تقرير « متلازمة هانتر » .. مرضٌ وراثيٌ يخلّفه زواج الأقارب!

الساعة 08:27 ص|11 مارس 2013

وكالات - ميسرة شعبان

"هذا ما جناه أبي عليَّ" تلك العبارة نقرأها في أعين كثيرٍ من أطفال مشوهين بلا ذنب، أُصيبوا بأمراضٍ وراثية نتجت عن زواج الأقارب، حيث تأتي النتيجة بطفلٍ مريضٍ يعتصر قلب أبويه حزناً عليه ويقضي ما يتبقى من عمره كعالة على أهله والمجتمع.

عائلة عاشور من منطقة القرارة في مدينة خان يونس (جنوب قطاع غزة)، عصفت بها الأحزان ولم تكتمل فرحتها لإنجاب طفلها الوحيد "إبراهيم" وشقيقتين له مصابين جميعهم بمرض "متلازمة هانتر".

بصوتٍ ممزوجٍ بالبكاء تحدّثت الوالدة أم إبراهيم عاشور لوكالة "الرأي" قائلة: "زوجي ابن عمي وقد رزقنا الله بثماني أطفال (7 بنات وولد واحد)، أًصيب 3 منهم وهم إبراهيم (14 عاماً)، دنيا (9 أعوام)، لينا (7 أعوام)".

تشوّهات خلقية

وتصف أم إبراهيم التشوهات الخلقية لأطفالها بعد بلوغهم السنة من عمرهم بالقول: "لاحظت تغيير في ملامح وجه إبراهيم وبدأت رأسه تكبر وتيبس مفاصله ولا يقدر على الحركة، كما يعانى من تأخر في النطق والتبول اللاإرادي".

واستطردت: "كما لاحظت تغيير على يديه وقدميه، بينما كان يعاني من هبوط في الضغط وآلام في صدره"، الأمر الذي يحتاج إلى علاج متواصل كي تستمر حياتهم.

وبشأن متابعة حالتهم، أوضحت بأنها زارت العديد من الأطباء في قطاع غزة، الذين أكدوا أن المرض وراثي لا علاج له، حيث تم تحويل إبراهيم إلى مصر لمتابعة حالته دون فائدة فهو يحتاج لعلاج طويل باهظ الثمن.

وألمحت إلى أن العائلة لا تقدر على مصاريف العلاج ومتابعة حالتهم لحاجهم إلى رعاية خاصة فهم يتبلون لا إرادياً ويحتاجون إلى (حفاظات) باستمرار، لافتة إلى أن منزلهم عبارة عن غرفتين وصالة وأطفالها المرضى يحتاجون لغرفة خاصة نظرا لحالتهم الصحية الحرجة أمام إخوتهم الأصحاء.

ولفتت إلى أنه لا يوجد في مدينة خان يونس مراكز صحية لمتابعة حالتهم، وأنهم يجدون صعوبة في نقلهم إلى مستشفى النصر بمدينة غزة حيث كانت تتابع حالهم فيها سابقاً.

يقتلني الحزن

وبنبرة حزنٍ تحدّثت "أم إبراهيم": "يقتلني الحزن كل لحظة عندما يكبر أطفالي أمامي وهم بمعزلٌ عن العالم نتيجة إصابتهم بمرضٍ وراثي، مبديةً حزنها لمرض ابنها الوحيد"، وأضافت: "أحضن ولدي كثيراً ليشعر بالأمان، وتظل دموعي رفيقتي طوال السنين، وأنا أعلم أنه لن يشفى من هذا المرض".

وأعربت عن ألمها بشفاء أبنائها قائلةً: "عندما يأخذ ولدي العلاج أشعر به وهو يتألم، ولا أستطيع تخفيف معاناته"، داعيةً الله أن يلهمها الصبر على تربية أبنائها ورعايتهم صحياً ونفسياً.

وختمت "أم إبراهيم" حديثها لــ"الرأي" بإطلاق مناشدة للحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية والجهات المعنية لمساعدتها في تقديم العلاج والرعاية اللائقة لأطفالها بسبب إصابتهم بالمرض الوراثي المذكور.

تعقيب الأطباء

من جهتها، أوضحت د. شيرين عابد مختصة في الهندسة الوراثية بمستشفى النصر للأطفال أن هناك 14 طفلاً مصابون بمرض متلازمة "هانتر" أو "هانتر سيندروم hunter syndrome.

وأكدت د. عابد لوكالة "الرأي" بأنه يصعب اكتشاف هذا المرض داخل الأراضي الفلسطينية نظرا لعدم وجود أجهزة طبية مختصة لعلاج هذا المرض، لافتة إلى أن هذا العلاج لا يتوفر في غزة ولا الضفة الغربية وإنما في (إسرائيل).

وأشارت إلى أن هذا المرض لا يوجد له علاج جذري في العالم ككل، منوهة بأن بعض الحالات يتم علاجه بالأنزيم وتكلفته عالية جداً تصل إلى (130 ألف دولار)، ويصعب على وزارة الصحة توفيره.

وحول طبيعة المرض، قالت د.عابد: "هو مرض وراثي فتاك، يصيب الأطفال من الذكور غالباً، ناتج عن خلل في قدرة الجسم على التخلص من عديدات السكريات المخاطية التي تتراكم حول خلايا الجسم بصورة واضحة وله عدة أعراض واضحة".

أعراض المرض

وحول الأعراض، أوضحت أن المرض يؤدي إلى تضخم في الأعضاء الكبد والطحال، ويؤدي إلى تأخر في القدرة العقلية وتتدهور خلالها الحالة الصحية للمريض.

ولفتت إلى أن الطفل المريض يفقد النطق والسمع والبصر، ثم يصاب بشلل كلي ينتهي بالموت، مبينةً أن "متلازمة هانتر" تكرر 25% في كل حمل وهو في بطن أمه، ما عدا مرض هانتر نفسه الذي يصيب الذكور.

وأردفت "هانتر" يسبب غرابة في ملامح الوجه وعدم قدرة بعض أعضاء الجسم على تأدية وظائفها، وهو أحد الأمراض المخفية التي تصيب الأطفال ويموتون بسببها بعد معاناة شديدة".

وبشأن تعامل مستشفى النصر للأطفال المرضى بـ"متلازمة هانتر"، أفادت د. عابد بأنه يتم إجراء علاجات عرضية ومساعدات اجتماعية فقط من خلال كتابة تقارير للشؤون الاجتماعية لمساعدتهم.

وأشارت إلى أن هناك حالات أخرى غير معروفة وأن بعض المؤسسات تتعامل مع المرض كأنه تخلف عقلي دون تشخيص المرض.

وبينت د. عابد أن العلاج الجذري للمرض هو الابتعاد عن زواج الأقارب حيث هناك 1-3% من الأطفال الذين يصابون بأمراض وراثية.