خبر المشكلة هي أنه لا يوجد حل- هآرتس

الساعة 09:43 ص|19 مارس 2013

بقلم: زلمان شوفال
بعد الانتخابات في اسرائيل وزيارة الرئيس اوباما ستعود المسألة الفلسطينية الى جدول الاعمال الدبلوماسي. قد لا يكون الى مركز المسرح، وذلك لان اوباما أوضح بان الاضطرارات الداخلية والاقتصادية تسبق. كما أنه يعرف بان احتمال حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ليس كبيرا وهو غير متحمس لان يفشل كأسلافه. ولكن في كل الاحوال سيكون للمسألة الفلسطينية أكثر مباشر ايضا على علاقات اسرائيل – الولايات المتحدة في السنوات الاربعة القادمة.
كل الصيغ المعروفة لحل النزاع في المنطقة، من الترانسفير ("تبادل السكان") عبر الدولتين للشعبين، انتقالا الى دولة كل مواطنيها الخاصة باليسار المتطرف ووحدة البلاد الخاصة باليمين الايديولوجي، الحكم الذاتي، الضم الانتقائي للمنطقة ج، الكتل الاستيطانية وتبادل الاراضي، وحتى الانسحاب الكامل الى الخط الاخضر، هي خيار يتراوح بين غير المرغوب فيه وغير الممكن. عن الترانسفير لا يوجد ما يمكن القول فيه. الدولة ثنائية القومية معناها شطب الاعتبارات التي من أجلها اقيمت دولة اسرائيل. ضمن المنطقة ج كما اقترح البيت اليهودي معناه زيادة 50 حتى 100 الف مواطن عربي وحتى هكذا الامر لن يقبله العالم، وبالتأكيد لن يقبله الفلسطينيون. وعودة كاملة الى الخط الاخضر ليست ممكنة ولو من الناحية الامنية.
يوجد من يعتقد ان تقسيم البلاد أسوأ من الدولة ثنائية القومية. ويفضلون دولة واحدة، بعد أن تضمن الاغلبية اليهودية فيها، تضم يهودا والسامرة، في ظل منح حقوق متساوية ومواطنة اسرائيلية للفلسطينيين. ولكنهم لا يوضحون متى وكيف ستضمن الاغلبية اليهودية. الكثيرون ممن يؤيدون هذا النهج يعتمدون على فكرة "الحائط الحديدي" لجبوتنسكي، اي الافتراض بان العرب سيسلمون بوجود الدولة اليهودية عندما يتبين لهم ان ليس في وسعهم الحاق الهزيمة بها، ولكنهم ينسون بان هذه الاقوال قيلت قبل سنوات عديدة.
حل الدولتين للشعبين مقبول من معظم العالم (وان لم يكن بالضرورة من كل الفلسطينيين) ومن معظم الاسرائيليين (وان لم يكن الاغلبية الساحقة). دارج الاعتقال بان تفاصيل التسوية بين اسرائيل والفلسطينيين حسب صيغة كلينتون معروفة، ولكن الحقيقة هي أن معظم التوافقات المزعومة هذه ليست مقبولة من أحد الطرفين او من كليهما. فلا يوجد تفسير مشابه لمشكلة اللاجئين، لا يوجد قاسم مشترك أدنى بالنسبة للقدس والحرم. وحسب استطلاع مينا تسيمح بان 71 في المائة من الاسرائيليين يعارضون التنازل عن القدس الشرقية، بينما يعارض الفلسطينيون اعطاء اي مكانة لاسرائيل في الحرم. وعند الحديث عن خطوط 67 وتبادل الاراضي، ليس واضحا عن اي اراض يجري الحديث. واذا كانت الكتل الاستيطانية متفق عليها من الجميع، فليس واضحا لماذا يصرخ العالم والفلسطينيون كلما بنت اسرائيل في المناطق الحبيسة في هذه الكتل. ناهيك عن الاشكالية التي في اقتراح الاخلاء نحو مائة الف مستوطن الذين خارج الكتل (من غوش قطيف لم يخلَ الا نحو 8.500)، وعن مسائل الامن، المياه وما شابه، في واقع دولة فلسطينية قريبة جدا من تجمعاتنا السكانية والاقتصادية، الدولة التي من شأنها ان تنتقل قريبا الى أيدي حماس.
المشكلة الحقيقية ليست في أن ليس لاسرائيل شريك بل في أن ليس هناك حل. وحتى موضوع الشريك واضح: القيادة الفلسطينية متمسكة بقرارها الاستراتيجي الا تعلق في مفاوضات مباشرة مع اسرائيل، يلزمها بحلول وسط واعتراف بحق الشعب اليهودي في دولة خاصة به في اي جزء من فلسطين. التكتيك يتغير: استدعاء ضغوط خارجية على اسرائيل، طرح شروط مسبقة للمفاوضات او توجه الى الامم المتحدة لتجاوز الحاجة الى المفاوضات. في الخلفية يوجد دوما تهديد الارهاب والعنف. هذا يحصل بشكل خاص عندما تلوح امكانية لمسيرة سياسية حقيقية، مثلما كان في اعقاب قمة كامب ديفيد. وحسب مصادر استخبارية، خطط عرفات مسبقا لانتفاضة جديدة كي يحبط كل نتيجة ايجابية للقاء.
وعندما تدعي محافل اسرائيلية بانه يجب وضع الرئيس محمود عباس قيد الاختبار فانها تنسى بانه سبق أن فشل في هذا الاختبار أكثر من مرة واحدة – في المحادثات مع ايهود اولمرة وتسيبي لفني، في صفر الاستجابة لفك ارتباط ارئيل شارون وخطاب بار ايلان لبنيامين نتنياهو. بمعنى أن من يلقون المسؤولية عن فشل سياقات السلام حتى الان على كاهل اسرائيل، يشوهون الواقع، وذلك لان معظم العالم العربي، ولا سيما الفلسطينيين، لم يسلموا بعد بوجود اسرائيل، عاطفيا وايديولوجيا. وكلما ابتعدنا عن الشعارات الفارغة، لا مفر من العودة الى استنتاج موشيه دايان: لا توجد في هذه المرحلة امكانية عملية للتوصل الى اتفاقات سلام رسمية بين اسرائيل والفلسطينيين، ولهذا فمن الافضل التركيز على المسارات العملية، بما في ذلك المسارات احادية الجانب وغير الرسمية.
هذا لا يعني ان على اسرائيل ان تقعد مكتوفة الايدي، وعلى حد افضل فهمي هذه ليست نية نتنياهو. فهو يعارض تخليد الوضع الذي تسيطر فيه اسرائيل على شعب آخر، ولكنه قلق من الاثار الامنية لاقامة دولة فلسطينية غير مراقبة وغير مجردة من السلاح. الافكار التي ستطرحها اسرائيل لن تستجاب بالضرورة أو تؤدي الى اختراق ما، ولكن سيكون فيها ما يعطي جوابا على الصورة الكاذبة، وكأن اسرائيل ترفض تحريك عجلات السلام. أفكار يمكن طرحها دون التخلي عن مواقفنا التاريخية والامنية، يمكنها أن تتناول، مثلا، خريطة الطريق من العام 2002 مع بعض التعديلات، أو اقتراح السلام السعودي، ليس كإملاء بل كبرنامج للمفاوضات. نعم يمكن طرح اقتراحات لتسويات جزئية في مجالات مختلفة. عندها ايضا، كما أسلفنا، الاحتمال للتقدم الحقيقي نحو السلام ليس كبيرا، ولكن "واجب البرهان" سيكون على الفلسطينيين. ومع أخذ التحديات السياسية والامنية التي تقف امامها اسرائيل بالحسبان، ولا سيما التهديد الايراني، فان نهجا سياسيا يؤيد الفاعلية هو من متطلبات الواقع.