خبر لم تعد شرطيا.. معاريف

الساعة 09:34 ص|27 مارس 2013

بقلم: عوديد تيره

(المضمون: سياسة الانطواء الامريكية والبحث عن حلول للطاقة البديلة تؤدي الى تقليص الاهتمام بالشرق الاوسط، وبالتالي باسرائيل والفلسطينيين - المصدر).

تجسد زيارة اوباما الى اسرائيل الاستراتيجية الجديدة التي تتبناها الولايات المتحدة في السنوات الاخيرة الا وهي بعض الانطواء على نفسها. هذه عملية ستستمر لسنوات وفي نهايتها ستقلص الولايات المتحدة تعلقها بالطاقة، بالعالم وستكف عن أن تكون "الشرطي" الذي يحاول حل مسائل استراتيجية، احيانا بقوة الذراع، خارج الدولة.

لقد توصلت واشنطن الى الاستنتاج بان التطورات الجغرافية السياسية والاقتصادية في العالم بأسره، الاقتصاد الذي يقوم على اساس استيراد الطاقة من العالم، من شأنها ان تؤدي الى انخفاض في مستوى المعيشة في الولايات المتحدة والى عدم الاستقرار. ولهذا فان الولايات المتحدة تستثمر مقدرات هائلة في تطوير بدائل للنفط وفي الطاقة البديلة. وهي "تتوقع" ذلك اعلاميا، مثابة "خضوع" لمطالب ممثلي جودة البيئة. ولكن في حقيقة الامر ترغب الولايات المتحدة في الغاء تعلقها بالنفط العالمي – المنتج المستورد الاكبر لديها.

وللفترة الانتقالية تحاول الولايات المتحدة ايجاد بدائل لاستيراد النفط من خلال تنقيبات اكبر في القارة الامريكية. وفي غياب الحاجة الى النفط الشرق اوسطي يقل ايضا الاهتمام الامريكي بالشرق الاوسط. وعندما يقل الاهتمام بالشرق الاوسط يقل الاهتمام باسرائيل وبالفلسطينيين. في عملية الانطواء الامريكي لا يزال مطلوب "مواقع خارجية"، مثل اسرائيل، تحمي "القوات الامريكية المنسحبة"، ولكن ليس أكثر من ذلك. ويفترض بالولايات المتحدة أن تصل الى استقلالها من الطاقة في غضون ثلاث حتى أربع سنوات. والوصول الى مثل هذا الاستقلال سيكون تغييرا استراتيجيا هاما للامريكيين وللعالم. وتفيد الزيارة الى اسرائيل اوباما لاغراضه الداخلية. فهو يحاول تجنيد كل القوى السياسية في عملية الانطواء وهو يحتاجنا في "الزاوية الجمهورية". فالعلاقات الطيبة مع اسرائيل تخدم اوباما في النسيج الامريكي الداخلي ولا سيما في الفترة الانتقالية، حتى استكمال مدى الانطواء المرغوب فيه.

وسنفحص بعض تصريحات اوباما في رحلته الى اسرائيل فنحاول ان نرى اذا كانت تتطابق وفكرة الانطواء. في السياق الايراني قال اوباما ان قابلية اسرائيل والولايات المتحدة للضرر في ضوء التحول النووي العسكري الايراني مختلفة، ولهذا فاسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها. وحسب فهمي فان اوباما قال بذلك: "انتم لذاتكم. الدفاع عن اسرائيل في وجه ايران نووية هو شأنكم. نحن سنسندكم ولكن ليس بالتدخل العسكري المباشر". وبالمناسبة، في كل خطاباته، حتى اليوم، اوباما لم يقل انه في سلة الافعال التي يمكن لامريكا ان تتخذها لمنع التحول النووي العسكري الايراني يوجد أيضا تدخل عسكري مباشر. وهو لم يقل ذلك ايضا في خطاباته في الزيارة الى اسرائيل وخسارة أنه لم يكلف اي صحفي نفسه عناء سؤاله عن ذلك.

كما قال اوباما في اسرائيل انه "اذا تبين أن سوريا استخدمت سلاحا كيميائيا فسنعرف كيف نتصرف". وهو لم يقل اذا كان مثل هذا الاكتشاف سيؤدي الى تدخل عسكري امريكي. معنى الامر حسب فهمي هو أن الولايات المتحدة تكف عن أن تكون "الشرطي" الحصري للعالم وتصبح جزءا من مجموعة تتخذ قرارات جماعية. لقد كفت امريكا عن القرار واصبحت "موصية". وهو الحكم بالنسبة للتدخل العسكري في ايران. ومن مفهوم الانطواء تنبع أيضا  الهوة الواسعة بين اسرائيل والولايات المتحدة في موضوع الخط الاحمر الذي بعده يكون تدخل عسكري. فاسرائيل تعتقد بانه يجب الهجوم قبل أن نعلق في وضع تكون فيه لطهران بنية تحتية انتاجية، محمية جيدا، لانتاج سلاح نووي.

كما أن أقوال اوباما في الموضوع الفلسطيني هي الاخرى أقوال عدمية تحاول ارضاء اسرائيل. فالولايات المتحدة غير معنية حقا بالمسيرة السلمية. يحتمل أن يكون الجهد الرمزي لاحلال سلام مع الفلسطينيين قد جاء ظاهرا لارضاء الاقلية الاسلامية في الولايات المتحدة، وليس أكثر من ذلك.

زيارة اوباما الى المنطقة، خطاباته، بل ولغة جسده بثت بان ليس له توتر مع اسرائيل بل وحدة مصالح للمدى القصير. فاسرائيل لم تعد عائقا أمام سياسة الولايات المتحدة بل، بقدر كبير ذخر مؤقت في المدى القصير وذخر غير ضار في المدى البعيد.