تحليل زيارة أوباما.. فصل جديد في دوامة مسيرة التسوية

الساعة 07:47 ص|25 مارس 2013

غزة

مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية

من المتوقع أن تشهد المنطقة تحركات دراماتيكية في الأيام المقبلة على إثر زيارة أوباما لدولة الاحتلال، والخطابات والتصريحات التي أدلى بها، ومن المتوقع أن تعود المسالة الفلسطينية الى جدول العمل الدبلوماسي في المنطقة، ومن الضروري الانتباه الى أن الزيارة توجت بالخطوة الدراماتيكية الاسرائيلية بالاعتذار الى الحكومة التركية، والمحادثة التي جرت بين رئيس وزراء حكومة الاحتلال ورئيس الحكومة التركية، والتي جرت من مطار بن غوريون أثناء حفل الوداع بين نتنياهو وأوباما، أردوغان نفسه عبر عن أمله أن تكون تلك بداية لمساهمة تركيا في الوصول الى تسوية.

وهذا يمكن أن يؤشر الى الخطوات والتحركات والمفاجآت التي يمكن أن تشهدها المنطقة في أعقاب زيارة أوباما، وما رافقها من تصريحات علنية ومباحثات سرية. في الشأن الاسرائيلي الفلسطيني؛ هذه الخطوة الاسرائيلية التي برغبة ووساطة أمريكية يمكن أن تشير الى رغبة أوباما في تعاون كل الأطراف المؤثرة والموصوفة بالاعتدال لتامين ظروف موضوعية تساعد في الوصول الى تسوية للمسالة الفلسطينية بما يضمن المصالح القومية الامريكية في المنطقة، ويعيد بناء التحالفات، ويوفر لدولة الاحتلال الأمن والبقاء الذي ظلت تبحث عنه منذ اغتصابها للأرض الفلسطينية وتشريد الشعب الفلسطيني.

أوباما الذي بدا حريصاً على مصلحة اسرائيل اكثر من حرص قادتها أنفسهم حاول أن يشرح للإسرائيليين شيئاً من المخاوف المترتبة على اصرارهم على دوام الاحتلال، وتجاهل المسألة الفلسطينية، واعتمادهم على القوة في تحقيق الأمن. ومن أجل هذه الغاية وظف أوباما كل قدراته وطاقاته الخطابية ليستميل قلوب الاسرائيليين ويمنحهم الثقة والاحساس بالأمن، ووقوف أمريكا بجانبهم، والتخلص من المخاوف بشأن المستقبل على أن يتقبلوا ما أسماه "التكاليف المقرونة بمنح الفلسطينيين دولة"، لأن هذه التكاليف ستكون قليلة الشأن اذا ما قيست بالفائدة التي تعود علي الاسرائيليين من دوام  الاحتلال.

اذاً الشأن الفلسطيني عاد ليفرض نفسه في دائرة الجدل السياسي في دولة الاحتلال رغم محاولات الأحزاب الاسرائيلية القفز عنه في حملاتها الانتخابية، كانت رسالة أوباما واضحة للإسرائيليين كما نقلت "هآرتس" رغم التزام أمريكا بأقصى أمن لإسرائيل، الا ان الأمن لا يتحقق بمعونة جيش واسلحة وتكنولوجيا؛ بل أولاً وقبل كل شيء بفضل سلام يقوم على أساس دولتين لشعبين، اتفاق يرفض "الارهاب"، ويعطي الأمل للأهالي وللشباب على جانبي الحدود، ويحل العزلة السياسية المتعاظمة لدولة اسرائيل في العالم"، "لا يمكن الاستمرار هكذا لأن الحاضر قد يدمر انجازات الماضي، فلن تكون دولة يهودية وديمقراطية دون وقف المستوطنات وتحقيق تسوية"، وقد تعهد أوباما في زيارته لرام الله بتوفير كل الدعم المالي والمساندة للسلطة الفلسطينية.

رغم ان أوباما لم يطرح خطط عملية لتحقيق التسوية وانهاء النزاع؛ الا أن هذه زيارة في تقدير كثيرين لها ما بعدها، فأوباما هيأ أرضية لوزير خارجيته جون كيري الذي سيواصل المهمة على أمل أن يتمكن من تحقيق انجاز يضمن مصالح الولايات المتحدة في ظل تحولات سريعة تشهدها المنطقة.

الصحف الاسرائيلية بدأت تستبق الأمور، وتستعيد دوامة الحلول السياسية التي طرحت والتي يمكن أن تطرح، زلمان شوفال المحلل في صحيفة "هآرتس" تناول فكرة العودة الى حدود عام 67 كما يطالب الفلسطينيين، وألقى بالعصا أمام الراعي كما يقولون، معتبراً ان هذا الخيار غير ممكن لأسباب امنية، فبرأي الكاتب ان للوجود الاسرائيلي خلف الخط الاخضر صلة قوية بما يسميه حاجات اسرائيل الأمنية، ويضيف "انه في الأيام الأولى لحرب 67 استقر راي الحكومة الاسرائيلية على انه ينبغي إحداث واقع استراتيجي ومادي جديد، يمنع عزل القدس او فصلها عن الشريط الساحلي، ويضمن العمق الاستراتيجي على طول نهر الأردن ويمنع الأعداء من امكانية تقطيع "اسرائيل"، حيث يمكن خصرها الضيق ويبطل كل احتمال لإصابة مطار بن غوريون من التلال المشرفة عليه من وراء الخط الأخضر. ويرى الكاتب ان كل الرؤساء الامريكيين ريغان، كلينتون، جورج بوش، كل بأسلوبه وتعليلاته وافق على تغييرات في الخط الاخضر لمصلحة اسرائيل، الرئيس كارتر وافق على أن يشتمل مخطط الحكم الذاتي الذي طرح يومها على مناطق أمنية خاصة تبقى تحت الحكم الاسرائيلي، أما الرئيس ريغان فقد قال انه "لا ينبغي أن يطلب من اسرائيل أن تعود الى وضع كان فيه عرضها 8 أميال"، بمعنى أن العودة الى الخط الأخضر غير ممكنة. في حين أن الحل الثاني الذي طالب به من يسميهم باليسار المتطرف: "دولة لكل مواطنيها" أو الدولة ثنائية القومية؛ فهو غير ممكن من وجهة النظر الاسرائيلية لأنه يشطب الاعتبارات الايدلوجية التي قامت عليها الدولة باعتبارها دولة للشعب اليهودي.

ومع هذا لا ينبغي التعويل على الادارة الامريكية في الاستجابة للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، ويجب الحذر من الجانب الخفي المترتب على التفاهمات التي تمت فيها، والتي قد تتضح معالمها في القريب، كذلك ينبغي القلق من محاولة تضييق الخناق على الأطراف الفلسطينية في إضعاف المحور المساند للقضية والحقوق الفلسطينية.الضريبة الكلامية التي قام بدفعها اوباما من خلال تصريحاته الضبابية حول اهمية السلام والشروع بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني والتزام ادارته بعملية سياسية تضمن حل الدولتين، لا تجيب على الحد الادنى من التوقعات المعلّقة على زيارة أوباما رئيس الدولة العظمى التي فرضت نفسها راعيا وحيدا لعملية السلام في الشرق الاوسط.

ما خفي من هذه الزيارة وما دار في الجلسات المغلقة يتجاوز في خطورته ما صرح به نتنياهو واوباما علانية، وستتضح معالم هذه الاتفاقات لاحقا، ان تضييق الحلقة على القيادة الفلسطينية بهدف ابتزاز عودتها الى طاولة المفاوضات سيمر كما يبدو عبر ضربات توجه الى ايران وسوريا لاضعاف المحور المساند للقضية الفلسطينية في المنطقة والاستفراد بالشعب الفلسطيني.الضريبة الكلامية التي قام بدفعها اوباما من خلال تصريحاته الضبابية حول اهمية السلام والشروع بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني والتزام ادارته بعملية سياسية تضمن حل الدولتين، لا تجيب على الحد الادنى من التوقعات المعلّقة على زيارة أوباما رئيس الدولة العظمى التي فرضت نفسها راعيا وحيدا لعملية السلام في الشرق الاوسط.

ما خفي من هذه الزيارة وما دار في الجلسات المغلقة يتجاوز في خطورته ما صرح به نتنياهو واوباما علانية، وستتضح معالم هذه الاتفاقات لاحقا، ان تضييق الحلقة على القيادة الفلسطينية بهدف ابتزاز عودتها الى طاولة المفاوضات سيمر كما يبدو عبر ضربات توجه الى ايران وسوريا لاضعاف المحور المساند للقضية الفلسطينية في المنطقة والاستفراد بالشعب الفلسطيني