خبر أيها اليساريون أخرجوا من الفانتازيا- هآرتس

الساعة 09:09 ص|18 مارس 2013

 

بقلم: ألوف بن

لليسار الاسرائيلي فانتازيا يظهر فيها الفارس على الحصان الابيض في صورة رئيس الولايات المتحدة الذي جاء لانقاذ اسرائيل من نفسها واخراجها من المناطق. "أبعدوا المستوطنين وعودوا الى الخط الاخضر وسلموا الضفة الى الفلسطينيين"، سيقول الفارس بلغة انجليزية بليغة، وسيند عن التنين المخيف لمجلس "يشع" والمؤتمرين بأمره في الحكومة نخير ويطوي ذيله ويستكين وينتهي الامر.

يُحدث اليسار نفسه بهذه الحكاية المتخيلة منذ 46 سنة، بتمسك يُذكر باعتقاد ناس حباد في عودة الحاخام ميلوفوفيتش مسيحا مُخلصا، أو توقع عودة يسوع والفيس بريسلي. ويعلم مؤمنوه الذين شبعوا خيبات أمل أن ذلك لن يتحقق ويستمرون في التأميل مع كل ذلك.

سيأتي الى القدس هذا الاسبوع الفارس المناوب براك اوباما الذي أثار آمالا أكثر من أسلافه في تحقيق الفانتازيا اليسارية. إن سيرته ومواقفه الليبرالية أغرت المؤمنين بأن يأملوا ان يكون المسيح المخلص قد جاء وانه سيُنهي الاحتلال والمستوطنات، لكن اوباما في ساعة الامتحان سلك سلوك كل أسلافه منذ 1967 واكتفى بضريبة كلامية معلنة وفي قذف بنيامين نتنياهو "في احاديث مغلقة" بكلام شديد لأنه يضر باسرائيل بتوسيع المستوطنات.

يؤمن اوباما بأن الاحتلال والمستوطنات غير اخلاقيين ويضران باسرائيل ويضران بقدرة امريكا على تحبيب نفسها للعرب والمسلمين. لكن مواقفه لا تقرر وحدها سياسة امريكا الخارجية بل تسبقها مصالح القوة العظمى، وللولايات المتحدة مشكلات أهم كثيرا من إسكان ناس في بضع شقق في ايتمار أو موديعين العليا أو من الضم الهاديء للمنطقة (ج) في الضفة.

يجب على اوباما في خطبته في القدس ان يُخبر اليسار الاسرائيلي بالحقيقة وهو ان التغيير يجب ان يأتي من الداخل، من التأثير في الرأي العام ومواقف الناخبين. وبدل الضلال بأمل متوهم بضغط من الخارج، تعلموا من المستوطنين كيف تستطيع مجموعة صغيرة ذات تصميم ربط نفسها بالتيار الرئيس وحرف مواقفه لصالحها. وانظروا كيف يحتضن يئير لبيد وشيلي يحيموفيتش قائدي حزبي الوسط – اليسار المستوطنات ويُثنيان عليها.

إن دعاوى اليسار متآكلة ويصعب عليها ان تدخل آذان الجمهور أو أنها تحرز نتيجة عكسية. إن "التهديد السكاني" بأن تصبح اسرائيل دولة عربية ذات أقلية يهودية حينما يحرز الفلسطينيون أكثرية عددية "بين النهر والبحر" ويطلبون حقا مساويا في التصويت، غير مقنع. فالفلسطينيون في الضفة والقطاع محصورون بين أسوار وجدران فصل وغير موجودين في الفضاء العام الاسرائيلي. واحتمال ان تريد حماس الخروج من غزة والمنافسة في انتخابات الكنيست لتغيير طبيعة اسرائيل من الداخل، صفر. إن التلويح بـ "المشكلة السكانية"، وكأن تكاثر العرب يُعرض اسرائيل للخطر، يقوي فقط القومية والعنصرية نحو الداخل.

أما الزعم التالي وهو ان "الاتفاق في متناول اليد"، فلا يبدو موثوقا به بعد ان رفض الفلسطينيون اقتراحات سلام اهود باراك واهود اولمرت، ويصعب اقناع الجمهور بأن اقتراحات اسرائيل لم تكن سخية بقدر كاف. وأصعب من ذلك الاقناع بأن الاراضي التي ستُخلى في الضفة لن تُستعمل كما هي الحال في غزة قواعد اطلاق صواريخ على تل ابيب. والذين يتحفظون من المستوطنات ايضا لا يريدون ان يعيشوا في ظل صافرات الانذار والتفجيرات.

بقيت دعوى ان "الاحتلال يُفسد ويتغلغل الى داخل الخط الاخضر". وهذا صحيح لكنه يقوي فقط من يتمتعون بحقوق زائدة ويريدون الحفاظ عليها وتحصينها بشعار "المساواة في عبء الخدمة". لأننا اذا كنا نحن الأسياد والآخرون العبيد فما السيء في ذلك؟.

اذا أراد اليسار ان يُحدث تحولا فعليه ان يُنعش الرسالة وان يجد زعيما يربطه بالتيار الرئيس. كما وجد المستوطنون نفتالي بينيت وأوصل متظاهرو روتشيلد لبيد الى المجد. هكذا يعمل ذلك في الديمقراطية لا بتوقعات باطلة لفارس امريكي على حصان ابيض يطوق الرأي العام. واذا كان اوباما يريد ان يُقوي أنصاره في اسرائيل فهذا ما يجب ان يقوله لهم في "خطبة مباني الأمة".