رغم خطورتها

خبر تدني سعر الأرض في منطقة السيفا ببت لاهيا يجتذب المواطنين

الساعة 05:28 ص|30 مارس 2013

وكالات

لم يكترث أسعد أبو الجبين (44 عاماً) بالتحذيرات من مخاطر السكن في منطقة قريبة من السياج الحدودي، عندما اتخذ قراراً بشراء قسيمة أرض مساحتها نصف دونم في منطقة السيفا شمال بيت لاهيا، فباشر في إنشاء منزل جديد، ليقطن وأسرته المكونة من سبعة أفراد فيه، عند مسافة لا تزيد على كيلومتر فقط من المواقع العسكرية الإسرائيلية.

وقال إنه حاول شراء قسيمة أرض في منطقة بعيدة عن السيفا، لكن الارتفاع الهائل في ثمنها دفعه إلى الشراء والسكن في منطقة حدودية، خصوصاً أن البلدية لا تفرض رسوم بناء على إنشاء المنازل، كما أنها لا توفر الخدمات الأساسية.

وأضاف أبو الجبين في حديث لـ صحيفة "الأيام" أن حالة الهدوء التي تسود تلك المنطقة تشجع على السكن فيها، معتبرا أن إمكانية تعرض المنطقة لأي عدوان إسرائيلي لن تختلف عنها في أية منطقة أخرى، فإسرائيل تهاجم كل مناطق القطاع بسهولة في حال شنت عدوانا عليه، خاصة بالطائرات الحربية.

من جانبه، بدا فوزي أحمد (50 عاماً) متحمسا وهو يتابع إنشاء منزله في مكان قريب، دون أن يبدي أي تذمر من أن يسكن في منطقة حدودية قريبة من مواقع الاحتلال.

وقال لـ "الأيام" إنه فشل في امتلاك قسيمة أرض في مناطق أكثر عمقاً في بيت لاهيا بما لديه من مال، بينما ينخفض بشكل لافت ثمن الأرض في منطقة السيفا، موضحا أن ثمن المتر المربع يتراوح بين 30 دينارا و50 دينارا، فيما يرتفع إلى أكثر من 150 دينارا وقد يصل إلى الضعف في المناطق الخاضعة للتنظيم والبناء.

وتشهد أثمان الأراضي والعقارات ارتفاعاً ملحوظاً في قطاع غزة بشكل عام.

وتسود منطقة السيفا والمناطق الزراعية المجاورة لها حركة إعمار ملحوظة من مواطنين ليسوا من سكانها الأصليين، واتجه الكثير من العائلات إلى السكن في المنطقة بسبب تلاؤم ثمن الأرض فيها وقدراتهم المالية.

بدوره، قال سعيد نصار (38 عاماً) ويعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد إنه ضاق ذرعاً بالسكن في منزل صغير بالإيجار فقرر إنشاء منزل جديد في منطقة زراعية نائية، بعد ان اشترى قسيمة أرض تبلغ مساحتها 300 متر مربع.

وأضاف لـ "الأيام" أن ثمن هذه القسيمة خارج منطقة السيفا يبلغ أربعة أضعاف ثمنها داخل المنطقة، وهو ما دفعه إلى شرائها والسكن رغم المخاطر التي يكتنفها وجود قوات الاحتلال على مقربة منها.

وأعرب نصار عن ارتياحه للقرار الذي اتخذه خصوصاً أنه سيقطن بالقرب من شاطئ البحر ووسط المزارع والحقول، لكن أكثر ما يزعجه صعوبة الحصول على الكهرباء ومياه الشرب لأن المنطقة نائية ومهمشة وغير خاضعة لنفوذ بلدية بيت لاهيا.

وترتبط المنازل المقامة حديثاً بخط الكهرباء الوحيد الواصل إلى المنطقة، وهو ما ينذر بأن تطرأ أعطال على الشبكة، فيما يحاول القاطنون حفر آبار خاصة للمياه في المكان دون التنسيق مع أية جهة رسمية.

قال ياسر زنداح أحد سكان السيفا الأصليين لـ صحيفة"الأيام" إن عددا من مالكي الأراضي بدؤوا ببيع أراضيهم لتاجر أراضي من عائلة أبو الحصين لغرض السكن والإعمار، على الرغم أن المنطقة مصنفة كمنطقة زراعية.

وأضاف أن الاعتداءات الإسرائيلية المتوقعة رغم حالة الهدوء الراهنة لا تمنع الناس من السكن والإقامة، في إشارة إلى محاولة التمسك بالأرض والصمود.

وأرجع زنداح ظاهرة بيع الأراضي الزراعية من قبل أصحابها إلى تجار الأراضي إلى غرض توزيع الإرث بعد وفاة المالكين الأصليين، موضحاً أن التجار يشترون قسائم واسعة تقدر بعشرات الدونمات ويحولونها إلى مناطق سكنية بعد تخطيط غير رسمي من أية جهة ودون ضمان مرافق عامة باستثناء فتح شوارع فقط لتسهيل عملية التقطيع والتوزيع والبيع.

وأشار إلى قيام العيد من سكان السيفا الأصليين بإعادة ترميم منازلهم وإنشاء منازل جديدة.

خارج منطقة النفوذ

وتتحول تلك المنطقة التي كانت مزروعة بأشجار الحمضيات قبل أن تجرفها قوات الاحتلال قبل عدة سنوات من منطقة زراعية إلى سكنية، غير خاضعة للتنظيم والبناء من قبل بلدية بيت لاهيا.

وقال نزيه أحمد من قسم الهندسة والتنظيم في بلدية بيت لاهيا في حديث لـ "الأيام" إن المنطقة غير خاضعة لنفوذ البلدية وتعود ملكية الأراضي الخاصة للمواطنين، بينما تتبع الأراضي الحكومية إلى سلطة الأراضي.

ونوه إلى أن الأراضي المملوكة للمواطنين كانوا قد حصلوا عليها ضمن ما يسمى بـ "مشروع ناصر" قبل عشرات السنين، وبطريقة دفع الأقساط الميسرة.

واعتبر أحمد أن للسكن في هذه المنطقة دوافع شخصية ووطنية، فمن ناحية يتجه الناس إلى هناك هرباً من ارتفاع أسعار العقارات والأراضي، كما أن السكن فيها يعزز صمود المواطنين القاطنين فيها ويعرقل الاعتداءات الإسرائيلية بسبب وجود سكان مدنيين فيها.

ولفت إلى أن البلدية لا تصدر تصاريح للإنشاءات في تلك المنطقة كونها مصنفة خارج مناطق النفوذ، مشيراً إلى أن البلدية كانت طالبت وزارة الحكم المحلي في الحكومة المقالة بضمها وإخضاعها للإشراف، إلا أنها لم تتلق ردا بهذا الخصوص.

تقليص المساحات الخضراء

من جانبها، حذرت أوساط مهتمة بالقطاع الزراعي من تحويل المناطق الزراعية إلى مناطق سكنية، خشية تعزيز ظاهرة "تقليص المساحات الخضراء".

وقال ماهر أبو عمشة من جمعية بيت حانون المهتم بالحفاظ على المساحات الزراعية في القطاع إن الظاهرة ممتدة في قطاع غزة وآخذة في التوسع تدريجياً، مؤكداً أن قرار بيع الأراضي الزراعية جاء في ظل الصعوبات التي يواجهها قطاع الزراعة.

وأضاف لـ "الأيام" أن هناك دعوات لأصحاب الأراضي الزراعية للامتناع عن بيع أراضيهم لغرض الإنشاءات، مصحوبة بدعوات أخرى لتسهيل الحياة الزراعية فيها، لكن ذلك نادراً ما يجد صدى أو حلولا في الأفق لوقف الظاهرة.

وأعرب أبو عمشه عن تفهمه لحاجة السكان للبناء والإعمار نظراً للارتفاع الجنوني في أثمان العقارات، مهيباً بالجهات الرسمية التدخل السريع لإيجاد الحلول.

وكان المركز العربي للتطوير الزراعي نظم أكثر من ورشة عمل للتحذير من ظاهرة بيع الأراضي الزراعية لغرض الإعمار، ووجه نداءات لإيجاد حلول للمزارعين من أجل الحفاظ على أراضيهم الزراعية، خصوصاً في المناطق الحدودية.