خبر تركة باراك- هآرتس

الساعة 09:20 ص|17 مارس 2013

بقلم: رؤوبين بدهتسور

تولى اهود باراك وزارة الدفاع ست سنوات تقريبا. وفي اثناء هذه الفترة الطويلة بادر الى حربين في قطاع غزة وأدارهما، وزاد مرة بعد اخرى ميزانية الدفاع، وكان شريكا لبنيامين نتنياهو في التخطيط للهجوم على ايران، ونازع رئيس هيئة الاركان وأسهم في أشد ازمة في تاريخ علاقات الجيش بالوزير المسؤول عنه، وتنبأ قبل نحو من سنتين بأن نظام الاسد سيسقط في غضون ثلاثة اسابيع، ولم يعمل كالمطلوب على مواجهة البؤر الاستيطانية غير القانونية، وكان شريكا في تحويل نفقات ضخمة الى المستوطنات، ولم يستغل في الأساس منزلته ومنصبه ليدفع قدما بمحادثة الفلسطينيين.

وأضر باراك الى ذلك إضرارا شديدا بصورة الجمهور عنه بسبب شقته الفخمة في أبراج إيكيروف، واستعمال عاملة اجنبية، والفندق الفخم الباهظ الكلفة بصورة مخيفة الذي نزل فيه في اثناء انعقاد الصالون الجوي في باريس والسجائر والويسكي مما دخن وشرب حينما شارك في مباحثات في شؤون مصيرية. ونجح بصفته سياسيا في تحطيم حزب العمل وفي انشاء حزب وهمي وفي الدفع بحملة انتخابية قدما والنكوص عنها مع التخلي عن رفاقه في الحزب.

لا يجوز ان ننسى. كان باراك رئيس هيئة اركان ورئيس وزراء ايضا، ويجب الفحص عن تركته بحسب افعاله وقراراته في العقدين الاخيرين لا بحسب السنوات الست التي تولى فيها وزارة الدفاع فقط. إن اهود باراك لغز ويصعب ان نفهم سر التصور العام الذي قرر اعتمادا عليه باعتباره قائدا للجيش ورئيسا للوزراء ووزير دفاع وزعيم حزب.

كلما ارتفع الى قمة الهرم العسكري ظهر الوجه المغامر في شخصيته. حينما كان جنرالا استمر يفكر كتفكير قائد فريق في دورية هيئة القيادة العامة. وهكذا كان في اثناء حرب الخليج الاولى حينما خطط لهجوم مشحون بالمخاطرة على العمق العراقي صده لحسن الحظ رئيس هيئة الاركان دان شومرون، وحينما كان رئيسا لهيئة الاركان استحث قدما الخطة الهاذية لقتل صدام حسين في قلب بغداد. وترتفع علامة سؤال كبيرة فوق نوع تفكيره الاستراتيجي حينما استعمل حينما كان نائب رئيس الاركان كل ثقله من اجل الغاء خطة التسلح بغواصات كان الهدف منها ان تكون عنصرا حيويا في قدرة اسرائيل على صد تهديدات ذرية في المستقبل. وكشفت خطة طرد 400 من رجال حماس الى لبنان التي دافع عنها إذ كان رئيسا للاركان في حماسة أمام قضاة المحكمة العليا، كشفت عن الاختلالات في فهمه لما يجري في المناطق، وشكل المطرودون كما تذكرون النواة الصلبة لنشطاء الانتفاضة الاولى.

لا شك في ان نواياه خيّرة لكن شيئا ما تشوش في الطريق الى تحقيقها، في حالات كثيرة. وحينما كان رئيس الوزراء طمح حقا وصدقا الى التوصل الى تسوية مع ياسر عرفات. وفكر في خطة للتسوية كان مستعدا في اطارها لتنازلات مبالغ فيها. وثارت المشكلة في الطريق الى تحقيقها. وحاول مستشاروه ان يشيروا اليه ان المحادثات في كامب ديفيد ستفشل لأنه يأتي اليها من غير استعداد جدي، لكن باراك، وكان على يقين من كثرة حكمته وقدرته الشهيرة على الاقناع، هدأ جأشهم. فلم يكن يوجد عنده شك في أنه سينجح في اقناع عرفات بالتوقيع على اتفاق.

وحينما فشلت المحادثات قلب باراك جلده وقال انه "لا يوجد من نُحادث في الطرف الثاني"، وبذلك قضى في واقع الامر على احتمالات مسيرة التحادث مع الفلسطينيين وعمل في مصلحة معارضي اتفاقات اوسلو (التي زعم أنها مليئة بالثقوب "مثل جبن سويسري"). وتحول زعيم اليسار بمرة واحدة الى العائق الرئيس للتسوية. وكان إذ كان رئيس الوزراء أكبر العاملين على استيطان المناطق وأضر بذلك باحتمالات خطة التسوية التي فكر فيها هو نفسه. وفي مقابلة ذلك، في الجانب الايجابي وبما فاجأ الجميع، أخرج باراك الجيش الاسرائيلي من لبنان كما وعد في المعركة الانتخابية برغم معارضة كبار قادة الجيش.

الآن بعد ان يعود وزير الدفاع الى السوق الخاصة ويعمل من اجل بيته سيستمر معلقا في الهواء السؤال غير المحلول وهو من أنت في الحقيقة يا اهود باراك والى أين أردت أن تقود اسرائيل؟.