خبر تركيا على حق - هآرتس

الساعة 09:25 ص|28 مارس 2013

ترجمة خاصة

تركيا على حق - هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: بيّنت الازمة بين اسرائيل وتركيا وطريقة حلها ان استعمال القوة مع اسرائيل فقط نافع مُجدٍ فلا يجوز ان يكون هذا هو الدرس الذي تتعلمه الدول الاخرى من هذه الازمة - المصدر).

سيتطلع العالم الآن الى تركيا ويتعلم منها: فهكذا يجب للأسف الشديد معاملة اسرائيل. وقد يتعلم العالم الدرس لكن نشك في أن تفعل اسرائيل ذلك ايضا. فمن الحقائق أنه حتى بعد الاعتذار الهاتفي لم يعترف أحد في اسرائيل اعترافا كاملا وبالصورة المطلوبة بأن اسرائيل تصرفت في عنف آثم لا حاجة اليه وعوقبت لذلك وكان العقاب فعالا. ومن المؤسف ان نتنياهو لم يقل ذلك للاسرائيليين بشجاعة وصدق. ومن المؤسف انه لم يقل لهم إن دولا اخرى ايضا قد تسير الآن في طريق تركيا وتعاقب اسرائيل بسبب الاحتلال كي تغير سلوكها.

أيدت تركيا الفلسطينيين. وهذا طبيعي وهذا عادل ويجب ان يكون مفهوما من تلقاء ذاته بالنسبة لكل دولة مسلمة، ويجب ان يكون مفهوما من تلقاء ذاته  بالنسبة لكل دولة. فالاسرائيليون الذين يؤثر مصير إخوتهم اليهود في كل مكان في قلوبهم ويقيمون الدنيا ولا يُقعدونها بسبب كل مس بهم كان يجب ان يكونوا أول من يفهمون هذا الشعور. فـ "الرصاص المصبوب" جعلت الرأي العام في تركيا يثور. وكان ذلك ايضا مفهوما وعادلا. وآنذاك قُتل تسعة مدنيين أتراك وأثار ذلك غضب دولتهم أكثر. وكان يجب ان يثير غضب الرأي العام في اسرائيل لأنه لا يصعب ان نتخيل ماذا كان سيحدث لو ان الجيش التركي قتل تسعة اسرائيليين.

كان يجب ان يكون طريق "مرمرة" مفتوحا الى غزة وكانت السيطرة العنيفة عليها لا آثمة فقط بل حمقاء ايضا. ولم يولوا ذلك أية عناية في اسرائيل فبقي فقط "المخربون" على السفينة، وعنفهم الذي يدفع عنهم الجنود الذين حاولوا السيطرة عليهم، وكلام الدعاية وهو أنه لو سمحت اسرائيل للقافلة البحرية بالوصول الى شواطيء غزة لأضر ذلك بأمنها.

كانت تلك هي الجريمة وكان عقابها ثقيلا على اسرائيل والاسرائيليين. فقد تعطلت عطلهم وأصبحت حليفتهم الوحيدة في المنطقة عدوا. ولو أن اسرائيل تصرفت بعقلانية لحافظت جيدا على علاقاتها بتركيا. فحاجة اسرائيل الى هذه القوة الاقليمية الصاعدة النامية أكبر من حاجتها الى اسرائيل. هذه هي الحقيقة ويحسن الاعتراف بها. ولو ان اسرائيل تصرفت بقدر من المنطق والعدل لما سيطرت على "مرمرة" ولو كانت اعتذرت على الأقل فورا عن القتل العابث. لكن اسرائيل برهنت مرة اخرى على أن الامور لا تتم إلا بالقوة فقط. وبعد ثلاث سنوات عقاب جاء الاعتذار الذي كان يجب التعبير عنه فورا.

لكن هذا الحليب انسكب وبقيت الدروس منه وهي انه حينما تُعاقب اسرائيل وتدفع ثمنا فانها تتعلم بالطريقة القاسية التي لم يكن داعٍ اليها. والأثر الباقي هو انه لا توجد سبيل اخرى لسلوكها. وهذه رسالة سيئة لاسرائيل. يمكن اعادة بناء العلاقات بتركيا ويجب ذلك. وقد أراد مُذيعو التلفاز الاتراك الذين أجروا لقاءات صحفية معي من غد الاعتذار أرادوا ان يعلموا شيئا واحدا فقط وهو هل الاسرائيليون سعداء بالاصلاح. وأجبت بأنه في نفس الوقت بالضبط لعب منتخب اسرائيل لكرة القدم مع البرتغال وشغل ذلك الاسرائيليين أكثر. وسُمع من الجانب الثاني من الخط عبارة خيبة أمل، فقد توقعوا هناك اصلاحا حقيقيا.

قد يأتي ذلك بعد: فكل من سيسافرون الى تركيا التي روضوا الاسرائيليين في السنوات الثلاث الاخيرة على اعتقاد الخطر عليهم هناك فيها، سيعلمون أنه ما زال يوجد شوق عند دوائر واسعة الى العودة الى ايام الصداقة، برغم الشحناء والعداء اللذين غمرا العلاقات. ويجب على رجب طيب اردوغان ايضا الآن ان يخفف من تصريحاته الشديدة المضادة لاسرائيل. وهو يستطيع ان يتعلم من صديقه براك اوباما كيف ينقل رسائل انتقاد ويحافظ على الصداقة معها.

يجدر بمن يخشى على مكانة اسرائيل ان يدرس دروس تركيا لأنه لا يجوز ان يعتقد العالم انه يمكن بعقاب اسرائيل فقط التوصل معها الى حديث عن العدل. وهذا العمل ملقى الآن على كاهل كل اسرائيلي. فليعلم كل اسرائيلي أن "رصاصا مصبوبا" اخرى أو "مرمرة" اخرى سيفضيان الى عقاب تركي (أو غيره) لاسرائيل. وليعلم كل اسرائيلي ان المس الحقيقي بكرامة دولته ينبع من عنفها.