تحليل حكومة نتنياهو..نعم للمستوطنين وإقصاء الأصوليين وكراهية العرب

الساعة 09:39 ص|18 مارس 2013

غزة


ولينتظر السلام سنين ولا عجب
مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية
بعد جهود تفاوضية مضنية، وتقريباً في الدقيقة التسعون نجح نتنياهو في تشكيل حكومته الثالثة والحكومة الاسرائيلية الـ33، وهي إلى حد كبير تعكس نتائج الانتخابات، وتعكس المزاج العام للجمهور الإسرائيلي الذى أعاد ترتيب وصياغة أولوياته الداخلية، فقدم الأجندة المدنية والاجتماعية على ما سواها من أمن وسياسة خارجية، في تجاهل كبير لمخاض الشرق الأوسط، والتحديات الامنية، والغضب الفلسطيني الذى يزداد نتيجة انسداد أفق التسوية ونتيجة السياسات الاحتلالية والاستيطانية.
ويبدو أن المستوطنين وجمهور اليمين على اختلاف طوائفهم الاجتماعية هم الرابح الأكبر من هذه التشكيلة الحكومية، والناتج عن تزاوج الصهيونية الدينية مع الليبرالية اليمينة، تزاوج طبقي وعرقي وديني وفكري، أنتج اتحاداً أقصى بموجبة الأصوليون خاصة الشرقيون الذين ينتمون الى الطبقة الدنيا، وأطلق يد المستوطنين، وجعلهم أكثر قبولاً ليكونوا ليس فقط الصمام اليميني للحكومة من الناحية السياسية، بل ومن يملك مفاتيح التغيير الاجتماعي والاقتصادي، الأمر الذى يجعل حكومة نتنياهو الثالثة تغيير ثوري بمعنى كبير مقارنة بكل الحكومات السابقة، وخروج عن السياقات النمطية لحكومات تل أبيب.
دعم المستوطنين مقابل اقصاء الأصوليين
ان ما حققه حزب "البيت اليهودي" بزعامة بينيت من حقائب ومكانة وقوة تأثير على الحياه العامة الاسرائيلية يفوق كل تاريخ انجازات حزب المفدال (النسخة القديمة للبيت اليهودي)، حيث يمنحهم الاتفاق الائتلافي السيطرة على الحياه الاقتصادية والتجارية عبر وزارة التجارة والصناعة التي سيشغلها زعيم الحزب، ووزارة الاسكان التي تضم صندوق أراضي "اسرائيل"، وهي بالإضافة لمسؤولياتها عن الأراضي والاسكان فهي المسؤول الرئيسي عن منح عطاءات، والمصادقة واقرار مشاريع البناء في المستوطنات، وعندما يكون يعلون وزيراً للحرب فإن طريق التوسع الاستيطاني مضمون بلا عوائق اجرائية أو فنية أكثر من أي وقت مضى، علاوة على أن اللجنة الأهم في الكنيست لجنة المالية ستكون برئاسة أحد أعضاء الحزب، وهى اللجنة المسؤولة عن اقرار الموازنات والمشاريع المالية.
كما ان من بين الانجازات الكبيرة للبيت اليهودي، والذى يمثل سياسياً الصهيونية الدينية؛ سيطرته على وزارة الأديان وعلى الحاخامية الرئيسية التي كانت حكراً على الأحزاب الأصولية، الذى يشكل انتصاراً للصهيونية الدينية في صراعها الطويل والمستتر مع الأحزاب الأصولية، الأمر الذى جعل ممثل الأصولية في الكنيست السابقة يكشف عن حجم التمويل الكبير للمستوطنات على حساب رفاهية المجتمع الإسرائيلي.
ما كان للبيت اليهودي أن يحلم بهذه الانجازات للمستوطنين لولا تحالفه مع لبيد زعيم الليبرالية الدينية، الذى قام على أساس دعم لبيد للمستوطنين مقابل دعم بينت لإقصاء الأصوليين.
حكومة أشد تطرفاً وأكثر بريقاً
تعتبر حكومة نتنياهو الثالثة الأشد تطرفاً من سابقاتها على المستوى الأمني والسياسي، وعلى مستوى الصراع مع فلسطينيي الـ48، فهي حكومة صقرية تفتقد لقيادات متعقلة بالمفهوم الغربي، حيث يسيطر عليها الخماسي نتنياهو ويعلون وليبرمان - من الخارج - وبينيت ولبيد.
وفى الموضوع السياسي؛ وعلى الرغم من تفويض ليفنى بإدارة ملف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية كجائزة ترضية، وورقة توت تستخدم لصد عزلة إسرائيل ونبذها دولياً، فقد خلى برنامج الحكومة من أي ذكر لكلمة دولة فلسطينية، واكتفى الاتفاق بجملة عابرة تذكر من يريد أن يفحص أن الحكومة سوف تسعى للتوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين يهدف الى انهاء الصراع، وهى ضريبة كلامية تفيد العلاقات العامة في الجوهر على الرغم مما قد يبدو علية بريق أحاديث ليفنى ولبيد عن جدية توجهاتهم للعودة إلى طاولة المفاوضات بمقترحات ذات مغزى، بما قد يدخل القيادة الفلسطينية الى متاهات تفاوضية جديدة، لا سيما بضغط الزيارة الأوبامية، ووعود سرابية من أصدقاء غير صدوقين. ومن ينتظر أن تخرج أي من الاطارات التفاوضية - في ظل الوضع الفلسطيني والعربي،  وفى ظل المشهد السياسي الإسرائيلي - بنتائج يمكن قبولها فلسطينياً فسينتظر سنين ولا عجب.
أما في الموضوع الأمني؛ فإن كان نتنياهو تنازل عن الحقائب الاقتصادية والاجتماعية مضطراً أو بلؤم لشركائه فقد احتفظ بسيطرة كبيرة في الملف الأمني والسياسي، حيث يعلون هو وزير الحرب، ويحتفظ الليكود بأغلبية في المجلس الأمني المصغر (الكابينيت)، بالإضافة لشغل نتنياهو حقيبة الخارجية كوديعة تنتظر نهاية محاكمة ليبرمان، وفى ظل غياب باراك الذى كان يحظى بثقة كبيرة من قبل نتنياهو، وفى ضوء غياب هذه الثقة بين يعلون ونتنياهو أو بالأحرى الاريحية في العلاقة لا سيما أن يعلون كان معارض لخطة باراك نتنياهو فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فان نتنياهو سيعتمد كثيراً على رئيس الأركان بني غانتس الذى سيغدو لرأيه وزناً أكبر من السابق، لا سيما فيما يخص التحديات الأمنية التي تواجهها "اسرائيل" والتي تزداد سنة بعد أخرى.
حكومة متماسكة ومعارضة قوية
أبرز ما يميز الحكومة ليس صغر حجمها ولا وجوهها القيادية الجديدة، بل تماسكها النابع من تماهي وانسجام أحزابها، وفى تركيزهم على الأجندة الداخلية التي تشكل القاسم المشترك الأكبر، علاوة على مشترك كراهية الأصوليون، والعرب تحديداً الذين سيعانون على الأرجح من كنيست وحكومة أكثر عنصرية على كل المستويات، والأكثر قبولاً وترويجاً من قبل الاعلام الإسرائيلي.
لكن بعكس الحكومة السابقة، فمن المتوقع أن يكون لها معارضة قوية من الأصوليين، والعمل، وميرتس، والعرب، ستركز على أجندة الحكومة نفسها، أي الاقتصادي والاجتماعي، ربما تؤسس لطلاق بين الأصوليون والليكود، وعودة غرام قديم مع حزب العمل.