خبر شيطان الواقع- هآرتس

الساعة 09:36 ص|19 مارس 2013


بقلم: نحاميا شترسلر
يدور الرأس لكثرة الخطط والثورات والاصلاحات التي تشتمل عليها الاتفاقات الائتلافية ولا تعلم من هو المسؤول عن ماذا وماذا سيحدث غدا. إن الوزراء، الذين تلقوا أمس وزاراتهم الجديدة وهم يتمددون مستريحين الآن في كراسي الوزارة الوثيرة، هم على يقين أنهم يستطيعون ان ينفذوا كل ما وعدوا به الآن وفورا. لكنهم اذا صرفوا أبصارهم للحظة فسيرون عند زاوية الطاولة بالقرب منهم حقا شيطان الواقع يرقص بقوة وفي عينيه نظرة تآمرية يقول: إنكم تستطيعون ان تعدوا بكل شيء وتكتبوا كل شيء وتنشروا كل شيء لكنني هنا لأقول لكم إن الواقع الذي ينتظركم وراء الباب أكثر قتامة وصعوبة. ففي الخارج تنتظركم كل جماعات الضغط وأصحاب المال واللجان الكبيرة وكل أصحاب المصالح الذين يتمتعون بالوضع القائم وسيحاربونكم بكل طريقة وكل وسيلة كي يصدوا كل تغيير وكل اصلاح.
ماذا نفعل اذا؟ يسأل الوزير المفاجأ شيطان الواقع، وسيجيب الشيطان: الامر سهل جدا أُحصر عنايتك في الشيء الأساسي ولا تحاول ان تُجيز كل شيء دفعة واحدة. وفكّر في ان تنجح في مهمتك الرئيسة لأنك ستبني لنفسك بذلك منزلة وقوة وآنذاك فقط وبعد ذلك ستُجيز سائر الثورات في ارتياح.
اذا بدأنا بوزير المالية فان مهمته الرئيسة هي ادارة سياسة نقدية مسؤولة، أي عجز ميزاني منخفض ودين في انخفاض. وسيضطر من اجل ذلك الى ان يُجيز في غضون 120 يوما ميزانية مناسبة للسنتين 2013 – 2014، والحديث عن مهمة صعبة هي اقتطاع 20 مليار شيكل، هذا الى زيادة الضرائب بـ 10 مليارات. وهذه الاقتطاعات حاسمة لأنه من غيرها سيتجاوز العجز المالي الحكومي درجة 3 في المائة وسيفضي ذلك الى خفض تصنيف ائتمان اسرائيل، وزيادة مقدار الديون وتهاوٍ في سوق سندات الدين، ورفع للفائدة، وإضرار بقطاع الاعمال وخفض للاستثمارات والنمو، أي الى ازمة كأزمة اليونان واسبانيا.
ومن اجل الاقتطاع العميق جدا من القطاع العام لا مناص من الاقتطاع من ميزانية الدفاع والرواتب في القطاع العام ومخصصات الاولاد والبنى التحتية. ولا مناص ايضا من الغاء جميع أصناف الاعفاءات الضريبية التي تشوه الاقتصاد. وهذا أصح كثيرا من رفع ضرائب تضر بالرغبة في العمل والاستثمار، ولهذا تخفض النمو.
قامت الحكومة الجديدة ردا على الاحتجاج الاجتماعي في صيف 2011. وكان المحتجون أبناء الطبقة الوسطى الراكعون تحت عبء الأجور المنخفضة والضرائب العالية وغلاء المعيشة المهدد والخدمة العسكرية والاحتياطية. وهم الذين جاءوا الى الحكومة والكنيست بالقوتين الجديدتين: يئير لبيد ونفتالي بينيت. وفي يوجد مستقبل والبيت اليهودي ايضا قوى جديدة طرية ما زالت لم تفسد وهي غير مدينة لأحد بشيء لا لصاحب مال ولا للجنة عمال، وهم غير مدينين إلا للجمهور الذي أرسلهم. وعندهم الآن فرصة لا مثيل لها لتحسين وضع الطبقة الوسطى بسلسلة مهمة من الاصلاحات تُعجل ايقاع النمو وتخفض غلاء المعيشة. إن الاصلاح الأول والأهم هو زيادة المنافسة في الاقتصاد بخفض الضريبة الجمركية وتبني معايير دولية كي تُباع المنتوجات الغذائية هنا بأسعار سوّية. والاصلاح الثاني المهم هو في مجال السكن بغرض خفض أسعار السكن المبالغ فيها التي كانت الشرارة التي أشعلت الاحتجاج الاجتماعي.
إن شيئا واحدا لا يجوز للبيد فعله، فلا يجوز له ان يعلن ان الميزانية التالية ستكون "بشائر وزيادات" لأن من سيسمع هذا الكلام سيفهم فورا أنه يوجد مال في الخزينة العامة ويضاعف مطالبه وآنئذ سيكون عمل الاقتطاع من الميزانية العامة أشد بكثير. ولهذا يجب على لبيد ان يختار الحقيقة وان يقول إن الحديث عن ميزانية "اقتطاعات" لا تُمكّن من توزيع شيء على أي أحد في السنة ونصف السنة القريبين. ويستطيع ان يزيد ايضا أنه بعد "السنين السبع القاسية" ستأتي "سبع سنين طيبة" وانه يوجد ما يتوقع.
وعلى كل حال سيقف شيطان الواقع حارسا ولن يُمكّنه من بيع الحكايات الكاذبة.