خبر إسرائيل: الأزمة المالية تمس الجيش وقلق على الدعم العسكري الأميركي

الساعة 07:02 ص|28 مارس 2013

- السفير - حلمي موسى


يتزايد التوتر في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية جراء بدء النقاشات حول الميزانية الإسرائيلية الجديدة والتقليصات الكبيرة التي ستطال ميزانية الدفاع أيضاً. ومعروف أن الميزانية الإسرائيلية عانت في العام الأخير من عجز كبير زاد عن 40 مليار شيكل (أكثر من عشرة مليارات دولار)، الأمر الذي يفترض إدخال تقليصات كبيرة أو فرض ضرائب عالية. وزاد الطين بلة بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية عدم نجاح الاقتصاد الأميركي في التخلص من أزمته واضطراره لتخفيض الميزانية العسكرية، ما أثر على التوقعات بشأن المساعدات الخاصة المقدمة لعدد من المشاريع العسكرية الإسرائيلية كمنظومتي الدفاع «حيتس» والقبة الحديدية. وقد كشف النقاب في إسرائيل مؤخراً عن مباحثات تجري مع الإدارة الأميركية لإعادة النظر في اتفاقيات تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل.
وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أن من نتائج زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة إلى إسرائيل أن الحكومتين ستشرعان قريباً في مباحثات لبلورة اتفاق جديد حول مساعدات عسكرية متعددة السنوات. وبموجب هذا الاتفاق سيتقرر إذا ما كانت إسرائيل ستنال فرصة للتزود بأسراب إضافية من طائرات «F-35» ووسائل قتالية جديدة باهظة التكلفة في خطة التسلح الجديدة التي ستبدأ في العام 2018. ومعروف أن اتفاقية المساعدات العسكرية الحالية أبرمت في عهد جورج بوش الابن العام 2008، وستبقى سارية حتى العام 2017. وقضت الاتفاقية بأن تنال إسرائيل خلال عشر سنوات حوالي 30 مليار دولار بهبة سنوية تزداد بقيمة 50 مليون دولار سنوياً تعويضاً عن تآكل قيمة الدولار. وبحسب الاتفاق الساري فإن إسرائيل ستنال من الولايات المتحدة في العام 2013 مساعدة تزيد عن 3,2 مليار دولار.
وأوضحت «هآرتس» أن الحاجة لبدء المباحثات من الآن تنبع من عدم قدرة إسرائيل على التعهد بشراء معدات من أميركا بعد العام 2017 من دون أن تضمن لها المساعدة مسبقاً. والجيش الإسرائيلي يشعر من الآن بحاجته إلى سرب ثان من طائرات «F-35» عدا السرب الذي ضمنته إسرائيل في الاتفاق الذي ينتهي العام 2017.
وتأمل إسرائيل أن تحافظ الإدارة الأميركية على مستوى المساعدات المقدمة لها حتى الآن، لكن الخشية تتزايد من تقليص هذه المساعدة جراء الأزمة الاقتصادية في أميركا والتقليص الحاد الذي تم على ميزانية الدفاع. وهذا التقليص يسري على الشراكة الإسرائيلية ـ الأميركية في عدد من مشاريع الدفاع ضد الصواريخ مثل «عصا الساحر» و«حيتس 3».
وتزداد أهمية المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل إذا علم المرء أنها تشكل 60 في المئة من المساعدات العسكرية الأميركية إلى العالم و20 في المئة من ميزانية الدفاع الإسرائيلية. وتشتري بحوالي نصف مليار دولار بضائع إسرائيلية على حساب المساعدة الأميركية، الأمر الذي يعني أن تقليص المساعدة الأميركية لا يؤثر فقط على مشتريات الجيش من أميركا، وإنما أيضاً على مشترياته من الاقتصاد الإسرائيلي. وبالإضافة إلى المساعدة الأصلية المقررة، زودت أميركا إسرائيل بمساعدات خاصة، مثلاً 200 مليون دولار العام الحالي للتزود ببطاريات صواريخ قبة حديدية جديدة.
وتخشى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من أن ترافق التقليصات الأميركية مع تقليصات في الميزانية الإسرائيلية سيضر جداً بتقدم مشاريع تطوير منظومات تطوير الصواريخ المضادة للصواريخ. وتأمل إسرائيل أن يبدي الأميركيون تفهماً أكبر لحاجات إسرائيل الأمنية المتزايدة، خصوصاً في ضوء انعدام الاستقرار في عموم الشرق الأوسط. وتعود الخشية الإسرائيلية إلى واقع سن قانون «سيكويستر» الأميركي الذي قلص بعشرات مليارات الدولارات ميزانية الدفاع الأميركية سنوياً. ويُعتقد أن وزارة الدفاع ستضطر لتقليص المساعدات الخارجية التي لا يستفيد منها أحد أكثر من إسرائيل.
ومن جهة أخرى، يدور الصراع في المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة لتحديد وجهة سد العجز الكبير في الميزانية العامة. ويرى الخبراء الاقتصاديون أنه من دون تقليص كبير في ميزانية الدفاع ستضطر وزارة المالية إلى الإضرار بالشرائح الاجتماعية الضعيفة. وينوي وزير المالية الجديد يائير لبيد عقد سلسلة اجتماعات لخبراء وزارته للبحث في سبل سد العجز في ميزانية العام المقبل. ومنذ الآن يجري التلويح بـ«خطوات مؤلمة»، من بينها رفع ضريبة القيمة المضافة وفرض ضرائب جديدة، أو تقليص تسهيلات وتخفيض علاوات ومخصصات اجتماعية. ويعتقد بعض الخبراء أن إثارة الأضرار الاجتماعية لتخفيض الميزانية المحتمل ليس سوى وسيلة لإجبار الجيش على التعامل مع الأمر بحكمة والقبول بتخفيض مناسب.
ويدور منذ زمن سجال بين الخبراء في إسرائيل ممن يعتقدون أنه في ظل الظروف الراهنة وابتعاد خطر الحرب التقليدية يمكن للجيش أن يقلص نفقاته وحجمه وبالتالي يخفف من العبء القائم على الميزانية، ويحول دون تقليصات تضر بالشرائح الدنيا وقد تقود إلى هزّات واحتجاجات اجتماعية.
وبحسب ما ينشر في إسرائيل فإن وزير المالية الإسرائيلي الجديد ذهل من المعطيات حول الاقتصاد الإسرائيلي. وكانت حكومة نتنياهو السابقة تتحدث عن إنجازات في حين كان العجز يزداد بشكل كبير. وفي البداية تم الحديث عن 15 مليار شيكل لكن الأرقام حالياً تتحدث عن عجز يزيد عن 40 مليار شيكل. وكانت الحكومة السابقة قررت تقليص ميزانية الدفاع بـ4,5 مليارات شيكل، إلا أن الجيش يطالب بإلغاء هذا القرار، ويقبل فقط بتقليص ملياري شيكل.
تجدر الإشارة إلى أن ميزانية إسرائيل تبلغ حوالي مئة مليار دولار يذهب حوالي خمسها إلى وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الأخرى.