خبر ليس مجرد اتفاق - هآرتس

الساعة 09:17 ص|28 مارس 2013

ترجمة خاصة

ليس مجرد اتفاق - هآرتس

بقلم: يورام دوري

(المضمون: اوسلو لم يمت – رد على مقال ابراهام بورغ  - المصدر).

"اوسلو مات منذ سنوات عديدة، ولكنهم نسوا فقط التبليغ عن ذلك للشعوب وللزعامات"، كتب في مقاله ابراهام بورغ ("اوسلو مات، ماذا بعد؟"، "هآرتس" 25/3) ولا يوجد خطأ أكبر من هذا. اوسلو لم يمت. اوسلو حي وسيواصل الحياة لان "اوسلو" ليس فقط اتفاقا، بل اعترافا بالواقع، حتى لو كان هذا واقعا اليما. اوسلو هذا اعتراف بحقيقة ديمغرافية وسياسية غير لطيفة، صعوبة ايجاد حلها لا تقل عن صعوبة العيش معها. ولكن اوسلو هو الاستمرار الطبيعي للمشروع الصهيوني، للحفاظ على سيادة يهودية ووجود اسرائيل كدولة ديمقراطية.

في عيد الفصح بالذات من المهم التذكر بان اتفاقات اوسلو كانت ايضا خيارا اخلاقيا: اسحق رابين الراحل وشمعون بيرس توجها الى هذا المسار لانهما لم يريا في الشعب اليهودي شعب أسياد. اسرائيل غير الاخلاقية، كما فكرا، ليست دولة قومية جديرة بالشعب اليهودي. كل بديل لاتفاق اوسلو يعرض للخطر كون اسرائيل وطنا قوميا للشعب اليهودي او وجودنا كدولة ديمقراطية أو حتى كليهما.

20 سنة مرت منذ وقع كتابي الاعتراف المتبادل بين اسرائيل وم.ت.ف ومنذئذ اقيمت السلطة الفلسطينية كان هذا في اواخر الانتفاضة الشعبية الاولى لسكان المناطق ضد الاحتلال الاسرائيلي. الانتفاضة هي التي صفت مفهوم "الاحتلال الديلوكس"، الذي اكتسب له مكانة لدى الكثيرين من اصحاب القرار. في خطوة بدأت في اوسلو اعترف لاول مرة بوجود الشعب الفلسطيني الذي نفي وجوده على مدى السنين. لم يكن سهلا الاعتراف بوجود شعب يتقاسم معنا ذات قطعة البلاد، له تطلعات قومية وعزة وطنية. هذا واقع معناه تقسيم البلاد واستيعاب الحاجة الى التنازل عن اجزاء من الوطن. رابين وياسر عرفات اعترفا بهذا الواقع، الذي لم يتغير منذئذ. الاعتراف به هو أساس لكل تسوية مستقبلية ولا يوجد بديل له.

في اوسلو ايضا اقيمت السلطة الفلسطينية، التي نقلت اليها المسؤولية عن الحياة اليومية عن ملايين الفلسطينيين. المسؤولية عن جهاز التعليم للتلاميذ الفلسطينيين، عن حماية القانون والنظام، وعن اجهزة الصحة والرفاه لسكان الضفة وقطاع غزة لم تعد مسؤولية ضباط الجيش الاسرائيلي. ولهذا السبب وفرت على ميزانية الدولة أكثر من 40 مليار دولار في السنوات الاخيرة. يمكن فقط التخيل ماذا كان سيحصل لو اضيف 5 – 6 مليار شيكل هذه السنة الى العجز العميق في الميزانية، والذي ستؤلم تغطيته كل واحد وواحد منا. السلطة الفلسطينية حية وتتنفس. قد لا يكون هناك نموذج لحكم ناجع، ولكن لا شك أنها رفعت عن مواطني الدولة عبئا هائلا. هذا الواقع هو الاخر لم يتغير في العقدين الماضيين، والاعتراف به هو شرط لكل تسوية.

كما أن اتفاقات اوسلو كانت خيارا اخلاقيا، في أساسه الفهم بان استمرار الاحتلال يسحب من الصهيونية ومن شعبنا تميزه وسر انتصاراته. من هذه الناحية ايضا اوسلو حي ويرفس. "اوسلو" هو حسم استراتيجي دراماتيكي، اهميته لا تقدر. نعم، في التكتيك أخطأ قادة الطرفين. احيانا حاولوا تجاهل الواقع. في اوسلو اعترفوا به.

اقتراحات بورغ هي، بالنسبة لي، تبني حل الدولة الواحدة للشعبين. دولة متعددة القوميات، مثلها احترق في العقدين الاخيرين في يوغسلافيا وفي البوسنة. ومنع هذا عن تشيكوسلوفاكيا لانهم هناك تبنوا حل الدولتين للشعبين. وملاحظة اخرى: قبول وتطبيق قرار الامم المتحدة 194 بالنسبة للاجئين حرفيا، كما يقترح بورغ، معناه انتحار وطني. من أجل فهم هذا يجب فقط قراءة كل القرار، وليس عنوانه فقط.

بروح عيد الفصح يمكن اجمال هذا على النحو التالي:

لو أن اوسلو فقط اعترف بوجود الشعب الفلسطيني – لاكتفينا.

لو أن اوسلو فقط وضع الاساس لحل الدولتين القوميتين للشعبين – لاكتفينا.

لو أن اوسلو فقط ادى الى اقامة السلطة الفلسطينية التي أزالت عن اسرائيل المسؤولية عن الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين  - لاكتفينا.

لو أن اوسلو فقط وفر على مواطني اسرائيل مليارات  الشواكل – لاكتفينا.

لو أن اوسلو فقط ذكرنا باننا لم نخرج من بيت العبيد كي نكون أسيادا – لاكتفينا.

لو أن اوسلو فقط يحاول الحفاظ على طابعنا الاخلاقي – لاكتفينا.

40 سنة في الصحراء مرت على بني اسرائيل كي يتخلصوا من الاراء المسبقة وان يكونوا جاهزين لدخول البلاد. كلي أمل في أن يستغرق تحقيق السلام في المنطقة فترة زمنية أقصر. رغم المصاعب لا حاجة الى السجود الى العجل الذهبي الذي يقترحه بورغ.