-نيسان، حيث ارتكبت عصابات الصهيونية مجزرة بحق أهالي البلدة وقتلت وذبحت وأسرت وشردت أهالي البلدة.

يقول:" اقتحمت قوات الاحتلال والعصابات البلدة من كل الجهات وحاصرتها باستثناء الجهة الغربية والتي كانت ملاذا للأطفال والشيوخ وللنساء للهرب من البلدة إلى القرى القريبة، وحدثت المذبحة التي راح ضحيتها قرابة ال 100 من أبناء البلد معظمهم من الشيوخ والنساء، حتى أن الأسرى قتلوهم وألقوا بجثثهم في الكسارات القريبة، ولم يسمحوا حتى لذويهم بدفنهم".

ابو طارق يتذكر جيدا كيف هرب وأمه وأشقائه من البيت وتوجهوا إلى عين كارم، القرية القريبة، وتركوا والده وشقيقه الأكبر يقامون خلفهم، ويتذكر أيضا أخوالهم الذين ذبحوا في المجزرة عيسى ويوسف.

التمسك بالوطن والعودة...

وبحسب ما قال أبو طارق ل"فلسطين اليوم" فإن أهالي القرية يجتمعون كل عام في هذه الذكرى ويتواصلوا مع بعضهم البعض وينقلون ما تبقى من قصصهم عن المذبحة و النكبة و المفخرة إلى أجيالهم القادمة، تمسكا منهم بحقهم المسلوب و ثائرهم الكبير ولو بعد حين.

وفي هذا العام، والذي يوافق الذكرى 65 عاما على المجزرة التي ارتكبتها عصابات "الأرجون" و"شترين" الصهيونيتان ضد أهالي البلدة حيث قتلوا كل من وجدوه في القرية من أطفال ونساء وشيوخ وشبان ومثلوا بجثثهم.

وتقع قرية دير ياسين غربي مدينة القدس المحتلة، وهي قرية صغيرة تقع على ربوة مرتفعة تطل على الشارع الرئيسي المار من يافا والقدس، وهو ما جعلها هدفا للصهاينة للاستياء عليها في تلك الفترة، والتي كانت مقدمة لاحتلال والسيطرة على باقي المنطقة وتهجير وترهيب سكانها.

حصار في قلب المعركة

مريم زيدان خرجت من القرية وكان عمرها عام فقط، ولكنها لا تزال تتذكر كل حكايات والدها ووالدتها عن هذا اليوم والذي بدأت فيه العصابات الصهيونية منذ الفجر بالقتل:" كانت أمي ونساء القرية "يعجن" في الفجر لخبزه في الفرن الذي كان يملكه أحد سكان الخليل ويعمل فيه مع أبنه، وفي الفجر، الساعة الرابعة، سمع صوت إطلاق النار حيث قتلت العصابات الفران وابنه.

وتتابع في حديثها لفلسطين اليوم:" بعد قتل الفران هجموا على منزل آل زهران في البلدة، حيث أعدموا العائلة بالكامل 25 شخصا كانوا يسكنون في أول البلدة، بعدها خرج المقاومين لتصدي للصهاينة، وهرب من كانوا في غربي البلد إلى عين كارم وفيما بقي سكان وسط البلد محاصرين في بيوتهم".

 مريم وشقيقاتها وولدتها بقين في مخزن البيت ثلاث أيام، فيما تمكنت جدتها من تهريب شقيقتها الكبرى وشقيقها، وبعد ثلاث أيام من الحصار تمكنت من الهروب مع والدتها والالتحاق بعائلتها، فيما بقي والدها مع المقاومين.

ومن الحكايات التي روتها والدتها استشهاد عمتها "حلوة زيدان" والتي رفضت الخروج من القرية وبقيت تدعم الثوار، وفي اليوم الأول من المعركة عاد اليها أبنها محمد جريحا فقالت له "هذا لا يضر الثوار" وعاد إلى القتال وفي اليوم الثاني أستشهد محمد فزغردت العمه وفي اليوم الذي يليه استشهد زوجها "الحاج عايش خليل" فزغردت، وفي اليوم الثالث استشهدت هي.

خرجت الحاجة مع والدتها مستغله انشغال الصهاينة بوقت العشاء، وقامت الوالدة ومن كان معها من النساء بالزحف على الأرض حتى أطراف القرية، ومن هناك إلى قرية عين كارم حين اجتمعن مع العائلة، ومنها خرجن إلى قرية عين يبرود ومنها إلى بيتين غربي رام الله وما زالت تعيش هناك حتى الأن.