خبر بفضل السلام الامريكي... هآرتس

الساعة 08:32 ص|29 مارس 2013

بقلم: زئيف شترنهل

(المضمون: زيارة اوباما فرضت السلام من الخارج – امريكا تمنع ايران واسرائيل تقيم دولة فلسطينية – اسرائيل تبادر الى الحروب ولكن السلام يفرض عليها من الخارج - المصدر).

زيارة براك اوباما اكدت حقيقة لا يزال الكثيرون يفضلون التشكيك فيها: اسرائيل لا تلطف حدة مواقفها بسبب التطورات في الساحة الداخلية بل كنتيجة لاضطرار لضمان الدعم الوجودي الامريكي. في هذا المفهوم كان الحق ولا يزال مع اليسار: ليس للمجتمع الاسرائيلي القوى النفسية اللازمة لان يضع لوحده حدا للاستعمار الاستيطاني. فقط تدخل امريكي مكثف، مسنود بتهديد ناعم في مواضيع امنية حرجة، قادر على أن يفكك المشروع الاستيطاني. بالفعل، لن يكون حل للمشكلة الوطنية الفلسطينية، التي تملي اكثر من اي عامل آخر مستقبل المجتمع الاسرائيلي الا اذا قررت الولايات المتحدة بان هذا ما هو لازم للمصلحة الامريكية. وبهذا الفهم لا يغير في الامر من شيء من يحكم اليوم في القدس: مشكوك أن تكون حكومة حزب العمل والاصوليون شركاء فيها بدلا من "الاخوين" نفتالي بينيت ويئير لبيد ستتصرف خلافا للحكومة الحالية.

معقول الافتراض بان رجال البحث في واشنطن يعرفون بان هكذا كان الحال منذ قيام الدولة: لقد عرفت اسرائيل كيف تخرج الى حروب مبادر اليها، ولكنها لم تتخذ حتى ولا مرة واحدة مبادرة سلام ذات مغزى انطلاقا من اختيارها. كل مشروع طرح ادين بالانهزامية او رفض خشية أن يضعضع الثقة الذاتية لدى المجتمع الاسرائيلي في حقه المطلق. لا يوجد ما يدعو الى الايمان بان في عصرنا، حين يكون الحكم الحقيقي في يد المستوطنين، سيطرأ فجأة تغيير دراماتيكي في انماط السلوك هذا، المنغرسة عميقا في موقفنا من العالم العربي.

المبدأ الاساس لم يتغير: لا اخلاء لمناطق الا عندما تستخدم قوة لا يمكن الوقوف في وجهها. حملة السويس كانت انتصارا تكتيكيا متداخلا  مع فشل استراتيجي ذريع، دفع اسرائيل الى مكانة هامشية في الاستعمارية الاوروبية واستوجب انذارا امريكيا. حرب الايام الستة كانت المصيبة الكبرى للصهيونية ، اما حرب يوم الغفران فشكلت انتصارا في ميدان المعركة، اكتسب بثمن انساني باهظ يصعب حمله ولا داعي له على الاطلاق. السلام مع مصر، الذي كان ممكنا فقط لو كانت اسرائيل مستعدة لان تنصت للسادات فتخلي سيناء، كان في النهاية نتيجة ضغط من واشنطن، مسنود بتعلق متزايد بالمساعدات العسكرية الامريكية. حرب لبنان الاولى هي الاخرى، الحرب الاسرائيلية الاخيرة بحجم كبير نسبيا، انتهت بفشل هائل وجعلت لبنان دولة عدو. فطرد عرفات من بيروت ثبت فقط سيطرة الحركة الوطنية الفلسطينية في المناطق وفي الوعي الدولي. الانسحاب من غزة، بمبادرة "بطل" حرب لبنان، اريئيل شارون، لم تترافق ومبادرة سلام، وانتهت، مثل الخطوات السابقة، بفشل استراتيجي.

يعرف المواطن البسيط بان في السياسة لا توجد وجبات مجانية، وهو يقدر بان اسرائيل المستوطنين اضطرت لان تعقد في القدس صفقة رزمة وان توافق على تقسيم عمل. الولايات المتحدة توقف ايران واسرائيل تقدم نصيبها في استقرار المنطقة من خلال التقدم نحو اقامة دولة فلسطينية. معقول أن السياسة الداخلية في اسرائيل ستجبر على التكيف مع هذا الواقع الذي سيتعين فيه الاختيار بين اليمين المستوطن الذي يحاول ايضا تحويل اسرائيل الى دولة يملي هويتها جوهرها اليهودي فيما تمحى شخصيتها الديمقراطية، وبين القيم الاخلاقية لليسار. مشوق أن نعرف في أي جانب سيجد نفسه "الاخ" يئير و "الاخت" شيلي.