خبر حينما يتحدث الرئيس (ولا يقول شيئاً)- هآرتس

الساعة 09:19 ص|17 مارس 2013

بقلم: جدعون ليفي

استقر رأي براك اوباما على ان يعاقب مواطني اسرائيل، فهو يتحدث اليهم كأنهم طائفة من الجهلة. واستقر رأي رئيس الولايات المتحدة ايضا على ان يعاقب نفسه، فهو يخون قيمه التي منحته المجد العالمي وجائزة نوبل للسلام ايضا، ولا سبيل اخرى لفهم كلامه في المقابلة التي أجراها لاخبار القناة الثانية قُبيل زيارته لاسرائيل. فالتملق الذي أسبغه فيها على رئيس اسرائيل يتجاوز كثيرا قواعد الدبلوماسية بل مقدار الأدب الامريكي المزيف. ويتجاوز تنكره لقيمه ايضا كثيرا الانتهازية المطلوبة من السياسي.

قال اوباما انه يريد "أن يُصادق الشعب الاسرائيلي". وقد فعل هذا خصوصا بصورة جيدة فقد قال للاسرائيليين فقط ما يحبون سماعه. لكننا كنا نتوقع من اوباما أكثر من ذلك. وحينما يقول اوباما انه "يُجل قيم اسرائيل الأساسية"، يجب ان نسأله عن أية قيم يتحدث. هل عن سلب الفلسطينيين انسانيتهم؟ هل عن معاملة المهاجرين الأفارقة؟ هل عن الاستكبار والعنصرية والقومية؟ هل يُجل هذه؟ أولا تُذكره الحافلات المستقلة بشيء ما؟ ألا "تقرع الجرس عنده" جماعتان مستقلتان تعيشان على نفس قطعة الارض ولاحداهما حقوق كاملة والثانية بلا أي حق؟ هل يُجل القيم الأساسية وهو يعلم ان الحديث عن واحدة من أشد الدول عنصرية مع جدار الفصل وكل ظواهر التمييز العنصري الاخرى؟ إن تجاهل كل ذلك يعني خيانة كل القيم الأساسية لحركة حقوق المواطن في الولايات المتحدة التي بفضلها نشأت أعجوبة اوباما. ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يحقق طموحه "الى إلصاق شارب له" والحديث مباشرة الى الاسرائيليين: فقد كان لو فعل لسمع كيف يتحدثون عن السود أمثاله. ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يجلس في مقهى "ويُباسطهم" كما كان يريد لأنه لو فعل لسمع ما هي القيم الأساسية التي تستحثهم.

يريد اوباما خفض التوقعات من زيارته. ولا يمكن التدني الى أخفض من ذلك. قالوا في الولاية الاولى انه يجب انتظار الثانية. وقد جاءت الآن وهو يقول انه سيأتي "للاستماع" فقط. لكن عمله ليس الاستماع لأن الجميع قد استمعوا من قبل بما يزيد على الحاجة. وحان الآن وقت العمل وهو يتأخر مرة اخرى. ولنترك العمل ونقول انه يجب الانتباه الى الكلمات ايضا: فرئيس وزراء اسرائيل هو "بيبي" على لسانه أبدا، أما قادة الفلسطينيين فهم أبو مازن وسلام فياض. وهو "سيقول" لأبو مازن، و"سيقترح" على بيبي. وهو يذكر "بيبي" مرات لا تحصى ولا يذكر حتى مرة واحدة وحيدة الاحتلال. إن الحديث عن "حكم ذاتي" للفلسطينيين كأنه العودة الى الوراء عشرات السنين، ومن غير أية كلمة عن العدل، وهو الامر الطبيعي الذي يفترض ان يثور عند كل ذي ضمير بازاء الاحتلال الاسرائيلي. وكذلك الحديث عن الأمن الذي هو أبدا أمن اسرائيل فقط لا أمن الفلسطينيين ألبتة الذين يعيشون في خطر أكبر بكثير.

إننا بين اثنتين فاما أننا اخطأنا فيه وإما أنه يحاول تضليلنا وليس من الواضح لماذا. ما الذي يعطيه تملق اسرائيل اذا لم يوجد الى جانبه مطالب منها، وأي قيمة لطموحه الى الحديث الى الاسرائيليين اذا لم يكن ينوي ان يقول لهم شيئا سوى التملق الأجوف. وأية قيمة للزيارة اذا كانوا لا يريدون مسبقا ان يروا أية نتائج تصدر عنها. إن اوباما الذي يعلم شيئا أو اثنين عن الحقوق والظلم والسلب والتمييز والاحتلال والذي سمع في بداية طريقه غير قليل عن مصير الفلسطينيين من صديقه في الجامعة البروفيسور رشيد الخالدي، هل نسي كل شيء. هل يُمحى كل شيء في السياسة الدولية حتى حينما تكون براك اوباما، نجمها الأعلى المدهش والأكثر اثارة وتأثيرا؟.

وسيكون من يقولون مرة اخرى: انتظروا انتظروا، فاللقاء الصحفي هو لقاء صحفي فقط، وبعد ذلك ستأتي الخطبة في مباني الأمة، وستكون هي ايضا خطبة فقط. إن السنين تمر والمستوطنات تزداد عمقا والاحتلال يزيد رسوخا. وبعد قليل، وربما الآن يا سيدي الرئيس، سيكون متأخرا، متأخرا كثيرا: إن القيم الأساسية التي تُجلها تغرق ولا مُخلص لها.