خبر نفسية الشر.. متلازمة الضحية - هآرتس

الساعة 08:27 ص|09 ابريل 2013

ترجمة خاصة

نفسية الشر.. متلازمة الضحية - هآرتس

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

(المضمون: تجربة الضحية لا تدفعه لان يكون انسانا أفضل. الناس الذين احيق بهم ظلم كبير لا يستخلصون استنتاجات كونية، بل يريدون للظلم الذي وقع بهم ان يقع بالاخرين ايضا - المصدر).

لدينا فرضية شبه غريزية بان التجربة التي بمر بها الضحية يفترض أن تنمي فيه الحصانة في وجه الشر. وهو سيعمل لمنع الاخرين من ان يخوضوا التجربة التي اجتازها. هذه فرضية متفائلة ورومانسية لا صلة لها بالتجربة الانسانية. فهي تتجاهل مثلا الحاجة الانسانية جدا للثأر. نحن نريد لمن تسبب لنا بالمعاناة أن يعاني. نحن نريد لمن مس باعزائنا ان يشهد هو ايضا تجربة الفقدان، انعدام الوسيلة والبؤس الذي شعرنا به.

هذا لا يرتبط بالرغبة في التربية، في المعاقبة من أجل منع الشر في المستقبل. هذا يرتبط بفهم عميق جدا، كامن جدا، للعدل التماثلي. "العين بالعين، السن بالسن". وحتى رب اسرائيل لا يستنتج من المس الذي اصابوه به بانه محظور المس بالابرياء. فهو يريد الثأر، ويلقي "بظلم الاباء على الابناء وابناء الابناء وعلى الجيل الثالث والرابع". ويا  له من انساني. وما هو الانساني ايضا؟ الانساني هو الخوف. الانساني هو الرغبة بالا يحصل هذا لك ولاعزائك ابدا، مهما كان الثمن الذي يدفعه الاخرون. الانساني هو التفكير بان المس الذي اصابوك به يدخل في حساب ما غير مكتوب من الحقوق والواجبات، والان مسموح لك أن تكون انسانيا اقل وليس أكثر، حريصا أقل بالتسهيل والتشديد وليس أكثر، حساسا أقل وليس أكثر.

أنتم، الذين مررتم بأمور فظيعة جدا تهتفون نحونا: كيف حصل أنكم لم تصبحوا اناسا افضل؟ نحن لسنا اناسا افضل لان تجربة الضحية لا تدفعه لان يكون انسانا افضل. الاطفال المضروبون يتحولون غير مرة الى كبار ضاربين. الناس الذين وقع عليهم الظلم الكبير لا يستنتجون منه استنتاجات كونية. فهم يريدون للظلم الذي احيق بهم ان يصلح. يريدون أن تتبدد مخاوفهم. يشعرون بالمرارة والغضب. يريدون أن يشعروا بأمان. وقدرة النظر الى الآخر بعطف هي في احيان قريبة امتياز للناس وللمجتمعات التي لم تشهد ضررا عميقا. هي تعبير عن الثقة بالنفس، عن الوفرة، عن القدرة على اعطاء الآخرين انطلاقا من المعرفة بانه سيكون لديك ما يكفي لك ايضا.

ولكن وضع الضحية ليس فقط تعبيرا عن الصدمة. فهو يمنح غير قليل من الفضائل. يمنح الضحية الحق في تجاهل احتياجات الاخر ويسد الاذان عن سماع النقد. هذا هو السبب الذي يجعل العديد من المجتمعات لا تسارع الى أن تتبنى لنفسها موقف الضحية. فلضحية الظلم (مذبحة، تمييز، احتلال) يوجد، في نظر نفسها على الاقل، الحق في ايقاع الظلم على الاخرين، المس بالابرياء، اعتبار النقد الاخلاقي الموجه له ازدواجية.

لقد جعل المجتمع الاسرائيلي موقف الضحية سجل الحقوق الاساس له. وللمفارقة، فان المجتمع الفلسطيني ايضا (وله حتى "كارثة" خاصة به). المجتمعان هما دليل على أن الظلم الذي يحاق بك لا يجعلك اكثر حساسية للظلم الذي يحاق بالاخرين، حتى عندما تكون أنت نفسك من اوقعته به. نحن غارقون جدا في احساسنا بالضحية، بحيث أننا نجد صعوبة في أن نرى كم هو هذا الاحساس يشوه لنا تفكيرنا؛ ليس فقط في المواضيع الاخلاقية، بل وايضا في القرارات العملية جدا مثل الامن الوطني. فالحاجة لان نري لانفسنا وللاخر باننا لن نكون ابدا ضحايا بعد اليوم يمنعنا من أن نأخذ المخاطر المدروسة أو ان نفكر الى ما هو ابعد من الشعور بالاهانة، الخوف والالم.

الرئيس الامريكي، براك اوباما فهم هذا. خطابه لم يكن خطابا برغماتيا. اوباما لم يقترح اي شيء عملي. كانت هذه محاولة للعلاج الجماعي. لقد حاول اوباما المرة تلو الاخرى أن يهدئنا بكلمات بسيطة للغاية: أنتم لستم وحدكم. نحن ندوما سنكون معكم. أنتم يمكنكم ان تتحرروا من موقف الضحية وان تروا الاخر. هذا مجديا لكم.

ليس بسيطا الكف عن التفكير كالضحية، ولكن اوباما محق. حان الوقت.