خبر حكومة دارة في الغابة- هآرتس

الساعة 09:21 ص|17 مارس 2013

 

بقلم: كوبي نيف

إن أحباءنا الجدد الذين انتخبناهم الآن بحرص، يبنون لنا الآن بيتا جديدا. لكن أي بيت سيكون؟ ومن سيسكنه؟ ومن سيسكن الطابق الأعلى ومن سيسكن الأسفل؟ ومن يكون منفردا ومن يكون في جناح الخدم؟ ومن الذين سيُسجنون في القبو؟ ومن الذين سينامون تحت قبة السماء في الساحة؟ وهل ستكون هذه قبة حديدية سوداء أو قبعة منسوجة مؤطرة؟ ومن سيسكن وراء الجدار؟ وكم سيكون الجدار نفسه مُحكم السد؟ هل يُباح للجيران ان يزوروا بيتنا أم ينظرون فقط من وراء الزهرية؟.

إن التشكيل السكاني لحكومة اسرائيل الجديدة واضح لا لبس فيه ويعبر أنسب تعبير عن نتائج الانتخابات. فرؤساء الاحزاب الخمسة التي تُكونها وهم بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان ويئير لبيد ونفتالي بينيت وتسيبي لفني، هم جميعا يهود اشكنازيون أغنياء. وإن خمسة من الاربعة رجال والملحقة فقط امرأة. وسيتولى الوظائف الاربع العليا في الحكومة جميعا (رئاسة الوزراء ووزارات الخارجية والدفاع والمالية) رجال يهود اشكنازيون علمانيون، ولن يصاحبهم رجل شرقي و/ أو متدين و/ أو عربي و/ أو امرأة من أي نوع. ومن بين كل وزراء الحكومة (وقد كُتبت هذه المقالة قبل صياغتها النهائية) سيكون 100 في المائة يهودا، ونحو من 80 في المائة رجالا ونحو من 80 في المائة اشكنازيين، ونحو من 80 في المائة علمانيين، ولن يكون فيهم ولا حتى حريدي واحد للطب أو عربي واحد للبصق.

وباختصار فان هذه "العجّة" كيفما قلبتموها ستكون نفس "العجّة" بالضبط. إن الحكومة الجديدة التي انتخبناها هي حكومة سيادة الانسان (اليهودي) الابيض (الاشكنازي) الحاكم؛ وهي حكومة استعمارية خالصة كأنما أُخذت من قلب المستعمرات السوداء في الماضي وغُرست بضربة سيف ديمقراطية عجيبة في لب لباب القرن الواحد والعشرين متنكرة كأمهاتها الاستعماريات حقا، بلباس تقدم اوروبي مستنير – إنها حكومة دارة في غابة. وستكون السياسة كما هي الحال في كل استعمار بسيطة وواضحة.

ستكون للحكام البيض حقوق زائدة يسمونها اليوم حقوق الانسان، وكأنهم اوروبيون من جميع جوانبهم – فسيُنتقص من ضرائبهم وتزيد دخولهم وتتم استعادة قماماتهم وتُحسن تربيتهم وتُدعم ثقافتهم وتُساوى نساؤهم ويُزوج مثلييوهم ويفرحون ويبتهجون. أما الطبقات المنخفضة الدنيّة تلك التي لوث عنصر أسود نقاء لونها وعنصرها الى حد العروبة احيانا، أو كانت قبعاتهم وشعور أصداغهم سوداء بصورة زائدة بالنسبة لأذواق المستنيرين اللطيفة، أو ممن لا يؤمنون ايمانا كاملا باله الرأسمالية الخيّر المُحسن؛ كل هؤلاء وهم الأكثرية الكبرى سيُدعون ويضطرون منذ الآن، باسم مبدأ التساوي، الى المشاركة في العبء أي في النفقة بعرقهم وأجورهم اليومية على الحقوق الزائدة لأبناء وبنات الطبقات الممتازة والطاهرة والبيضاء والعادلة والجميلة.

ومن خارج الجدار، في الغابة وراء جدار الفصل الذي أساس الهدف منه ان يخفي علينا ما نفعله بهم، سيستمر في الحياة هناك من نعتبرهم حيوانات وسنعالجهم كما يجب – بالسلب واطلاق النار والاعتقال والطرد والاغتيال وسرقة الماء والماء الملوث وكل الوسائل الاخرى التي سيُبدعها عقلنا اليهودي كي نجعل حياتهم مُرة حتى الموت، في حين سنرسل اليهم في كل شهرين مرة تسيبي لفني معتمرة قبعة أنيقة ومسلحة بعقود ملونة كي تُظهر للعالم أنه توجد مسيرة سياسية ما أحلاها.

وهنا يصبح عندنا نظام جديد مقدس من القرن السابع عشر.