مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية

تحليل « اسرائيل » والتطلع لدور اقليمي

الساعة 08:39 ص|14 مارس 2013

غزة

حرب غزة الأخيرة "عامود السحاب" يمكن أن تكون ذات دلالة مهمة على طبيعة التحولات الجارية في المنطقة، وبحسب بعض الاستراتيجيين الاسرائيليين يمكن أن ترسم صورة مبكرة لملامح الشرق الأوسط القادم. اللواء احتياط "داني روتشيلد" ورئيس مؤتمر هرتسيليا وفي صحيفة معاريف 12/آذار يقول: "ان الأطراف التي تعاونت سوياً في إنهاء الأزمة - يقصد عامود السحاب- تجسد التغيير الموضعي الذي طرأ على المنظومة السنية في المنطقة، والتي لها مصلحة أمنية في علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع اسرائيل"، ويرى أن الخطوات والاتصالات الدبلوماسية والتعاون والتنسيق الذي رافق العملية بين الولايات المتحدة، مصر، تركيا، الأردن، دول الخليج، يمكن أن تشكل نواة مثالية لخلق "شرق أوسط جديد" تسمح لإسرائيل بلعب دور اقليمي في المنطقة.

هذه التنبؤات تعيد إلى الأذهان الهدف الذي يعلن عنه الاسرائيليون من الحروب وجولات القتال التي تشن على فترات وما يسمونه "سياسة الردع" ببعدها السياسي والاستراتيجي والهادف لدفع الخصم مع مرور الوقت إلى تقبل التكيف مع الواقع القائم، وصولاً إلى تليين رؤاه، ومن ثم الانتقال إلى مربع السير في طريق التسويات السلمية، بما يمكن دولة الاحتلال من الوصول إلى أهدافها، وفي مقدمتها  تسليم الخصم بها وبوجودها كحقيقة واقعة وغير قابلة للجدل.

وطالما أن الحديث يدور عن تطلع "اسرائيل" إلى لعب دور إقليمي؛ نذكر بمقال نُشر في "هآرتس" لمحلل الصحيفة "يجوفيل درو" الذي تناول فيه ما أسماه بـ "واقع أمني مضر بإسرائيل قيد التشكل" يفرض عليها القبول بتسوية في غير صالحها، حيث أشار إلى تراجع المكانة الاستراتيجية للولايات المتحدة، وتعاظم القوى الاسلامية، ومن بين تلك المخاطر تحدث عن امكانية نشوء جبهة موحدة شمالية شرقية جنوبية، معادية لدولة الاحتلال، وتوجه فلسطيني لمحكمة الجنايات في الدولة في لاهاي، وانخفاض حاد لتأييد الولايات المتحدة. وبرأي الكاتب أن على دولة الاحتلال أن تتخذ خطوات استباقية لحرف مسارات تاريخية معادية، وان على دولة الاحتلال أن تنتهز فرصة زيارة أوباما. ومضى يقول: "ان السياسة الحكيمة والواعية تقتضي التأليف بين القيم والواقع"، من وجهة النظر الواقعية فلا يمكن التمسك بكامل الضفة الغربية، ولا يمكن أن تستمر سيطرة اسرائيل وحدها على القدس الكبرى زمناً طويلاً من غير أن تعرض نماء "اسرائيل" للخطر، الأفكار التي تفترض أن يعتاد الفلسطينيين على السيطرة الاسرائيلية أو انه يمكن حل المشكلة الفلسطينية في إطار "دولة الاردن" هي بمثابة هذيانات خطيرة لا أساس لها في الواقع.

ومضى يقول: "انشاء دولة فلسطينية حسب اقتراح ايهود أولمرت في حينه جيد لمكانة اسرائيل السياسية، لكن تصاحبه أخطار أمنية لأن احتمال عدم استقرار الدولة الفلسطينية قائم، وعدم صمود اتفاقيات السلام في حال نشوب أية مواجهة عالية قائم أيضاً، ولا أساس لأمل أن يهدئ انشاء دولة  فلسطينية الصراع في المنطقة بشكل عام. لهذا تواجه اسرائيل معضلة صعبة وعليها أن تختار بين بديلين سيئين: إما أن تحاول منع "حل الدولتين" للشعبين، وإما أن تتقدم نحو اتفاق على انشاء دولة فلسطينية مع ترتيبات أمنية برغم انه لا ينبغي الاعتماد عليها.

ويقترح الكاتب ما أسماه "بديل ثالث" يتمثل في  المزاوجة بين اتفاق مع الفلسطينيين، وتسوية شاملة في الشرق الأوسط على نحو قد يحسن مستقبل "اسرائيل" السياسي - الأمني. ويرى أن على دولة الاحتلال أن تقترح اتفاقاً بحسب الذي عرضه ايهود باراك في كامب ديفيد 2000 مع اجراء ملائمات فيقول: "ينبغي أن يعلق انشاء دولة فلسطينية بخطوات سياسية وأمنية اقليمية وعالمية تضمن أمن اسرائيل للأمد البعيد.. يشمل أمور كثيرة من بينها منع إيران من الحصول على قدرات نووية، وتعاون مع تركيا من جديد، وسلام ساحق مع مصر، وعلاقات كاملة مع أغلب الدول العربية والاسلامية، وانضمام إسرائيل لحلف شمال الاطلسي، وضمان قدرة اسرائيل العسكرية.

خلاصة القول ان اسرائيل في سياستها تبحث عن اللحظة المواتية، ليس فقط طبيعة التسوية مع الفلسطينيين، ولكن أيضاً أن تكون مشاركاً أساسياً في تصميم مستقبل المنطقة برمتها.