خبر كف يد وزارة المالية عن علاقة الموظف مع شركة الكهرباء في غزة ...بقلم : دياب اللوح

الساعة 04:29 م|20 مارس 2013

غزة

كف يد وزارة المالية عن علاقة الموظف مع شركة الكهرباء في غزة ...بقلم : دياب اللوح

  فوجئ غالبية موظفو السلطة الوطنية الفلسطينية العاملين في المحافظات الجنوبية, بحسومات كبيرة من رواتبهم التي ابتهجوا لها لأنها ومنذ شهور سوف تصرف كاملة كما صرحت مصادر مسؤولة في وزارة المالية, وتراوحت الحسومات من 500 شيكل إلى 1000 شيكل وربما أكثر من رواتب شريحة واسعة من الموظفين, كما فوجئ بهذا الإجراء شرائح واسعة من سكان وتجار وأصحاب المصالح في قطاع غزة, كون فاتورة رواتب موظفي السلطة تساهم بشكل فعال في تحريك السوق و وتنشيط التبادلات وإنعاش الاقتصاد الضعيف في غزة لأسباب موضوعية كثيرة, وذهبت آمال الموظفين والمواطنين والتجار وأصحاب المصالح أدراج الرياح, فالغالبية الساحقة من الموظفين خرجوا من البنوك ببضعةِ شواكل لا تُسمن ولا تُغني من جوع, فالحسم من الرواتب فوق المتوقع, وفوق القدرة الاحتمالية للموظف, ويزيد من حجم المعاناة, ويرهق كواهل الموظفين وعائلاتهم الذين تكبدوا معاناة تجزئة وعدم انتظام صرف الرواتب على مدار الأشهر الماضية.

     صرحت مصادر مسؤولة أن ما تمَّ حسمه من رواتب الموظفين في قطاع غزة دون غيرهم من المحافظات الأخرى, تمَّ بناءً على طلب من شركة الكهرباء في قطاع غزة, وسلطة الطاقة الفلسطينية في السلطة الوطنية, بكتب رسمية موقعة للصرف حسب الأصول، وتحت إلحاح سلطة الطاقة على وزارة المالية في تنفيذ الحسومات وبأثر رجعي على الموظفين اعتباراً من شهر يناير لعام 2013م, ظهر هذا الحسم الكبير في رواتب غالبية الموظفين.

وهذا التصريح يثير العديد من التساؤلات ويضع علامات استفهام كبيرة أمام هذا الإجراء الذي وصفه الكثير من القانونيين بأنه إجراء غير قانوني, من الأطراف الثلاثة، شركة الكهرباء, سلطة الطاقة, وزارة المالية, لأسباب كثيرة أهمها:

العلاقة بين المواطن بغض النظر عن طبيعة عمله, هي علاقة فردية مباشرة, ومسألة تراكم الديون على المواطن يمكن أن تعالج كما عولجت سابقاً بالاتصال المباشر, وإذا ما استعصى الأمر على العلاج, كانت تلجأ شركة الكهرباء إلى فصل خدمة التيار الكهربائي عن المواطن المتخلف.

ديون شركة الكهرباء في قطاع غزة ليست على موظفي السلطة الوطنية الذين يتقاضون رواتبهم من خزينة وزارة المالية في رام الله فقط, وإنما هناك ديون متراكمة على أشخاص ومؤسسات في قطاع غزة, لم تُقدم شركة الكهرباء في غزة على اتخاذ إجراء مماثل بحقهم, وهنا وقعت شركة الكهرباء تحت تأثير التمييز بين مواطن وآخر, واستقوت على الموظف بسلطة الطاقة  ووزارة المالية, دون أدنى اعتبار للظروف الصعبة التي يمر بها الموظف جراء تجزئة وعدم انتظام صرف الرواتب, والذي أربك الموظف وأولوياته في تسديد التزاماته, مما تسبب في تراكم ديون ومستحقات كثيرة عليه ليس لشركة الكهرباء فقط وإنما لشركات أخرى, والتي أبدت صبراً وطول نفس أكثر من شركة الكهرباء والتي هي أقلها خدمة للمواطن في قطاع غزة جراء انقطاع التيار الكهربائي المستمر والمتكرر, فالناس تعذر هذا لأسباب موضوعية معروفة, ولكن يبدو أن شركة الكهرباء لم تعذر أحداً, ونظرت للأمر من زاوية مالية محضة.

   هذا الإجراء من وزارة المالية الذي أقل ما يمكن أن يوصف بأنه إجراء غير قانوني, سبقه الشهر الماضي إجراء آخر بوقف صرف رواتب ومستحقات أكثر من ألفين أسرة شهيد وجريح من قطاع غزة وفي هذه المرة كانت حصراً في المحافظات الجنوبية دون غيرها من المحافظات الأخرى, والغريب في الأمر أن إجراء وزارة المالية طال العديد من الموظفين الذين ليس لهم علاقة أو اشتراك خدمة مع شركة الكهرباء في غزة, وهم نفس الشريحة الذين كانت وزارة المالية تحسم من رواتبهم (170) شيكل لصالح شركة الكهرباء دون أي صلة لهم بها, والأكثر غرابة في الأمر أن وزارة المالية لجأت إلى آلية يُعمل بها لأول مرة, حيث طلبت من البنوك وقف صرف رواتب الموظفين بالوكالة, وهم في غالبيتهم موجودين في قطاع غزة, ومن غادروا منهم من معه موافقة وإذن خروج من الجهات الرسمية، ومنهم من ليس معه تصريح خروج وهؤلاء يقعون تحت طائلة المسؤولية والقانون.

   هذا الإجراء غير القانوني والمتسرع يزيد من حجم الصعوبات ليس على الموظف فقط, وإنما على مجمل فئات وشرائح المجتمع, وعلى وجه الخصوص على حركة فتح وقيادتها في قطاع غزة, ففي ظل غياب المرجعيات الرسمية, فإن الموظف والمواطن والناس المتضررين, يتوجهون لحركة فتح وقيادتها في غزة, لمعالجة إشكالياتهم في الدوائر المسؤولة في السلطة في رام الله, وهذا يُصعب الحال على قيادة حركة فتح فالظروف والأحوال الاقتصادية والاجتماعية والاستحقاقات المتراكمة لشرائح واسعة تطغى على الحياة والممارسات اليومية في قطاع غزة, وفي نهاية المطاف تعمل على زعزعة الثقة في حركة فتح وقيادتها في غزة, في اللجنة المركزية والمجلس الثوري وكتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي, وتؤثر سلباً على رصيد حركة فتح الجماهيري الذي بدى بأفضل وأروع صوره في احتفالات الانطلاقة في مطلع هذا العام.

     من باب الشراكة في المسؤولية, ومن منطلق الحرص على المصلحة الوطنية العامة, مصلحة الفرد والمجتمع على حدٍ سواء, من الأهمية بمكان أن يتم العمل وبالسرعة الممكنة لتصحيح هذه الإجراءات, وكف يد سلطة الطاقة ووزارة المالية عن العلاقة بين الموظف وشركة الكهرباء في قطاع غزة، وأية شركات خاصة أخرى.