خبر هيكل: الناس صبرها نفد.. ونحن الآن على الحافة

الساعة 08:58 م|28 مارس 2013

وكالات

 

أكد الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل على أن فكرة الدين أكبر بكثير من الإخوان  المسلمين، لافتا إلى أن خلط البعض بين حجم الإخوان وفكرة الدين هو السبب وارء ظهور حشد للإخوان، موضحًا أن الحشد هو حشد لفكرة الدين وليس قوة الإخوان.

وأشار هيكل في حوارة بفضائية cbc مساء اليوم الخميس إلى أن: الإخوان ظهروا في حجم أكبر منهم وللأسف صدقوه وظهروا أمام الناس كمستضعفين ولكن في الحقيقة أن ورائهم شيء مهول، وهو التمويل".
واوضح  أن وصول الإخوان للسلطة كانت صدمة عليهم، وعلى مرسي لإنهم اكتشفوا أن الفكرة ليست حكرًا عليهم فبدأ الإخوان يرون جزءًا من الحقيقة لكنهم عاجزون عن تفسيرها، وهي أنهم أصبحوا الحزب الحاكم للدولة".
ويتمنى هيكل لوزير العدل المستشار أحمد مكي أن يترك منصبه قائلا:" تجربته في الوزارة أرهقته فعليًا وعليه أن يتفرغ في شيء آخر".


* هل تابعت مجريات القمة العربية فى الدوحة؟

- نعم، تابعت.

* ماذا لفت نظرك؟

- لقد شعرت بالخوف على الإخوان ولست خائفا من الإخوان أنفسهم، لكننى فى هذه المرة أشعر بالخوف على الدكتور محمد مرسى، فالرئيس الذى رأيته فى خطابين، الأول موجه للشعب المصرى والآخر موجه للأمة العربية، يجعلنى قلقا للغاية عليه.

لقد تقابلت مع الرئيس أول مرة عندما زارنى، وأستطيع أن أقول إننى رأيته فى صورة معينة فقد كان رجلا طبيعيا هادئا يعيش فى سلام مع نفسه، والمرة الأخرى وجدته فى قصر الاتحادية فى مكتبه، رأيته رجلا لديه آمال وتصورات عديدة، لكن هذا الرجل الذى رأيته هذا الأسبوع أقلقنى جدا، وكنت أناشده بضرورة الجلوس مع المعارضة، لكن الآن أقول إننا سائرون فى طريق مجهول، وأوجه للرئيس رسالة وأطالبه بالحصول على إجازة، فرئيس الجمهورية بشر، لأول مرة أجد رئيس جمهورية يعلو صوته فوق العادة وتتكدر ملامحه أكثر من اللازم وتظهر لهجة الغضب فى صوته، أنت فى هذه الحالة يجب ألا تصدر عنك قرارات.

كل رئيس عرفته عندما ألمح أنه يواجه حالة قلق، أقول له على الفور حان الوقت أن تحصل على إجازة، هذا الرجل واجه ظروفا غير متوقعة وتغير كثيراً، الدكتور مرسى يستطيع أن يتفهم ذلك ويستطيع أن يعرف أنه يواجه السلطة والضغوط عليه شديدة جداً وهذا ليس عيباً، كل الرؤساء يأخذون إجازة، جميع الأطراف فى مصر يحتاجون إلى وقفة لأن هذا الطريق سيؤدى إلى صدام.

هذا الرجل يواجه مواقف لم يتحسب لها ويواجه ضغوطا من كل النواحى، ويواجه حقائق تبدو قاسية ونحن فى البداية.

أنا أعلم أن الرئيس يضيق صدره بأشياء كثيرة فهو يواجه حربا من جهات كثيرة، وليس عيباً أن يذهب إلى أى استراحة من استراحات الرئاسة ليعيد التفكير فى كل شىء حتى مستشاريه، عندما ذهبت للرئيس فى مقر الرئاسة قلت له ينبغى ألا تتفاجأ بحدث لم تكن تتوقعه، وفى حالة أنك فوجئت بحدث لم تكن تتوقعه لا بد أن يكون لديك خيارات بديلة.

* من الرؤساء الذين حصلوا على إجازات؟

- جميع الرؤساء الأمريكيين يحصلون على إجازة لمدة أسبوع، وكل رئيس وزراء إنجليزى يذهب إلى إحدى المزارع الخاصة، وأيضاً بابا الفاتيكان يأخذ استراحة خاصة.

* هل يمكن لرئيس فى وسط هذا الكم من المشاكل أن يأخذ إجازة؟

- الرئيس إنسان، خصوصاً هذا الرئيس منذ أن رشح لا أعتقد أنه ينام بشكل منتظم، الرئيس محمد أنور السادات، والرئيس جمال عبدالناصر كانا يذهبان إلى القناطر، لقضاء إجازتهم، وأيضاً قال أحد الزعماء فى الاتحاد السوفيتى إن لديهم قانونا لاستراحة الرئيس، هذه الحالة المزاجية التى رأيتها للرئيس فى الخطابين الأخيرين لم أجدها عند أى رئيس، فهو يبدو فى خطابه بالقمة العربية أنه يحذر إحدى الدول العربية، ومصر لا تحذر ولا تنذر.

* هل شعرت أنه كان يوجه التحذير لدولة بعينها؟

- انتشرت عدة أقاويل حول الدولة التى قصدها الرئيس لكنه لم يحدد لذا لم أكن لأتحدث على لسانه وأتكهن ماهى الدولة التى يقصدها.

لا بد أن يتحدث الرؤساء فى جميع المؤتمرات عن نقاط القوة فى بلادهم، ولا أفهم قول الرئيس بأننا لا نريد أن نتدخل فى شئون أحد أو أن يتدخل أحد فى شئوننا حيث إن ذلك يمكن أن يتحدث عنه خارج نطاق القمة العربية.

مصر قضية مهمة جدا، وقضاياها تُناقش باستمرار فلا يصح أن يقول لا يمكن لأحد أن يتدخل فى شئوننا إلا إذا كان يقصد أنه يرفض التآمر أو التلاعب بمصر، وهذه قصة أخرى.. «فكرة اوعوا تقربوا من حدودى وأنا مش هاقرب من حدودكم» هذه فكرة غريبة، تفسيرى لها أنه شعب قلق ولا يستطيع أن يحدد هذا القلق أو أولوياته.

هذا البلد يواجه حالة استقطاب حادة جدا، توجد لدينا كتلة ضخمة من الناس لديهم آمال منشودة والرغبة فى الخروج من الأزمة.

* كيف رأيت موقف جلوس المعارضة السورية على المقعد لأول مرة فى القمة العربية؟

- تاريخيا لدىّ مشكلة مع النظم السورية، لكن لا يمكن أن نتدخل بهذا الشكل فى المأساة السورية الحالية، ليس المهم أن تبقى المعارضة السورية فى القمة العربية إنما المهم أن تبقى سوريا، وأعتقد أن كل الدول العربية تخلط بين الشعب السورى وبين نظامه، كلها تفكر فى إسقاط النظام، والنظام لا بد أن يسقط، لكن ليس بهذه الطريقة التى يُسلخ فيها الشعب السورى يومياً، هذه المقاومة السورية لا بد أن تفرض نفسها.

هناك دول أكدت على ضرورة حصول سوريا على مقعد معارض فى المؤتمر وهذا قرار خاطئ، فلا بد من الانتظار حتى يقرر الشعب السورى مصيره، فالعالم الآن ينظر لنا ويضحك علينا فهو يتصور أن كل ما نقوله عن الأمن والوحدة العربية كله غير صحيح.

* إسرائيل اعتذرت لتركيا عما بدر منها فى قصة السفينة.. هل يعتبر ذلك نتيجة لزيارة أوباما؟

- هذا صحيح، هذه فترة انتقالية، كل أمريكى عاقل كان يرى أن أمريكا لا تحتاج إلى رئيس قوى أو تاريخى بل تحتاج إلى رئيس لا يدخلها إلى مغامرات، فأتوا برئيس تصالحى، تركيا وإيران هما سقف العالم العربى، وهم لا يريدون إيران.

- الإخوان أيدوا التوريث علنا في عصر مبارك خوفا من الصدام

* هل أزعجك أن تركيا تمثل فى الجامعة العربية حتى كمراقب؟

- من الممكن أن دولة من دول الإقليم تأتى وتحضر كمراقب وتقول كلمتها، لكن لا بد أن تكون صورة المراقب واضحة، والمشكلة فى هذه المرة أن الموجود والعالم العربى يلعب دور «الكومبارس» بمؤثراته، لكن نحن لا نستطيع أن نفهم أن تركيا أو إيران من الممكن أن يحضروا كمراقبين، كل الناس تحتاج إلى إجازات لأننى قلق من هذا الاندفاع السريع دون أن يتنبه أحد، الوقت لم يفت لكنه على وشك الانتهاء.

* العنف بدءاً من المقطم انتهاءً بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى.. كيف ترى مشهد العنف المتصاعد فى مصر؟

- هناك استقطاب شديد وحاد بين النخب السياسية وهذا لا بد من علاجه، ثانيا إن كتلة الجماهير الذين لا علاقة لهم بالاستقطاب والذين أهدرت ثورتهم هى كتلة حرجة ومن الممكن أن تقع حيث لا تتوقعين.

إذا تحدثت كصحفى من خارج السياق، فالمظاهرات انضم إليها ناس من سكان المناطق من أهالى الدويقة الذين تحركهم قضايا أخرى غير سياسية من الإحباط والقلق، وما حدث فى المقطم والذى أستنكر بعض مشاهده، مع وجود هذه الكتلة الضخمة والمبعثرة، أخشى أن كتلا كثيرة تقع ونجد أنفسنا أمام مشكلة ضخمة.

أما عن حصار مدينة الإنتاج الإعلامى، فأشعر تجاهه بالقلق رغم أننى أصور فى مكان آخر، فنحن نجد أنفسنا أمام حصار مدينة الإنتاج المرتب وحصار المحكمة الدستورية وهو مرتب وأيضاً القصر الجمهورى، أين القداسة؟ إعلام يخوَّف، محكمة دستورية هناك محاولات لإرهابها، والقصر الجمهورى هناك محاولات لحصاره.

أصف نفسى بأننى رجل خارج أى فعل، فات زمنى، أنا لست رجل كل العصور أنا رجل زمانى وهذا ليس زمانى وأنا متفرج ولا أطرح وساطة، فعندما أتحدث عن ضرورة تغيير مستشارى الرئيس محمد مرسى يعتقد البعض أننى أريد الوساطة كى أكون مستشاراً وهذا عيب، أنا لا أريد وساطة، نحن لدينا مجموعة من المفكرين من صفوة المهتمين بشأن البلد، تحاول أن توفق بين الأفكار، أخشى أن كل الأطراف تستيقظ ولا تجد نفسها على الأرض، لذا يكون الهبوط إلى ما لا نهاية.

حتى الآن لا يوجد نظام، حيث إن النظام لا بد أن يتمتع بسلطة شعبية ويمثل الدولة، لكن الموجود الآن نحن أمام سلطة تدخل فى صراع مع فكرة الدولة نفسها، حيث إن الدولة دستور ومواثيق وهذا أمر مقلق.

* ما موقفك تجاه الشخصية الصحفية التى تدخلت للصلح بين الرئيس مرسى والفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع؟

- لا أستطيع أن أتدخل فى عمل أى جريدة، حيث إن هذا مخالف تماما لأى مواقف فكرية أو عملية فى هذه المرحلة، الفريق السيسى ومرسى لا يحتاجان إلى وساطة، وهذا أمر يحزننى وينبغى أن يراعى ألا يزج بالجيش فى كل شىء، السيسى ومرسى لا يحتاجان إلى وساطة.

* من هو محمد مرسى؟

- أنتِ تسألين الشخص الخطأ لكن من الممكن أن تسألى أحد أعضاء الإخوان، هم فى البداية لم يتوقعوه فى هذا الموقع.

البعض يرى الرئيس مرسى أستاذا جامعيا وأستاذا للعلوم، لذا يرى بلده بمنطق البحث، والبعض وقف أمام استشهاده بما قاله أبوبكر الصديق (رضى الله عنه) عندما قال «أطيعونى ما أطعت الله فيكم»، وقال البعض إنه ليس رجل أفكار والإنسانيات بعيدة عن مجاله، لكننى شعرت أنه رجل إنسانيات وذلك تجلى فى إحدى المرات عندما ذكرت بيت شعر وأكمله.

نحن أمام رجل موجود قبل ثورة 1952، استفاد من مجانية التعليم ورشح لبعثة حتى سن 25 سنة والطبيعى أن يكون متأثرا بالمناخ العام لمصر.. مرسى استفاد من الستينات أيضاً، على سبيل المثال طه حسين استطاع أن يوفق بين الثقافة الغربية والأزهر الشريف، الشيخ محمد عبده أيضاً، لكن هذا الرجل شبابه الفاعل فيه فى ناحية وقناعاته فى ناحية أخرى.

كنت أتحدث مع رئيس جمهورية تركيا عصمت إينونو، رفيق كمال أتاتورك، وسألنى لماذا يكتبون اللغة التركية باللاتينية؟ فأجاب أتاتورك: نحن نتجه إلى أوروبا ونريد أن نعرف الحروف اللاتينية حيث إن الإسلام فى قلب تركيا لكننى أريد الإسلام يأتى لى بالقرآن ثم نترجمه.

أتصور أنه لا بد أن يحدث تناقض بين شباب الرئيس وصباه وبين ما اقتنع به فيما بعد وأوصله إلى جميع المراكز.

* لماذا لم نرَ تأثيرا على شخصية الرئيس رغم دراسته فى دولة غربية؟

- بعض الإخوان يشعرون أنهم فى بلاد الكفر، فيحصنون أنفسهم فى مجتمع مغلق ولم يروا أحدا، لكن الرئيس مرسى بدا لى أنه لم يكن منتميا لهذه الفئة، وفى بعض المرات يعبر عن نفسه باللغة الإنجليزية، قد نختلف معه فى اللغة ومخارج الحروف.

- من المؤكد أن مرسي نجح بقوة الجماعة.. وعلاقته بها أعقد مما نتصور

مناقشات مختلفة حول الوحدة الإسلامية وليس بيننا وبين العالم الإسلامى ابتداء من إندونيسيا ولا يوجد رابط أمنى أو لغوى أو ثقافى، فالرجل ذهب قمة عربية، أعتقد أن هناك التباسا بين ما هو استراتيجى ووطنى وقومى وبين ما هو تصوره فى المطلق عن الخلافة الإسلامية، وهى قضية مهمة (الإسلام فى قلبى، ولكن تحديات العصر تفرض عليه شيئا آخر)، وهناك تناقض آخر إنه رجل عاش داخل جماعة الإخوان وتوصيف إسرائيل هى العدو، والآن أصبحت الشيعة هى العدو الأول.

* نحن الآن نوقع على اتفاقيات وتكون مصر هى الضامن؟

- أعلم أن هناك مشكلة أولويات، وأن هناك قيودا تفرض عليك، وأنا أوافق على جميع الاستثمارات، فلا أحد يتحدث ويقول إننا نذهب ونجرى ضمانا لفلسطين نساندهم وأننا لا نستطيع أن نخطو إليهم عن طريق سيناء، فالأفكار والخطط لا بد أن تسير على الأرض فلا يوجد سياسات فى الهواء، ونريد أن نوفق بين الفلسطينيين، فما هو جوهر استخدام القوة أو النفوذ أو الهيبة فى أى سياسة، ففى الدرجة الأولى، السياسة هى هيبة قبل أن تكون ممارسة على أرض الواقع وقبل أن يكون هناك حرب أو قتل، فعند الحديث عن حصار الفلسطينيين لا بد أن يكون لديك هيبة وبدائل للتدخل ومعاقبة الأطراف التى لا تسمع أو لا تقبل على الأقل بالهيبة المعنوية، وإن لم يتوافر ذلك فماذا نفعل؟

* حدثنا عن رؤيتك عن استشهادات الرئيس مرسى فعندما تحدث للجيش تحدث عن الشيطان والعدو الخارجى الذى لم يذكر شيئا عنه، وذكر الشيطان 7 مرات؟

- أعلم أن الرئيس لديه قراءات عديدة ولكن عليه أن يعيد قراءاته مرة أخرى ويراجعها.

* قراءاته فى أى اتجاه؟

- لا بد من العودة إلى مصدرين أولاً، يعيد قراءة مقدمة ابن خلدون مرة أخرى، وثانياً تفسير الشيخ محمد عبده كما حققها الدكتور عمارة على الأقل فهو تحقيق ممتاز، حيث تحدث الشيخ عبده عن الشيطان وقال إنه كناية عن الغريزة، بينما الملاك كناية عن الخير والعقل، أشعر بالقلق عندما يمكن أن نضر بالإسلام فى هذه اللحظة.

اتصل بى المستشار أحمد مكى بعد أن تولى وزارة العدل، وقال لى متى سنستكمل الحديث عن الإسلام والحضارة، فالإسلام هو آخر الرسالات ولكن مسيرة الحضارة مستمرة وعلى المسلمين إدراك ذلك.

* قد يتفرغ المستشار مكى وتكملان المناقشة؟

- أتمنى أن يتفرغ المستشار مكى حيث إن تجربة الوزارة أرهقته كثيرا وأتمنى أن يخرج من الوزارة ويكتب.

* لا يمكننا الحديث عن الرئيس مرسى، ولا نسأل عن الجماعة أو موقفه منها؟

- هناك ملاحظة مهمة تتعلق بالجماعة وهى أنها تمر الآن بحالة من الصدمة، لأنهم يكتشفون الحقيقة، كلنا فوجئنا بما كنا نتصوره عن الإخوان وما ظهر عنهم، هناك فرق بين الصورة وبين المكانة التى وصلت إليها، وهناك خلط مهم وعلينا التفكير فيه حيث يؤثر على تصرفات الإخوان بدوا ناس لديهم فكرة ولكنها ليست فكرتهم وليست خاصة بهم وكانت قوة الفكرة هى الدين، وهم ألصقوا أنفسهم بها، ولكن الهيبة والقوة والصعود الذى ظهر لم تكن لهم بل كانت نتاج أزمة كان يعيشها الناس جميعاً والدين فى الأزمات يلعب دورا مهما جدا فى طمأنة الناس، فهم استفادوا من هذا بشكل كبير، حيث سندوا أنفسهم بفكرة كانت أكبر منهم بشكل كبير، فاختلط حجمهم بحجم الفكرة، فالناس تصورت أن هؤلاء هم الإخوان وهؤلاء هم «أصحاب الدين»، أما الحشد الإخوانى فهو قوى ولكنهم نسوا أن هذا هو حشد المؤمنين والمصلين وليس الإخوان فقط الذى هو أسرع منهم، فجرى وضعهم فى إطار أكبر وصدّقوا ذلك لأن هذا هو حماية لهم، إن الإخوان تصرفوا بطريقة ذكية من خلال الأعمال الخيرية وبنت لهم صورة طيبة لدى العامة، ولكن عندما وصلوا للحكم، وعند التجربة الفعلية، وجدوا أن الفكرة التى تبنوها ليست فكرتهم بمفردهم، وأن الحشد ليس حشدهم، وأن الأعمال الخيرية ليست هى المعيار الحقيقى لقيادة إرادتهم كما يتخيلون وبدءوا يرون جزءا من الحقيقة، وأعتقد أنهم حتى الآن عاجزون عن تفسيرها.

* كيف أثر ذلك على الرئيس؟

- أثر ذلك على الجماعة والرئيس، الرجل الآن يعانى من مشكلة، والجماعة لم تكن منصفة معه، ويمكن القول إنها بمثابة «كابسة على نفسه»، خصوصاً أنها أعلنت أنها لن تخوض الانتخابات الرئاسية، ومحمد بديع قال إن عبدالمنعم أبوالفتوح طرُد لخوضه الانتخابات، وبعد ذلك غيرت الجماعة موقفها، كما تغير موقفها وفقاً للموازين، وقررت الترشح، وكان حينها الرئيس مرسى هو رئيس حزب الحرية والعدالة، مارس المسئولية السياسية عن الإخوان فى البرلمان، فمن الطبيعى أن يكون هو المرشح ولكنها رشحت شخصا آخر، وكان حينها الموقف غير مريح.

* الرئيس ربما لم يتمتع بكاريزما؟

- الكاريزما لدى الإخوان ليست موجودة، والرئيس نجح نجاح تكليف وليس تفويضا.

* هل مرسى نجح بقوة الجماعة أم نجح بقوته الشخصية؟

- من المؤكد أنه نجح بقوة الإخوان وكان معيارا على قوة الإخوان والتيار الإسلامى، وناس آخرون بالقصر، فهو يحاول أن يوازن العملية من خلال بعض المستشارين من الخارج من خلال التليفزيون.

* لكنهم لم يبقوا معه فى النهاية؟

- التليفزيون مؤثر بشكل كبير، وفى هذه الفترة الجماعة بعدت قليلاً، ولكن أظن أنه بعد الإعلان الدستورى والتراجع فيه، أن الجماعة ترغب فى دعمه وأن تنقذ الرئيس، والرئيس يشعر بأنه لم يكن مرشحهم فى الأساس ولكنه ظلم فى حقه.

* عندما يكون الرئيس مرسى هو مرشح الجماعة ويدعمونه بهذا الشكل يشعر بوجوب رد الجميل لهم؟

- نتذكر أن علاقته بالجماعة أعقد مما نتصور، حيث بها التعبئة النفسية والتاريخية والثقافية لمدة 35 سنة، وهم من أوصلوه للرئاسة، ولكن عندما أصبح رئيسا تغير وضعه، عند الإعلان الدستورى ليس فقط الصورة العامة اهتزت ولكن علاقة الرئيس بالإرشاد اختلت، قيادة الإخوان تدخلت لمساندة الرئيس بطريقة فظة تعطى الوصاية على الحكم وهذا كان خطأ، جزء من لهجة الرئيس فى مؤتمر القمة كان موجها لجماعته ليقول لها إننى حازم وقادر بالقدر الكافى وهذه رغبة واضحة لديه، جزء من تهديده لخصومه، وأنا قادر على المسئولية.

وحادثة المقطم كشفت أشياء كثيرة وكان هناك تجاوزات، كشفت صورة المركز الحقيقى للتوجيه، وأن التوجه للمقطم يعنى التوجه للسلطة، الرئيس يريد أن مركز السلطة يكون لديه.

* تدخل الجماعة لمساندة الرئيس أظهر أنه مهزوز فى الحكم؟

- من يرغب فى فهم الإخوان عليه أن يقرأ أولا قصة الخلاف الأول داخلهم من خلال «السكرى» و«البنا»، وأن كل من انشق على الجماعة كانت الأسباب واحدة، منها ديكتاتورية اتخاذ القرار، وتصرفات فى السر غير مفهومة ومصادر تمويل غير معلومة، وتعسف فى إصدار القرار، هناك غموض فى عدم الوضوح.

* خطوة خطيرة وهى أن الجماعة قننت أوضاعها وأنشأت جمعية.. ولكن هل هذا يغير من وضع حل الجماعة التى جرى حلها أكثر من مرة؟

- هناك جماعة لا نعلم ما هى، والآن هى جمعية، ويوجد الحزب وفى الدولة والسلطة، هذا الالتباس لا بد أن يزول، علينا تفريق التفاعلات فى مناخ معين تحدث نفس الأمور، وجدت عناصر مختلة وكان نفس الضغوط تخرج نفس النتائج، إذا وضع أى إنسان تحت ظرف خطر فيهرب.

* سلوك الجماعة فى عهد ناصر، شملت اليسار والشيوعيين والإخوان، خرج اليسار اقتنع بفكر ناصر وخرج الإخوان بعداء شديد له، فكيف حدث ذلك؟

- وقعتِ ضحية لمقولات الإخوان، الخلاف لم يبدأ مع نظام ولكن خلافهم كان مع كل نظام حكم فى مصر، اتفقوا ثم اختلفوا واقتربوا ثم ابتعدوا، الملك فاروق تعاونوا معه وبعدين وسط حرب فلسطين والتوتر وبعض السياسيين حينها وقرر فاروق قتل البنا انتقاما، ركزوا مع عبدالناصر لأنه استمر مع التجربة بعدائها مع أصدقائهم فى المنطقة، وفقا لخطابهم الخلاف مع عبدالناصر وهذا ليس صحيحاً، حيث إن ناصر كان على اعتقاد أنهم على صلة به، انقلبوا عندما طلبوا الشراكة فى السلطة، ومن ثم بدا حينها الخلاف.

* ماذا عن الرئيس السادات؟

- الرئيس أنور السادات أكثر من هاجم الإخوان، خصوصاً آراءه وكتاباته عنهم، ووجه لهم اتهامات متعددة خصوصاً بعد أكتوبر، وكانت حينها الرؤية الأمريكية هى أنه لا بد من أخذ التيار الدينى فى الاعتبار، وهذه الرؤية أرى أنها صحيحة لا يمكن أن تقوم ديمقراطية حقيقة دون أن يوجد هناك تعبير سياسى عن الموروث الدينى كله ولا يمكن إنكاره لأنه مؤثر فى شتى الأحوال، والإخوان تعاونوا مع الرئيس السادات، قبل اعتقالات سبتمبر الشهيرة، هناك شىء ناقص لدى الإخوان فى فهم السياسية رغم أنهم يمثلون قوة وعلى الجميع مساعدتهم فى أن الجماعة تتفهم العصر من موقع الود وليس من موقع عداء.

* ما موقفهم من اغتيال الرئيس السادات؟

- إن اختلاف المذاهب يعد كارثة، وأعتقد أن جماعة الإخوان كانت بعيدة عن هذا الاغتيال.

* قبل السؤال عن الرجل والرئاسة، ما علاقة الجماعة بنظام الرئيس السابق مبارك حيث كان بها تناقضات عديدة من خلال عمليات قمع لهم ومن ثم دخول البرلمان والمشاركة؟

- التناقضات دائماً موجودة، والأمور لم تصل للخلاف الحقيقى، خصوصاً أن الجماعة أعلنت التأييد للتوريث علناً ولكن كان هناك توجس من جانب الطرفين فى الالتقاء وعدم الصدام، خصوصاً أن الإخوان تعلموا خطورة الصدام مع السلطة.

* هل اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات الأسبق كان له علاقة بذلك؟

- أظن لا.. حيث إن المباحث وأمن دولة لعبوا دوراً كبيراً فى ذلك، ومشاركتهم فى الثورة لم يكونوا على علم بما سيحدث.

* نعود للرئيس مرسى.. رجل دخل القصر وأجواء جديدة غير أجواء الجماعة تتوقع ما الذى واجهه لحظة دخوله القصر؟

- الذى واجه الرئيس أن الجماعة تركته فى الوقت الأول بمفرده، فكل رئيس فى بداية الحكم يواجه الوحوش الـ3 من البيروقراطية المصرية حيث كانت البيروقراطية هى التى تحتوى الرئيس وهذا ما يسمونه الدولة العميقة، والوحش الثانى المراسم والتقاليد ولا يوجد أحد لم يشعر بالانبساط والسعادة بهذه المراسم إلا الرئيس الراحل عبدالناصر.

* لماذا؟

- لأنه شخص آخر ومختلف.

* ما تلك المراسم التى تقصدها؟

* البروتوكول، وكيف يجب أن يظهر أمام الرأى العام، وما يفعل وكيف يتحدث، خصوصاً أن هذه المراسم تجعل الشخص يخرج من عالم البشر ويدخل فى عالم آخر.

* قد تكون المراسم مبهرة لدى أشخاص وغير مبهرة عند البعض؟

- الإنسان حينها يتناسى الطبيعية البشرية، وفى الدول الشرقية المراسم تعمل على الإعاقة فى أحيان كثيرة، وأن تشعر أنك مختلف عن البشر.

* هل المراسم تعطى هيبة؟

- من الممكن أن تعطى هيبة أو خيبة، والوحش الثالث الذى يواجه الرئيس «ما هو متاح لدى الرئاسة ولديه»، حيث إنه يواجه مظاهر لم يتعود عليها ولم يرَها فى حياته وإما حينها ترفض أو تقبل هذه المظاهر.

- الإخوان لم يتخيلوا مرسي رئيسا.. وبعض أعضاء الجماعة يشعرون أنهم في بلاد الكفر

* هل لدينا طائرة رئاسية؟

- نعم لدينا.. وكانت من الرئيس الليبى القذافى، أول طائرة كانت من الملك فيصل، وبعدها الرئيس مبارك طلب طائرة رئاسية، وتم تغييرها بعد ذلك، الطائرة الرئاسية فى كل يوم عمل تتكلف مليون دولار، وكان هناك صدمة لدى الرئيس فهو رجل من قرية بالزقازيق وإخوان وحالة من التقشف.

* كيف يؤثر ذلك عليه؟

- لا أكون خبيرا، أعلم أن هناك أشخاصا انبهروا واستغلوا الطائرة الرئاسية.

* ما الفرق بين مؤسسة الرئاسة حول الرئيس مرسى وبين ما كان من قبل؟

- أعتقد أنه ليس هناك نظام داخل المؤسسة الرئاسية الحالية وليس هناك جدية على السلطة، ولا أعتقد أن المؤسسة الرئاسية تعمل كالمؤسسة الرئاسية التى نعلمها، وهنا علينا السؤال هل من الممكن أن يأتى رئيس يعمل مع أشخاص لا يعرفهم، أو لا يسمع بهم من قبل.

* لميس: بالطبع لا.

- هيكل: لا بد من أن يكون من هم حول الرئيس من المحيط الذى يعرفه والذى أتى به، حيث فى القصور الرئاسية يوجد الرئيس ومكتبه الخاص والأمن القومى، وسلطة بالحكم والحزب، ولكن لا أعتقد أن كل المستشارين تتم توليتهم المنصب من الإعلام، والتهم التى وجهت لهم أنهم لا يعلمون شيئا، وليس هناك اختصاص ولا ملفات، لا بد أن يكونوا مدركين ما يحصل، ولقد نصحت كل رئيس أن يرى كيف تعمل الرئاسة الأمريكية، ولذلك أخاف عليه من سوء الخدمة التى تقدم له، فمكتبه لا بد أن ينظم ويعاد تنظيمه كما يجب.

* هل لم يكن قرارا صائبا تعيين 2 من الأشقاء فى السلطة وأقصد المستشار أحمد مكى وزير العدل والمستشار محمود مكى نائب للرئيس؟

- المشكلة أن دائرة الاختيار لم تكن واسعة أمام الرئيس، خصوصاً أن الجماعات التى تعمل فى العمل السرى لديها سياسة الإخفاء وهى سياسة جماعة الإخوان، وأعرف أن هناك شيئا ناقصا فى القصر الرئاسى، فمثلا كان علينا أن نرى فى القمة التى ذهب إليها الرئيس وزير الاقتصاد طالما ترغب فى المساعدات وليس فى الصف الأول مستشار الرئيس عصام الحداد.

* أين تحط الطائرة الرئاسية فى الزيارات الخارجية للرئيس؟

- لابد أن نسلم أن طائرة الرئاسة صدمة من الصدمات الثقافية، ومن رأيى ألا يسافر الرئيس كثيراً، حيث كل الدول التى ستذهب لها لن ينظروا إليك ولكن سينظرون إلى ما هو خلفك مثل أحوال شعبك، حيث «لو أحد يتصور أنه يذهب بمزاياه الشخصية فهو خاطئ»، علمت أن بعض الزيارات تم طلبها ولكن لا بد أن يكون لدينا جدول أعمال، لا تذهب للعالم الخارجى وأنت فى أزمة أو فوضى.

* الرئيس ومعارضوه، هناك نوعان من المعارضة نيران صديقة من التيار السلفى أو جبهة الإنقاذ، كيف تراها؟

- أكثر ما يضايقه فى معارضيه هو الإعلام، الرئيس ينسى أن هناك ثورة لا تزال موجودة ضربت جميع المقدسات، حيث إنه لم يأت فى ظرف عادى والناس ثارت على كل أوضاعها ولا بد أن تعرف أن هناك قدرا من التجاوز فتقلبها، من حق الرئيس أن يزعل ويغضب وقد تكون الحملات عليه تغضبه أمام جماعته.

* هل تناله نيران صديقة من التيارات السلفية والتيارات الأخرى؟

- تصيبه نيران صديقة من المقطم ومن البعض الآخر.

* هل نفد صبر الناس فى الشارع المصرى؟

- من الطبيعى أن ينفد، وفى هذه اللحظة يوجد طرف فى السلطة يملك، ومن ثم يقدر، والمعارضة تقدر ولا تملك، الناس صبرها نفد، مشاكل وليس هناك حل، على الناس التفكير فى توصيف مشاكل الوطن لا يوجد بلد ينتحر وسيظل الوطن باقيا وخالدا فنحن على الحافة، وعلى القوى أن تعود لشىء من المنطق، ومحاولة لبدء حوار وطنى قائم على فرز الأولويات.