تقرير القتل على خلفية « شرف العائلة ».. بين الدين و القانون!!

الساعة 07:40 م|14 مارس 2013

غزة - (خاص)

لا زالت العادات والتقاليد الموروثة تلعب دورا أساسيا في تعزيز وتكريس ظاهرة قتل النساء على خلفية "شرف العائلة"، بل إن التركيز على قيمتي الشرف والاحتشام تكتسب أهمية كبيرة في المجتمع العربي بشكل عام.

و يرى مختصون ان جرائم القتل على خلفية الشرف ناجمة عن سلوكيات المرأة والتي تعتبرها العائلة مشينة لسمعتها فهذه الجريمة، هي "قتل نفس بريئة (أنثى) بسبب المفاهيم الاجتماعية، التي تختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر، والتي تكرس ارتباط الشرف بالأنثى ونقاء سيرتها من أي علاقة مشتبهة وغير مشروعة بالرجل، الأمر الذي يبرر قتل الأنثى "حماية للشرف المزعوم".

مراسلة وكالة فلسطين اليوم الاخبارية سلطت الضوء على هذه القضية، محاولة استقراء رأي الدين الاسلامي و القانون في جرائم القتل على خلفية شرف العائلة.

من جهتها أوضحت المحامية، نزاريا ياسين، في المركز الفلسطيني للديمقراطية و حل النزاعات ان 'قانون 936 او ما يعرف بقانون العذر المحل والعذر المخفف يشجع على العنف ضد المرأة، الذي تتنوع اشكاله بين القتل على خلفية الشرف او الحرمان من الميراث، و غير ذلك، موضحة أن قانون العذر المخفف ستغل للافلات من جريمة 'القتل على خلفية الشرف'.

و أوضحت ياسين في حديث لوكالة فلسطين اليوم الاخبارية بأن المرحلة الراهنة تشهد تحركات لمؤسسات تعنى بالمراة و حمايتها من العنف الذي يمارس ضدها لالغاء هذا القانون و اصدار نصوص قانونية تجرم من يرتكبون مثل هذه الجرائم.

و أشارت ياسين الى ان هناك الكثير من حالات القتل ورائها دوافع اخرى كالحرمان من الميراث او التعليم او السيطرة على املاكها و ما شابه، لافتة الى انه و في كل الاحوال، فان قتل النفس البريئة حرام شرعاً، داعية لحملة توعية اعلامية و دعوية و مجتمعية للمواطنين في هذا الجانب.

و ارجعت المحامية ياسين الاسباب و الدوافع وراء ارتكاب هذه الجرائم الى:

1.     ضعف الوعي الديني لدى الجزء الأكبر من الناس حول كيفية معالجة الشريعة الإسلامية لقضايا المجتمع خاصة فيما.

2.     ترسيخ بعض العادات والتقاليد الاجتماعية الخاطئة والتي تشكل نوع من أنواع الضغط الاجتماعي على أسرة الفتاة التي تثار حولها الشكوك مما يدفع أعضاء أسرتها لقتلها استجابة لهذه الضغوط الاجتماعية.

3.     التفكك الأسرى وانعدام الرقابة والمتابعة للأبناء. فبعض الأسر لا تتابع أبنائها ولا تستمع لمشاكلهم بحيث يتورط الأبناء في الكثير من المشاكل والتي قد تصل إلى حد الانحراف دون أن يجدوا من يوجههم ولا تتذكر هذه الأسر أبنائها إلا بعد وقوع المحظور.

4.     التنشئة الاجتماعية الخاطئة والتي تركز على التمييز بين الذكور والإناث ومنذ مرحلة الطفولة حتى يكاد الاجحاف يصل الانثى وهي في رحم أمها، فيبدأ العذاب والخوف منذ هذه اللحظة.

5.     ضعف الثقة والصراحة بين الآباء وأبنائهم.

6.     عدم وجود ملاجئ خاصة للنساء اللواتي يقعن ضحايا لمثل هذه الجرائم.

7.     وجود بعض النصوص القانونية التي تخفف من العقوبة والتي يستفيد منها الشخص الجاني، وبنفس الوقت لم تمنح هذه النصوص نفس الحق للأنثى إذا ما ارتكبت هي نفس الجريمة وبنفس الظروف.

و كان الشيخ يوسف إدعيس رئيس المحكمة العليا الشرعية، و رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، اوضح اليوم الخميس موقف الشرع من جرائم الشرف في فلسطين، مؤكداً بالبينات أن هذه الجرائم تخالف الشريعة الإسلامية وأنها ظاهرة تتزايد وتستهدف نساء بريئات ولا تستند إلى البينات المذكورة في القرآن، وانها عادة جاهلية حاربها الاسلام.

وأكد أيضاً أنها ظاهرة حقيقية "أزهقت أرواح كثير من النساء العفيفات البريئات بمجرد الاتهام" موضحاً "أن الإسلام اعتبر حق الإنسان في سمعته وسلامة عرضه من القيم العليا في الحياة الإنسانية، وقد اعتبر فقهاء الإسلام أن من مقاصد الشريعة الدفاع عن العرض وحفظ النفوس، فحرم الإسلام الزنا والقذف وكل ما يخل بعرض الإنسان وشرفه، ولم يكتف الإسلام بالتحريم بل تعدى ذلك إلى التجريم، وبالمقابل اعتبر الإسلام أن للإنسان حقا في الحياة فحرم الاعتداء عليها واعتبر القتل بغير حق من الكبائر وشرع القصاص في الإسلام لرد أي شكل من أشكال الاعتداء على الحياة الإنسانية، وتوعد عليه فاعله بالغضب واللعنة لقوله تعالى : {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] وقال في آية أخرى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]".

وشدد ادعيس على أن جريمة القتل بدافع الشرف تخالف الشريعة في أمور كثيرة منها: إقامة الحد بغير بينة التي أمر بها الشرع الإسلامي لإقامة الحدود كما أن فيها القتل بغير حق ومخالفة للشريعة الإسلامية خاصة كقتل الفتاة العزباء إذا وقعت في الخطأ، بالإضافة إلى أن الحدود تنفيذها مناط بولي الأمر أو الدولة المسلمة".

و يشار الى أن عشرات النساء قتلن العام الماضي بادعاء القتل على خلفية شرف العائلة واتضح أن ادعاء الشرف كان محاولة من المجرمين للإفلات من العقاب.