خبر نعم..ضغط- هآرتس

الساعة 09:33 ص|21 مارس 2013


بقلم: جدعون ليفي
جاء الى اسرائيل أمس مسيح مُخلص لكن يبدو أنه لن يهاتف. بقي فقط عند من هو على يقين من أنه لن يأتي تغيير من داخل المجتمع الاسرائيلي وأنه ليس لاسرائيل بقاء بصفة دولة عدل من غيره، بقي له فقط الحلم بفارس يأتي على الحصان الابيض ويضغط على اسرائيل كما حث على ذلك محرر صحيفة "هآرتس" ألوف بن في مقالته "أيها اليساريون أُخرجوا من الفانتازيا" ("هآرتس"، 18/3).
اجل إن الحديث عن فانتازيا؛ وجميع البدائل اسوأ منها. وفي وضع السكون والعمى في اسرائيل فان الأمل بضغط دولي هو الوحيد المعقول. صحيح ان هذا غير سليم من جهة ديمقراطية لأن التغيير كان يجب ان يأتي من الداخل. وصحيح ان العالم لا يفترض ان يؤدي دور اسرائيل. لكنه لن يظل أكثر من ثلاثة ملايين من الرعايا يعيشون بلا حقوق الى جانب دولة زاهرة. وسيتحطم هذا الوضع دفعة واحدة بطريقتين: الارهاب وسفك الدماء أو الضغط والقطيعة الدولية. والضغط أفضل.
لم تُحدث المجتمعات الحرة والشبعى قط ثورات لأن الظلم كان نافعا لها. فلو كان الامر متعلقا بالرجال لبقيت النساء بلا حق انتخاب. ولو كان الامر متعلقا بالبيض في جنوب افريقيا أو بالبيض في امريكا لاستمر الفصل العنصري والعبودية والعنصرية الى الأبد. ولو كان الامر متعلقا بالمستعمرين الاوروبيين لبقي نصف العالم مستعمرا. إن التأليف فقط بين الهبة العنيفة دائما تقريبا والضغط الدولي احيانا هو الذي أفضى الى إنهاء كل ذلك.
كان براك اوباما الذي وصل الى هنا أمس يستطيع ان يؤدي دور فارس العدالة. وكان يجب على اوباما ان يؤدي هذا الدور لكنه لا يؤديه. وليس الحديث عن "إسكان ناس في بضع شقق في ايتمار أو موديعين العليا"، كما قال ألوف بن في مقالته بل الحديث عن عدل تاريخي. وحينما لا يُصنع هذا فيجب على العالم ان يقول قوله. وحينما لا يريد العالم احيانا يعرف كيف يفعل ذلك وهو يصرف نظره احيانا. وهذا ما يفعله بازاء الاحتلال الاسرائيلي، والأمل في ان يغير نهجه مشروع.
يستطيع اوباما ان يقول الى بعد غد "الحقيقة لليسار الاسرائيلي" كما قال ألوف بن وهي أن "التغيير يجب ان يأتي من الداخل". لكن المجتمع الاسرائيلي يستحسن الاحتلال وهناك من يعملون ايضا على اخفائه عن أعينه. فلماذا يضع له حدا ما ظل جيدا له ولذيذا؟ هل لأن عددا من اليساريين يعترضون فقط؟ هل لأن العالم "المعادي للسامية" يتحدث في غضب فقط؟.
اجل إنني وأشباهي نأمل ضغطا خارجيا، وأنا أعترف بذلك مع شعور بالمهانة: فليس لنا بلد آخر ولا طريقة اخرى لانقاذه. وهو عزيز على قلوبنا بقدر لا يقل عن كل واحد آخر، ولهذا فاننا في توق الى الضغط. أهذا سخيف؟ إن تأييد الاحتلال أسخف كثيرا. ولا يمكن "إنعاش" هذه الرسالة، فليس الحديث عن شعار يمكن نسخه. ولن يقوم زعيم يساري يُخرج الجموع الى الشوارع، فهم مشغولون بمشاهدة برامج الترفيه. ولا يمكن "الارتباط بالتيار الرئيس" لأن التيار الرئيس لا يدفع شيئا عن الاحتلال ولا يريد ان يعلم شيئا عنه. يجب إنهاؤه لا بسبب "التهديد السكاني" ولا لأن "الاتفاق في متناول اليد" – بل من اجل العدل فقط الذي يُغضب الاخلال به وهو يُغضب قلة قليلة من الاسرائيليين ويُغضب أكثر العالم منذ 46 سنة. ألا تكفي الاخلاق؟ إن المصلحة ايضا، الامريكية والعالمية، تصرخ من اجل حل الصراع في الشرق الاوسط.
ولهذا سنستمر على ما عندنا. ونريد ان نكسر الاحتلال بكل طريقة تمنع سفكا للدماء آخر. وقد أملنا قبل اربع سنوات ان يكون الفارس على الحصان الابيض أسود على التخصيص وخيّب الآمال حتى الآن. ولم يكن هذا التوقع مُفندا وهو غير مُفند الآن ايضا. جاء اوباما لينال اعجاب الاسرائيليين (واليهود في بلده)، فيا ليته ينجح. لكن السؤال هو ماذا سيفعل بهذا النجاح؟ انه يزور دولة القناة الثانية التي حياتها طيبة وبرامج تسليتها مُسلية والتي لن يستيقظ مجتمعها ولن يصحو الى ان تجري أنهار الدم في شوارعها، أو الى ان تشعر بضغط رئاسي حقيقي. قد يكون من الفانتازيا حقا ان يفعل ذلك لكن البديل عنه كابوس.