خبر المعتقل « إكس » حي... هآارتس

الساعة 11:13 ص|02 ابريل 2013

بقلم: أوري مسغاف

(المضمون: مات المعتقل زغيير ودُفن، لكن قضيته حية تتنفس، وقد حان الوقت لفحص جدي مستقل - المصدر).

وُجد بن زغيير عميل الموساد الذي اعتقل وحُقق معه بتهمة المس بأمن الدولة، مشنوقا في زنزانته في سجن أيلون ودُفن تحت شاهد قبر رخامي أسود في مسقط رأسه في مدينة مالبورن. وترك وراءه زوجة وابنتين ووالدين وأختا واصدقاء ومعارف.

إن حياته وموته يشغلانني ويقضان مضجعي. وقد بذلت في الشهرين الاخيرين جهدا كبيرا في التحقيق والكتابة عنه ولا سيما في اطار مدونتي على الشبكة والتي تُنشر في موقع انترنت صحيفة "هآرتس". وأنوي أن أستمر في ذلك مع صحفيين أصحاب مدونات آخرين الى ان يُكشف عن الحقيقة.

كانت المؤسسة الامنية والقضائية في البلاد ستكونان سعيدتين بالطبع لو ان القضية أُسقطت عن برنامج العمل العام. وتعمل جهات جهازية منذ ثلاث سنوات، أي منذ الاعتقال السري لزغيير في آذار 2010، لاسكات الاشتغال به وبلا فائدة لأن النصوص التي تتحدث عنه تحظى بعناية عظيمة.

أنا فخور بالاصرار على تسمية زغيير "المعتقل إكس"؛ الذي سُمي في البدء "السجين إكس"، فالفرق ليس لغويا بل هو جوهري. مات زغيير في سجن اسرائيلي معتقلا قبل المحاكمة، وهو لكونه كذلك يتمتع بأكمل براءة يمكن ان تخطر بالبال. وقد رفض الاعتراف بالتهم المنسوبة اليه وكان ينوي ان يناضل عن براءته في المحكمة، ورفض صفقة قضائية أو أكثر عُرضت عليه.

من المناسب ايضا ان نعود ونذكر انه كان يهوديا حارا هاجر الى اسرائيل وجُند للجيش الاسرائيلي وللموساد بعد ذلك عن بواعث صهيونية. وهذا أحد اسباب ان الاهتمام بالقضية يرفض ان يخفت عند الطوائف اليهودية في استراليا بخاصة وفي الغرب بعامة: فيهود الشتات الذين أصبح الولاء والانتماء المزدوجين – لبلد الأصل ودولة اليهود – تحديا يوميا متواصلا بالنسبة إليهم، يفحصون في حرص عن صورة علاج زغيير. واسرائيل التي يبدو أنها أهملت في تجنيده واستعماله رجل مخابرات، وحينما اخطأ أو زل عالجته بوسائل قاسية وأخفقت في الحفاظ على حياته، مدينة ليهود العالم بفحص صادق عميق على الأقل للأمر.

إن معارضة الاشتغال العميق بالأمر تُقوي الريبة فقط. ولا مناص ايضا من ان يوكل الفحص الى لجنة تحقيق خارجية ذات مستوى رفيع. وسبب ذلك ظن وجود اخفاقات واهمال في كل حلقة في السلسلة التي عالجت زغيير. لقد جنده الموساد واستعمله واعتقله "الشباك" وحقق معه. وسجنته مصلحة السجون وكان موته في كنفها.

يبرز الى جانب كل ذلك بصورة مميزة الأداء المقلق لجهاز القضاء – النيابة العامة للدولة وطائفة من القضاة في جميع الاجهزة مكّنوا الجهات الامنية من ان تعتقل وتحقق وتقدم لائحة اتهام وتقوم باجراء قضائي في تعتيم مطلق على "فلان المجهول"، من غير أن ينحرفوا عن مسارهم حتى حينما مات المعتقل في الزنزانة. والبرهان الساطع على استكانة الجهات القضائية لجهاز الامن قُدم في قضية صغيرة للتحقيق بالموت – تمت في ظاهر الامر ببطء وبصورة جزئية تثير التساؤل والعجب، ولم يُسمح الى اليوم بالنظر والنشر لـ 18 من 28 صفحة في التقرير الذي لخصها (إن القاضية التي كتبت التقرير المعرض للانتقاد هي ايضا القاضية التي بحثت الاستئنافات التي تطلب نشره).

من العجب الشديد ان بدأت في الآونة الاخيرة جهات داخلية تنشر مواد مريبة في هذا الشأن. فهي تمنع بيد الفحص والنشر وتُسرب وتسيء السمعة باليد الثانية. وقد زُعم في تحقيق نشر في صحيفة "دير شبيغل" ان زغيير يُسمى في جهاز الامن "أكبر خائن في تاريخ اسرائيل"، لا أقل من ذلك. ولا يمكن ان يستمر الامر على هذا النحو. إن بن زغيير قد مات ودُفن، لكن قضية المعتقل إكس حية تتنفس، وقد حان الوقت لفحص جدي مستقل.