خبر الزمن الامريكي يعمل ضد اسرائيل.. هآرتس

الساعة 11:09 ص|02 ابريل 2013

بقلم: لي –أون هدار

محلل كبير في شركة استشارات جغرافية – استراتيجية في واشنطن

(المضمون: التحليل الديمغرافي للتأييد لاسرائيل في امريكا يتجه نحو تناقص متزايد لهذا التأييد ولا سيما في أوساط السود والهسبانيين، غير اليهود والشباب - المصدر).

الفكاهي الامريكي الشهير و سي  بلدكس أراد أغلب الظن أن يوجه لذعة الى مدينة مولده غير الحبيبة عندما تسلى بفكرة ان يخط على الشاهد على قبره كلمات: "بالاجمال كنت افضل الان أن اكون في فيلدلفيا". الشاهد على قبر بلدكس في كاليفورينا لم يحمل هذه الكتابة في النهاية، ولكن القول بقي مخطوطا في ذاكرة الناس، ولا سيما اذا وجدوا أنفسهم عالقين في موعد مغفل غير ناجح، في غرفة انتظار طبيب الاسنان أو اذا اضطروا لان يبقوا لاكثر من بضع دقائق مع "بيبي" وتقديم ثناء لا نهاية له لسارة نتنياهو – مثلما حصل للرئيس الامريكي براك اوباما.

ولكن أوباما، واضح للجميع، هو "Cool" (حلو). فالرجل الذي ينجح في ادارة مفاوضات موضوعية على الميزانية مع الزعماء الجمهوريين الذين اتهموه بتمثيل ايديولوجيا يسارية متطرفة – لن يبقي على ضغينة لممثل الجمهوريين في البلاد المقدسة، الذي حتى وقت أخير مضى عمل كمستشار انتخابي لميت رومني الذي أمل في صرف اوباما عن البيت الابيض. من ناحية No Drama Obama، المصالح الامريكية في الشرق الاوسط ناهيك عن المصالح السياسية الخاصة به هو نفسه – تفوق تأثير الكيمياء الشخصية السيئة التي تميز علاقاته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي.

ومثل حماسي مهني نجح الرئيس الامريكي في أن يوازن بين الشعلات الاسرائيلية والفلسطينية المتلظية في عروض النار الدبلوماسية والبيانية التي قدمها في اثناء زيارته الاخيرة في المنطقة وان يثير حماسة الجمهور الاسرائيلي من خلال الالتزام المزدوج الذي أعرب عنه سواء للفكرة الصهيونية أم للاماني الوطنية الفلسطينية.

ولكن من تحمس (او اغتاظ) لدعوة اوباما تحقيق حل الدولتين يجب أن يتذكر بانه منذ 1992 كان كل الرؤساء الامريكيين – بمن فيهم جورج بوش الاب، الذي اشتبه بالعداء لاسرائيل، وبيل كلينتون وبوش الابن، اللذين لم يخفيا عطفهما على دولة اليهود – ايدوا بالقطع اقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل.

لقد كانت خطابية الرئيس إذن دراماتيكية، ولكن الرسالة التي تقدم بها لم تكن تاريخية بل بالاجمال تكرار للمواقف الامريكية الدارجة. ومن مع ذلك يتوقع من اوباما ان ينجح في أن يفعل ما لم ينجح فيه اسلافه، يجب أن يشرح لماذا ما لم يحصل في الفترة التي كان فيها استعداد اكبر في أوساط الاسرائيليين والفلسطينيين للوصول الى تسوية، ومكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط لا تتزعزع – سيحصل اليوم، عندما تكون الزعامة الاسرائيلية والفلسطينية عديمة القدرة على الموافقة على تنازلات ذات مغزى فيما أن  قدرة الولايات المتحدة على التأثير على السياقات في المنطقة قد ضعفت جدا.

ان الهدف المركزي للاستراتيجية الامريكية اليوم هي تقليص كلفة تدخل الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وتعويض التأثير السلبي للحربين في العراق وفي افغانستان – على خلفية تطلعها الى تقليص في الميزانية العسكرية ونقل مركز الثقل العسكري والاقتصادي لها الى شرق آسيا.

ويفترض تقليص التواجد العسكري الامريكي في المنطقة كاستمرار للانسحاب من العراق ومن افغانستان وعدم القدرة على التأثير الكبير على السياقات التي خلقتها احداث الربيع العربي، يفترض تعزيز التعاون مع تركيا ودول الخليج، التي تتخذ صورة المرشحين الطبيعيين للدفاع عن المصالح الغربية في الهلال الخصيب (بما في ذلك سوريا) وفي الخليج الفارسي.

لقد كان السيناريو المثالي من ناحية الامريكيين دوما تسوية اسرائيلية – عربية شاملة. ولما كان حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني لا يبدو قابلا للتنفيذ وسقوط النظام المؤيد للغرب في مصر هز هذه الاستراتيجية – فلم يتبقَ للامريكيين الكثير من الخيارات باستثناء خلق انطباع بانهم يحاولون عمل شيء لحل النزاع، لمنع انتفاضة ثالثة، لمساعدة الاسرائيليين والاتراك على التسليم المتبادل بينهما ولمنع هجوم اسرائيلي على ايران.

من هنا فان منع التدهور الذي يمس اكثر في الدور الامريكي المهتز في المنطق هو السيناريو الاقل سوءا من ناحية ادارة اوباما. فمن ناحية ما هناك اسرائيل غير القادرة على التأثير المباشر على التغييرات السياسية الداخلية في دول المنطقة، لا يمكنها أن تؤدي دورا مركزيا في هذه السياسة الامريكية؛ ومن جهة اخرى، فان استمرار النزاع مع الفلسطينيين يعزز الميول المناهضة لامريكا في العالم العربي والاسلامي.

لا شك أن اوباما كان يريد أن يساعد اسرائيل على الوصول الى تسوية مع الفلسطينيين ليس فقط كي يحث الى الامام الاستراتيجية الامريكية، بل وايضا انطلاقا من التخوف العميق الذي يشارك فيه يهود امريكيون كثيرون ممن يؤيدوه، فان استمرار الاحتلال سيضعف في المدى البعيد مكانة اسرائيل في الولايات المتحدة. نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد البحوث "بيو" – وأبرزتها وسائل الاعلام الاسرائيلية – أظهرت بان 49 في المائة من الامريكيين يؤيدون اسرائيل، مقابل 12 في المائة يؤيدون الفلسطينيين. ولكن كانت فيها ايضا نتائج ينبغي أن تقلق مؤيدي اسرائيل ايضا.

فمثلا، بينما كان 66 في المائة من الجمهوريين يؤيدون اسرائيل – فان المعدل في اوساط الديمقراطيين هو 39 في المائة فقط. وفي أوساط الشباب من 30 سنة فما دون ينخفض التأييد في اسرائيل الى 36 في المائة، و 19 منهم يؤيدون الفلسطينيين. 34 في المائة من الشباب تحت سن 30 لا يتماثلون مع اي طرف.

المؤيد المميز لاسرائيل هو بروتستانتي، جمهوري وكبير السن. استطلاع "بيو" لم يفحص مواقف السود والهسبانيين. ولكن استطلاعات اخرى تبين أن التأييد لاسرائيل في أوساطهم اقل منه في اوساط الناخبين البيض. واذا أخرجنا من الصورة اليهود المؤيدين للديمقراطيين، فان الصورة الديمغرافية لمن يعبرون عن الانخفاض في التأييد لاسرائيل أو عدم الاهتمام بالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، ديمقراطيين، شباب، غير بيض، تشبه جدا صورة من شكلوا الائتلاف الانتخابي الذي أدى الى انتصار اوباما في الانتخابات الاخيرة، وهم ايضا اولئك الذين يفترض بقوتهم السياسية أن تتعزز في السنوات القريبة القادمة.

من هذه الناحية يمكن أن نرى في زيارة اوباما وفي محاولة الوعد بتسوية مع الفلسطينيين جزءا من المساعي لمنع اتساع الفجوة السياسية – الثقافية بين اسرائيل وأمريكا الجديدة. اوباما كان يفضل ربما ان يقضي زمنا اقل مع "بيبي". من سيجلس في البيت الابيض في المستقبل غير البعيد كفيل بان يفضل ان يقضي زمنا أقل في اسرائيل.