خبر هل زيارة اوباما هي نقطة تحول؟.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:36 ص|27 مارس 2013

بقلم: إيزي لبلار

(المضمون: اذا لم تستعمل ادارة اوباما الضغط على اسرائيل كي تتنازل من جهة واحدة فقد يمكن التوصل الى تسويات مرحلية تُحسن وضع الفلسطينيين - المصدر).

ينبغي ان نفترض ان قادة الولايات المتحدة ونظراءهم الاسرائيليين تنفسوا الصعداء حينما أقلعت الـ "إير فورس 1" من مطار بن غوريون، وانتهت زيارة الرئيس اوباما بمذاق جيد بالنسبة للطرفين.

بدأ اوباما هجوما سحريا لم يسبق له مثيل بغرض التغلب على عدم الثقة القوي الذي يُظهره الاسرائيليون نحوه – وهو عدم ثقة ينبع من جهوده في اثناء ولايته الاولى لارضاء العرب بـ "جعل بُعد" بين الولايات المتحدة واسرائيل. وفي اثناء زيارته قلب الامور رأسا على عقب فتناول في تأثر "الوطن اليهودي" الذي صلى فيه اليهود وفلحوا الارض مدة ثلاثة آلاف سنة، مع وصف ولادة الدولة اليهودية من جديد باعتبارها عمل خلاص تاريخيا لم يسبق له مثيل يضمن ألا تحدث محرقة اخرى أبدا. وصدق أن "الولايات المتحدة تفخر بالوقوف الى جانب اسرائيل باعتبارها أقوى حليفة وأفضل صديقة"، ووصف الحلف "الذي لا يُكسر" و"الأبدي". برغم انه ضغط على نتنياهو كي يعتذر لتركيا لاسباب استراتيجية ملموسة، حرص في زيارته لقبر هرتسل على دحض مزاعم اردوغان الفاضحة المتعلقة بالصهيونية.

وكرر اوباما شعار انه يعارض توسيع المستوطنات ودعا الى تحقيق حل الدولتين. وقد أغضب اسرائيليين كثيرين بتطرقه الى المعاناة الفلسطينية من غير ان يربطها بالارهاب والتحريض من السلطة، وبمدحه أبو مازن باعتباره شريكا حقيقيا في السلام. لكنه حث الفلسطينيين على قبول اقتراح اسرائيل التفاوض من غير شروط مسبقة. وتناول إيماءا لا بصراحة مطلبه السابق وهو ان خطوط وقف اطلاق النار غير القابلة للدفاع عنها من 1949 ستكون نقطة بداية التفاوض. ومن المعلوم ان هذا الطلب قد يعود في مرحلة مستقبلية.

ما زال الاسرائيليون لم يهدأ جأشهم من نوايا اوباما النهائية بشأن ايران. ففي حين عاد وأعلن التزامه ان يستعمل كل الخيارات لمنع الايرانيين من الحصول على القدرة الذرية، استمر في الامتناع عن تحديد أجل مسمى ثابت. ويخشى الاسرائيليون كذلك من ان الولايات المتحدة قد تتوصل الى مصالحة غير كافية مع الايرانيين. لكن اوباما اعترف لأول مرة وبصراحة بحق اسرائيل في استعمال جميع الخطوات التي تراها صحيحة بغرض الدفاع عن نفسها، وكانت هذه أوضح رسالة الى الايرانيين.

سيكون من السابق لأوانه للاسرائيليين ان يستنتجوا هل تشير تصريحات اوباما واحتضانه الى تحول في توجهه السياسي. لكن اوباما يؤيد البراغماتية وهو منتبه الى ان الامريكيين يؤيدون اسرائيل اليوم أكثر من كل وقت مضى، وأن المواجهات المستمرة ستنشيء مشكلات لا حاجة اليها في مجلس النواب الامريكي.

وصف الصحفي اليهودي الامريكي، جيفري غولدبرغ، المقرب من الرئيس مواقفه من الشرق الاوسط بأنها أقرب من صحيفة "هآرتس" منها الى التيار السياسي المركزي. وعلى ذلك فان من المتوقع ان تستمر ادارته في تأييد التمايز وإرضاء نظم الحكم الاسلامية بدل مواجهتها. وقد تُجدد الادارة في المستقبل الضغوط على نتنياهو للقيام بتنازلات اخرى من طرف واحد ولتبني الصيغة التي تقوم على الحدود قبل 1967 التي لا يمكن الدفاع عنها.

لا يمكن الاستخفاف بثقل الوزن السياسي للتصريحات. وقد كان كلام اوباما الذي لم يسبق له مثيل وجهوده المصممة على إبطال معلن للخصومة مع نتنياهو بمنزلة تغيير اتجاه مهم من جهة رمزية على الأقل. وستُسجل في التاريخ بأنها ذروة زيارته.

دحض كلامه دعوات اليسار المتطرف الذي يشمل اسرائيليين "يؤيدون السلام" ومنظمات يهودية مثل "جي ستريت" حثته على استعمال "حب صارم" على اسرائيل. وأهم من ذلك أنه ينقل رسالة قوية الى الاسلاميين. لكن أكثر الاسرائيليين يعترفون بأننا غير قادرين على نقل أمننا الى جهة ثالثة مهما كانت – حتى الولايات المتحدة – وعلينا ان نعتمد على قدراتنا الدفاعية الذاتية فقط.

يبقى احراز تسوية سلمية في الأمد القصير بمنزلة وهْم. لكن اذا أيدت ادارة اوباما جهود اسرائيل لاحراز تسويات مرحلية أو اتفاقات جزئية تمنح الفلسطينيين حياة أفضل بدل الضغط عليها كي تلتزم بحدود نهائية أو تنفذ تنازلات من طرف واحد، فسيكون من الممكن التوصل الى تقدم مهم.