خبر لا يتجرأ سوى الضعيف .. هآاتس

الساعة 09:35 ص|27 مارس 2013

بقلم: آفي شيلون

(المضمون: أصبح نتنياهو في ولايته الثالثة أضعف مما كان في ولايتيه السابقتين ولهذا خاصة يستطيع ان يُحدث تحولا كبيرا في سياسته الداخلية والخارجية - المصدر).

خرج ليفي أشكول الى حرب الايام الستة وكانت أكبر انجازاته إذ كان رئيس الوزراء وهو في ذروة ضعفه السياسي. وقد عانى تصورا اشكاليا للجمهور عنه، وهيئة قيادة عامة شكت في قدرته على القيادة، وانتقادا قويا من دافيد بن غوريون، وتخلص بصعوبة فقط من محاولات استبداله وفُرضت عليه حكومة وحدة وطنية. وقبل أن يخرج اسحق شمير الى مؤتمر مدريد في 1991 نازع طويلا كبار مسؤولي الليكود – المُعوقين منهم اريئيل شارون ودافيد ليفي واسحق موداعي – الذين كادوا يشقون الحزب في نضالهم لخطته السياسية. وفي 1993 حكم اسحق رابين وشمعون بيرس حزبهما بقوة لكنهما أجازا اتفاق اوسلو في الكنيست بأكثرية ضئيلة فقط. وادعى اهود باراك ايضا انه سيحرز في مؤتمر كامب ديفيد 2000 "انهاء الصراع" عالما أنه سيعود الى ائتلاف محطم. أما شارون فحقق الانفصال في 2005 بعد ان رفض منتسبو الليكود خطته وتمرد عليه اعضاء الكنيست من حزبه.

يبرهن التاريخ الاسرائيلي اذا على أنه لا تناسب ضروريا بين رئيس وزراء ضعيف من جهة سياسية وبين جرأة الاجراءات التي يستطيع تنفيذها وهو مستعد لذلك، فقد يكون العكس هو الصحيح. واسباب ذلك عديدة: فرئيس الوزراء القوي ربما يقلقه أكثر محاولة الحفاظ على قوته ولهذا يخشى التغييرات. وربما يشعر رئيس الوزراء الضعيف بأن عنده ما يكسبه فقط اذا عمل في شجاعة بحسب ما يُملي عليه ضميره. وقد يكون السبب عكس ذلك بالطبع فكلما أوحى رئيس الوزراء باستعداد لاجراء حاسم تضعضعت قوته السياسية.

لا جدل في ان بنيامين نتنياهو في ولايته الثالثة، من جهة ائتلافية وحزبية داخلية، أكثر قابلية للمس به. لكن من الخطأ كما قلنا آنفا ان ننظر اليه كأنه رئيس وزراء ضعيف لا غير.

أراد نتنياهو في ولايته الاولى محمولا على أمواج مفاجأة فوزه على بيرس أن يُحدث انقلابا في الدولة، وما زلنا نذكر طلبه استبدال "النخب القديمة". لكنه لم يناضل من اجل ان يُبطيء مسيرة اوسلو فقط بل ناضل كل اجهزة المؤسسة الاسرائيلية تقريبا – القضائي والامني والاقتصادي، والاعلامي بيقين. بيد ان نتنياهو كان شابا آنذاك وعنيفا ومدعيا كثيرا وانتهت ولايته بالعزل. وأسهم الدرس المر الذي تعلمه في أنه تصرف في ولايته الثانية بحذر وحاول ألا يُغرر بنفسه برغم منزلته السياسية الصلبة. لكن اذا تميزت ولايته الحالية ايضا بقيادة محافظة تسعى في الأساس الى الحفاظ على القائم فستكون كما يبدو ولايته الأخيرة وإن لم يُكثر الخطأ ايضا. ولهذا من المؤكد انه يدرك باعتباره سياسيا ذا خبرة أنه ليس له مناص سوى ان يُحدث تغييرات واجراءات جريئة.

وأصبح من الممكن الآن ان نلاحظ اشارتين الى ذلك احداهما رمزية لوحظت في استقبال براك اوباما الذي تبين لنا فيه نتنياهو مختلف الذي كان مستريحا مستعينا بالفكاهة. والثانية وهي أهم تكمن في اعتذاره لرئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان بفضل صيغة ذكية مكّنت من الاعتذار بمكالمة خاصة لا باعلان على الملأ – بعد ان رفض ذلك في ولايته السابقة.

ليس واضحا ماذا سيكون الاجراء الجريء: هل هو "مصالحة تاريخية" كما أعلن، وتجريد ايران من الخيار الذري كما هدد، أم تغيير عميق في بنية الاقتصاد الاسرائيلي كما يستطيع. لكن الخلاصة هي انه الآن خاصة – لأن منزلته تضعضعت وهو يستطيع ان يستمد قوته في الأساس من الرأي العام وبقدر أقل من الجهاز السياسي – فان عند نتنياهو الظروف أكثر من كل وقت مضى ليترك أثرا على التاريخ "لاسرائيلي"