خبر ويسكت عرب إسرائيل- يديعوت

الساعة 08:12 ص|08 ابريل 2013

ويسكت عرب إسرائيل- يديعوت

بقلم: يارون لندن

        قُتل عشرات آلاف الناس في سوريا منذ بدأت الحرب الأهلية وسيُحتاج الى عشرات السنين لاعادة بنائها وإقرار بنية سياسية فيها تؤدي عملها مثل دولة. وتنبع هذه المأساة من ضعف الفكرة القومية في دولة تفخر بأنها رائدة القومية العربية.

        إن القومية بمعناها الحديث هي فكرة علمانية تقضي بأن "الشعب" ماهية تشتمل على الناس من أبناء ديانات وطبقات مختلفة. وتقوم على ذاكرة تاريخية مشتركة وعلى لغة مشتركة وعلى العيش معا في ارض تسمى "وطنا". ولا توجد هذه الشروط دائما لكن يجب ان يوجد شيء منها كي يُعترف بمجموعة من البشر وتعترف هي بأنها "شعب". ان القومية السورية كما يكتب الآن بحروف من دم ليست قوية بقدر يكفي للجمع بين الطوائف الدينية الكثيرة المتقاتلة منذ زمن بعيد من اجل السيطرة على الجزء الشمالي من الهلال الخصيب.

        إن البعد بين دمشق التي تتحطم وبين الناصرة التي هي أكبر مدينة عربية في اسرائيل وهي عاصمة الطبقة المثقفة العربية الاسرائيلية هو نحو من 120 كم. ويرى أكثر مواطني اسرائيل الذين يتحدثون العربية لغة أم، يرون أنفسهم أبناء الشعب الفلسطيني الذي هو فرع من فروع الشعب العربي، لكن يوجد بينهم ايضا من يلغون الغاءا كاملا الفكرة القومية ويرونها من المنتوجات المستوردة التي سممت النفس المسلمة.

        لكن سواء أنظرنا فيما يجري في سوريا بعيون الأولين أو نظرنا بعيون الآخِرين، فلن نستطيع ألا نعجب لبعدهم النفسي عن المذبحة والدمار اللذين يُحدثهما المتحدثون بلغتهم على مبعدة ضئيلة عن بيوتهم. ويشهد على ذلك العدد القليل من التصريحات على ألسنة رجال الحياة العامة والصحفيين العرب وغياب هذا الموضوع عن الخطاب في الشارع العربي. فيبدو ان الجمهور العربي في اسرائيل تهمه المذبحة في سوريا كما تهم أبناء شعوب بعيدة تقريبا. تناولت فطوري في السبت الأخير في صحبة أبناء عائلة عربية من الجليل وفحصت عن انطباعي فصدقوه بلا تردد. ويمكن ان نفسر هذا بصورة من صورتين: إما أنهم ذابوا كثيرا في الواقع الاسرائيلي حتى إن مشاعرهم لم تعد تهتم بما يجري بين الشعوب العربية، وإما أنهم يُسلمون بحقيقة ان منطقتنا تسلك هذا السلوك منذ الأزل وينبغي ألا يتأثروا بأعمال قتل جماعية.

        يحتاج رجال الحياة العامة العرب في اوقات متقاربة الى التنديد بمظاهر بغيضة في الدول المجاورة. ويجيبون بأنهم ولكونهم اسرائيليين مثلنا جميعا، معفيون من البرهان على اشمئزازهم من الاعمال التي تجري خارج مجال مسؤوليتهم. ولا يأخذ هذا الموقف الذي يبدو صادقا في الوهلة الاولى، لا يأخذ في حسابه تأثيره في السكان اليهود، فأنا أرى انه يؤثر في العلاقات بين اليهود والعرب في اسرائيل وفي استعداد اليهود للموافقة على انشاء دولة فلسطينية.

        ما الذي يفهمه "اليهودي العادي" من هذا الصمت الشامل؟ هذا ما يفهمه وهو ان المواطنين العرب في اسرائيل يعرضون مطالب تنبع من كونهم أبناء شعب مختلف. فهم يرفضون الخدمة في الجيش لئلا يضطروا الى الاضرار بأبناء شعبهم ويطالبون بحكم ذاتي في مجال التربية. ويقوم مطلبهم هذا على ان تراثهم الثقافي المتميز يتطلب ادارة ذاتية وفي هذا الكثير من الصدق ايضا لأنه لا يمكن أن ننكر الفرق العميق بين ثقافة اليهود وثقافة العرب. لكن اذا كانت القيم من المنتوجات الرئيسة للثقافة واذا كان الفلسطينيون من مواطني اسرائيل شركاء في ثقافة العرب السوريين فينبغي ان نفترض أنهم يُسلمون للجانب القاتل في ثقافتهم.

        تم تذكر "يوم الارض" منذ زمن قريب بمسيرات وتظاهرات، لكن عرب اسرائيل لم يستغلوا حتى هذه الفرصة المريحة للاحتجاج بصوت عال على ما يجري في سوريا. ويقول اليهودي العادي لنفسه اذا كان الامر كذلك أفلم يصدق اسحق شمير حينما قال إن "العرب هم العرب أنفسهم والبحر هو البحر نفسه"؟.