أزمة اللحظة الأخيرة تعيق إعلان حكومة إسرائيل

خبر نتنياهو يقنع حزبه بـ«خسارة ليكودية».. ويغدر بحلفائه

الساعة 11:14 ص|15 مارس 2013

حلمي موسى

من المؤكد أن تاريخ إسرائيل سيذكر حكومة بنيامين نتنياهو الثالثة بأنها هي التي تشكلت إثر أعقد وأطول مفاوضات، وأنها استندت إلى درجات عالية من انعدام الثقة بين مكونتها الرئيسية. وبرغم أن المفاوضات استمرت طوال المهلتين القانونيتين الممنوحتين، ولم تعلن إلا في اللحظات الأخيرة، إلا أن الأطراف لم تتورع عن استخدام الألاعيب حتى بعد الاتفاق على إبرام الاتفاق الائتلافي. وهكذا نشأت أزمة منصبي نائب رئيس الحكومة المفترض منحهما ليائير لبيد ونفتالي بينت بسبب تراجع رئيس الحكومة المكلف عن اتفاقه بهذا الشأن. وتأجل إبرام الاتفاق النهائي الذي كان مقرراً ظهر أمس، ولكن من المقرر أن تؤدي حكومة نتنياهو الجديدة اليمين القانونية أمام الكنيست يوم الاثنين المقبل.
وبعد الاتفاق على صيغة وترتيبات الائتلاف الحكومي، وقبل الإعلان الرسمي عنه عمد نتنياهو إلى عقد اجتماع لأعضاء الكنيست من كتلة «الليكود بيتنا». وكان معروفاً أن مهمة التوصل إلى اتفاق مع لبيد وبينت قد تكون أسهل من الاتفاق مع أعضاء حزبه على توزيع المناصب. وقد توقع البعض فعلاً أن يواجه نتنياهو انتفاضة حقيقية من جانب أعضاء الليكود الطامحين الذين خابت آمالهم. فبين 20 عضواً في الكنيست لليكود هناك 18 طامحاً بمقعد وزاري في حين لا توجد لليكود سوى سبعة مقاعد.
وقال نتنياهو لرفاقه إن «الولاية المقبلة ستكون أحد أكثر الولايات تحدياً في تاريخ الدولة. وأنا لا أقول ذلك جزافاً. الأمر ليس مبالغة، إذ تواجهنا تحديات أمنية وسياسية. والأمر الأهم هو أن تتمكن هذه الحكومة من توفير الردود على التحديات التي تواجهنا». وحاول نتنياهو تفسير الضعف الذي أصابه فقال «فعلنا أفضل ما يمكننا بـ31 مقعداً لدينا، وحافظنا على الحقائب المهمة». وأشار إلى ما اعتبره إنجازاً «استعدنا حقيبة الدفاع وأبقينا لدينا حقيبة الخارجية. وحافظنا على غالبية واضحة في الحكومة وهذا ما يهمنا»، مضيفاً «أننا مشغولون بالبنود الأخيرة في الاتفاق الائتلافي كي نتمكن في الأسبوع المقبل من عرض حكومة جديدة في إسرائيل».
واعتبر نتنياهو أن المهمة الأولى التي تواجه حكومته هي «إقرار الميزانية. ميزانية تحافظ على اقتصاد إسرائيل، تواصل فعل ما فعلناه، وتحافظ على اقتصاد إسرائيل وضمان النمو الذي يضمن أماكن عمل». وقال «أنا سأدعم تماماً إقرار ميزانية مسؤولة، وسنفعل كل ما ينبغي في كل الميادين».
وقبل أن ينهي نتنياهو مهمته في «الليكود بيتنا» ونتيجة النقاشات، ظهرت أزمة اللحظة الأخيرة في الاتفاق الائتلافي. فقد تأجل التوقيع على الائتلاف بعدما تراجع نتنياهو عن منح زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت منصب نائب رئيس الحكومة. وهناك إشارات بأنه تراجع أيضاً عن منح زعيم «هناك مستقبل»، يائير لبيد المنصب ذاته أيضاً.
وكان زعيما «هناك مستقبل» و«البيت اليهودي» قد ناما على اتفاق يقضي بتسميتهما نائبين لرئيس الحكومة، لكنهما والمقربين منهما فوجئوا بعضو طاقم المفاوضات عن «الليكود بيتنا» موشي ليئون يبلغ الإذاعة الإسرائيلية أن نتنياهو لن يعين نواباً له. وعندما تأكدت طواقم المفاوضات بعد ظهر أمس من صحة المعلومة، انفجرت الأزمة الدورية. وتحدثت الصحف الإسرائيلية عن أنه إذا صحت الأنباء عن قرار نتنياهو عدم تعيين نواب له فإن هذا يحدث للمرة الأولى منذ 50 عاماً.
الخاسرون والفائزون في الاتفاق الائتلافي
قليلون كانوا المعلقين الذين اعتبروا نتنياهو فائزاً بأي معنى في المفاوضات الائتلافية. فتقريباً عجز عن الوفاء بأي من تعهداته الانتخابية في حين نال تحالف لبيد ـ بينت تقريباً كل ما طالب به. وسارع رسامو الكاريكاتير إلى توصيف وضعية نتنياهو الحالية سواء من خلال إجلاسه في كرسي أضيق من أن يسعه أو من خلال إظهاره عجوزاً بين شباب. وتقريباً لا يختلف اثنان على أن لبيد وبينت فازا في الانتخابات، وأيضاً في المفاوضات الائتلافية. فلبيد أخرج الحريديم من الحكومة وفرض تعليماً جوهرياً في المدارس الدينية وتجنيداً عسكرياً للحريديم. كما أن الرجل الثاني في قائمته، وهو من المتدينين نال وزارة التعليم، الأمر الذي أرضى «البيت اليهودي». ونال لبيد وبينت سيطرة كاملة تقريباً على وزارات الاقتصاد من المالية إلى الصناعة والتجارة وأيضاً الإسكان.
واعتبرت الصحف الإسرائيلية زعيم حزب «كديما» (نائبان) شاؤول موفاز الخاسر الأكبر في المفاوضات الائتلافية. فقد أشيع أن نتنياهو كان على استعداد لمنحه وزارة الدفاع لو أنه التحق مبكراً بالليكود ووفر لهذا التحالف فرصة عرض نفسه ككتلة تضم 33 نائباً وليس 31. ولكن موفاز آثر الانضمام إلى تحالف لبيد ـ بينت، وتلقى منهما وعوداً، ولكن نتنياهو أصر على استبعاده عن الائتلاف والحكومة. ويقال أن نتنياهو لم يغفر لموفاز تصريحه المشهور عن نتنياهو «لدينا رئيس حكومة كذاب».
عموماً نالت تشكيلة الحكومة الجديدة انتقادات واسعة في الأوساط اليسارية، وارتياحاً في أوساط اليمين الأقصى. وقالت زعيمة حركة «ميرتس» زهافا غالئون إن المستوطنين استولوا في هذه الحكومة على كل مراكز القوة الاقتصادية المركزية. وأضافت أن «إيداع وزارة الصناعة والتجارة، والإسكان ولجنة المالية بأيدي البيت اليهودي يضمن استعباد الاقتصاد كله لمواصلة تقديم الامتيازات المالية المفرطة التي يتمتع بها المستوطنون على حساب باقي المجتمع الإسرائيلي».
وقال إيتان كابل من «حزب العمل» إنه «يسري في قلبي إحساس بأنه خلف غطاء السلوفان اللامع الأمر يتعلق بحكومة ستوسع المشروع الاستيطاني من أجل أن تفرغ حل الدولتين من محتواه وتواصل الإضرار بالطبقة الوسطى».