تقرير الجراد.. النقمة عندما تصبح نعمة

الساعة 11:33 ص|10 مارس 2013

وكالات


بخلاف المواطنين الذين أبدوا انزعاجًا من أسراب الجراد التي دخلت إسرائيل الثلاثاء الماضي قادمة من مصر، أبدى موشيه باسون، كبير الطهاة في مطعم "كوشر" (طعام حلال وفقًا للشريعة اليهودية) سعادة بها، وفق تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية مؤخرًا.

الإسرائيلي باسون، الذي كان يعتمد على مُورِّد للجراد من أجل أطباقه الخاصة، ينتظر الحصول على كمية كبيرة من الأسراب التي دخلت إسرائيل، ليعلن بذلك عن فائدة غذائية لهذه الحشرة التي تهدد المحاصيل الزراعية سنويًا بدول منطقة الشرق الأوسط.

وينتمي الجراد الذي يهدد هذه المنطقة إلى نوعية تسمى بـ "الجراد الصحراوي"، وهو أخطر أنواع الجراد، وذلك لقدرته التدميرية الواسعة.

ووفقًا لتصريحات خبراء زراعيين لمراسل وكالة الأناضول للأنباء، يلتهم سرب الجراد (مكون من حوالي 50 مليون حشرة) في الكيلومتر مربع الواحد حوالي 100 ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة، حيث تأكل الجرادة الواحدة من 1,5 إلى 3 جرامات.

وينتمي لصنف "الجراد الصحراوي" عدة أنواع هي، الجراد الأفريقي، الشرقي، الأحمر، البني، الأسترالي، المغربي، وأخيرا جراد الأشجار، ويوجد في المجمل حوالي 18 ألف نوع من الجراد، كما ذكرت – أيضًا – صفحة "الجراد" بموسوعة ويكيبديا.

ويعزى لنوعية الجراد الإفريقي، الضجة التي أثيرت مؤخرا حول أخطار حشرة الجراد، بعد أن هدد الزراعات في السودان وانتقل منها إلى مصر، ثم إسرائيل، وهو ما جعل أهالي قرية "الدبة" بالولاية الشمالية بالسودان يقيمون صلاة تضرع يوم الجمعة الماضي، لدحر الجراد المنتشر بالمحلية منذ الرابع عشر من الشهر الماضي.

ويقول نادر نور الدين الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة في تصريحات لمراسل الأناضول، إن هذا النوع من الجراد يتوالد في أريتريا، ويبدأ رحلته بمنطقة القرن الأفريقي في الجنوب الشرقي لقارة أفريقيا مرورا بالسودان، ثم يدخل مصر بدءًا من حلايب وشلاتين بالجنوب، ثم مرسى علم والغردقة ورأس غارب (جنوب شرق) والسويس (شرق)، ثم يعبر هناك إلى سيناء ومنها إلى السعودية وإسرائيل.

وتتميز الجرادة بسرعتها الشديدة، والتي تمكنها من القفز إلى 20 مرة أطول من جسمها، وهي السرعة، التي تبلغ وفق نور الدين، من 16 إلى 20 كيلومتراً في الساعة، كما أنها تتناسل بكثرة حيث تضع الأنثى من 95 إلى 158 بيضة في المرة الواحدة ولثلاث مرات على الأقل في حياتها.

وكما أن الأمطار نعمة عندما تكون في الحدود المتاحة التي تسمح بالاستفادة بها، ونقمة عندما تتحول إلى سيول، فإن هذه الصفات المميزة للجراد تجعله نقمة في التدمير عندما يهجم بأعداد كبيرة على بقة زراعية وينتقل بسرعته إلى أخرى، لكنه يكون في الوقت ذاته نعمة إذا كان في الحدود التي تسمح باصطياده وتحويله إلى غذاء.

وحملت السيرة النبوية والقرآن الكريم إشارة لوجهي " النقمة والنعمة " في الجراد، وجاءت النقمة بقوله تعالى عن آل فرعون في موقف من مواقف عنادهم وكفرهم وإنكارهم قدرة الله ﴿وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدَّم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قومًا مجرمين﴾.

بينما حملت السنة النبوية وجه "النعمة" في الجراد، بقوله صلى الله عله وسلم: "أحلت لكم ميتتان ودمان"، والميتتان هما الجراد والسمك، أما الدمان فهما الكبد والطحال.

وكشف العلم الحديث عن الفوائد الغذائية للجراد، حيث يحتوي ، وفق الخبير الزراعي نادر نور الدين، على نسبة عالية من البروتين تصل إلى 67%، وهي نسبة أعلى من بروتين الأبقار الذي يصل إلى 25%.

وفي كتابه "التاريخ" في الجزء الخامس المخصص لليبيا وقبائلها وعاداتها وتقاليدها ذكر المؤرخ الإغريقي هيريدوت أن الليبيين القدماء إذا هجم عليهم الجراد كانوا يقومون بقتلة من أجل أكله، وذلك بفصل الرأس والأجنحة والأرجل ثم يشمس حتى يجف وأخيرا يتم بشرة على حليب الأبقار أو الماعز.

ولا زال بعض مواطني الدول العربية - ومنها اليمن والسعودية - يحتفلون بقدوم الجراد وينظمون رحلات خاصة لصيده من أجل تناول لحمه الذي يصفونه بأنه اشهى من "الجمبري".