خبر ما الذي يعتقده فينا حقا؟- يديعوت

الساعة 09:32 ص|21 مارس 2013


بقلم: ألون بنكاس
إن الرئيس براك اوباما في نظر اسرائيليين كثيرين لا "يفهم اسرائيل" حقا. فهو غير حساس وشاعر بمشكلاتها، وهو لا يفيض حبا ولا يذرف الدموع حينما تكون اسرائيل هي الموضوع. فهو ليس كلينتون ولا جورج بوش الابن. هذه سخافات لكن يمكن أن نفهم مصدرها لأن صورة رؤية اوباما لاسرائيل غريبة على اسرائيليين كثيرين غارقين في عصير تصورهم لأنفسهم وتميز وجودهم القومي.
وكذلك فان زعم ان اوباما صديق كبير لاسرائيل وان اختلافه الجوهري في الرأي هو مع رئيس الوزراء نتنياهو وتصوره العام فقط،  يحتاج الى تفسير. إن تأييد اوباما غير المتحفظ لاسرائيل في كل شأن مهم وجوهري يمر من فوق رؤوس اسرائيليين كثيرين ولا يمكن أن نلغيه بزعم أنهم مُعرضون منذ اربع سنوات لرسالة من ديوان رئيس الوزراء تقول ان "اوباما عدو". قد يكون عدوا لنتنياهو لا لاسرائيل لكن الاسرائيلي جازت عليه الرسالة.
هذا في واقع الامر نفس التفسير وهو تصور اوباما لاسرائيل. ونقول باختصار إن براك اوباما ينظر الى شمعون بيرس ويرى اسرائيل. وينظر الى اسرائيل ويرى شمعون بيرس. وحينما يلقى نتنياهو يلقى سناتورا جمهوريا غاضبا مستشيطا كثير الطلب. وقد يكون نتنياهو على حق لكن اوباما يتصور اسرائيل على هذا النحو.
لهذا فان خطبة اوباما أمس في مطار بن غوريون، والكلام الذي سيقوله اليوم خاصة في مباني الأمة في القدس وعند الرئيس بيرس ضروريان من اجل الثقة التي يجب ان يمنحه الاسرائيليون هو وتصوره إياها لأنه تصور مُطرٍ وموسِّع لا مُهين ومُضيق.
إن هذه الثقة أهم عند اسرائيل منها عند اوباما. فليس لاسرائيل كنز استراتيجي أكبر من علاقاتها بالولايات المتحدة، وليس لاسرائيل حليفة كالولايات المتحدة وليس لاسرائيل راعية ومغطية سياسيا وأمنيا كالولايات المتحدة. في فترة تقترب فيها الولايات المتحدة من "استقلال الطاقة" وتصرف تفضيلاتها ومصالحها في السياسة الخارجية الى الشرق الأقصى فان الانفصال عن الشرق الاوسط وإن يكن تدريجيا وبطيئا هو حقيقة استراتيجية مُضرة باسرائيل.
حتى وإن لم يعترفوا بذلك وصاغوا تفسيرات اخرى وسياسية، فان خطيئة اوباما الكبرى في نظر اسرائيليين كثيرين هي أنه يعتقد ان اسرائيل دولة طبيعية. ولهذا كانت خطبة اوباما أمس في مطار بن غوريون شبه اعتراف بتميز اسرائيل. من المؤكد انه ما كان ليخطب على النحو نفسه في بريطانيا أو البرازيل لأنه ليس للبريطانيين مشكلات حب وطلب اعتراف، وليس للبرازيليين حاجة دائمة الى الانتباه والتعزيز. ويعرف اوباما التشابه التاريخي بين الجمهورية الامريكية والصهيونية ويشتق من ذلك "تميزا" وتفوقا اخلاقيا لكن ليس ذلك من غير نقائص، ولا مع الاعفاء من اتخاذ قرارات صعبة.
إن "جعل حياة الشعب اليهودي طبيعية" هو في ظاهر الامر من لوازم الصهيونية السياسية. فالسيادة السياسية والاستقلال والاجتماع في دولة قومية بدل اماكن الشتات والجلاء هي التعبير الأسمى عن "الحياة الطبيعية" في عالم مؤسس على دول قومية منذ منتصف القرن التاسع عشر. لكن تميز اسرائيل وتصور اسرائيل لنفسها على نحو يوجد فيه في موازاة السعي الى "الحياة الطبيعية" رغبة قوية في ان نُذكر أنفسنا ونُذكر أمم العالم بأننا لسنا في الحقيقة حالة "طبيعية". فلسنا كهولندة أو كندا أو اليابان. فنحن متميزون وبارزون باختلافنا. ولسنا مجرد "آخرين" لكننا آخرون مع تاريخ أعوج من الاضطهاد والنوائب.
وعندها يأتي رئيس امريكي في الثانية والخمسين من عمره وينظر الى اسرائيل بصورة مختلفة فيرى دولة مع 11 جائزة نوبل، و120 شركة تُتداول أسهمها في "الناسداك"، ومع 25 في المائة من مشروعات الهاي تيك في العالم، و30 ألف دولار من الانتاج المحلي للفرد كل سنة، ومع أقوى جيش وأكثره تقدما تكنولوجيا في الشرق الاوسط وقد يكون في المحل الثاني في العالم بعد جيش الولايات المتحدة، ويرى ديمقراطية مستقرة وقوية. ويستنتج من ذلك، وهذه مسألة جيل ونظر الى العالم، أن اسرائيل دولة قوية وعظيمة. وأنها قوة من القوى الاقليمية. اجل إن الحي سيء والتهديدات كبيرة. وأنتم حلفاء حقيقيون حقا لكنكم دولة قوية جدا ويجب عليكم اتخاذ قرارات والبحث عن الحب والتأييد فقط.
ويعلم الاسرائيليون أنه على حق لكنهم – ويمكن تفهم هذا – لا يحبون سماع هذا.